خلال ساعات قليلة ينتظر العالم لحظة مشاهدة تعامد الشمس على «قدس أقداس» في معبد الكرنك بالأقصر

  • 12/20/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

خلال ساعات قليله ، يشهد معبد الكرنك الفرعوني الشهير بمدينة الأقصر في صعيد مصر قبل ثلاثة آلاف عام، تحي الأقصر مع شروق شمس جديد بالاحتفال بتعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون وسط معبد الكرنك حيث جرى الاحتفال بتعامد الشمس الذي استمر لقرابة 20 دقيقة وسط المئات من السائحين الأجانب والمصريين. وكما يوافق الخميس 21ديسمبر ، موسم “الانقلاب الشتوي” حيث ينمو فيه محصولي القمح والشعير، وهو اليوم الذي يوافق يوم ميلاد إله الشمس الأكبر آمون رع عند القدماء المصريين. واستطاع المصريون القدماء من خلال تميزهم في الدراسات الفلكية والحسابات الكونية وتفردهم في العمارة والفنون أن يصمموا مجموعة معابد الكرنك بحيث تتعامد شمس هذا اليوم على أقدس مكان فيه والمسمى بقدس الأقداس، والذي له أهميته القصوى عند قدماء المصريين فلم يكن مسموحا بدخوله إلا لكبير الكهنة حتى الملك لم يكن له حق دخوله إلا في الأعياد فقط لإطلاق البخور وتقديم القرابين. تتمثل المعجزة في أن الشعاع لا يسقط على قدس الأقداس فحسب بل يسقط على القاعدة التي كان يوضع عليها المركب المقدس للإله آمون ومقدمتها على هيئة رأس كبش والعجيب أن هذه الظاهرة تستمر لمده 3 أيام. لم تتوقف عبقرية المصري القديم عند هذا الحد بل امتدت إلى تعامد الشمس على المعبد مرة أخرى، وإن كانت أعلى قليلا لكنها على نفس المحور في مناسبة لها أهميتها الخاصة عند المصري القديم وهى عيد الوادي الجميل الذي يوافق 21 يونيو من كل عام والذي تنتقل فيه الزوارق المقدسة لثالوث طيبة المعظم “آمون وموت وخونسو” إلى البر الغربي لزيارة المعابد الجنائزية ويحتفل فيه المصريون بزيارة مقابر أمواتهم ويذهبوا في احتفالات كبيرة بعد موسم الحصاد حاملين كل ما تجود به النفس لتقديمها كـ “قرابين” وكانت هذه الاحتفالات تستمر لمدة 10 أيام. قال محمد سيد بدر محافظ الأقصر ، أن المحافظة وضعت كافة إمكاناتها من أجل الاحتفال بهذه المناسبة التي تمثل تفردا للمصري القديم وتقدمه في العلوم الفلكية والحسابات الكونية في وقت كان العالم كله بعيد عن تلك الحسابات الدقيقة  أو الفنون والعمارة التي تجلت فيها عبقرية قدماء المصريين. وتابع بدر ، “من أجل ذلك فإن المقصود أن نقول للعالم كله أن الحضارة المصرية تزخر بالمعجزات وأنها لا تزال سجلا حافلا لأعظم حضارة عرفها الإنسان وأن احتفالنا برصد الظاهرة ليس المقصود منها الاحتفال فقط ولكن لنرسل للعالم كله رسالة نؤكد فيها أن الأقصر هي بلد الأمن والأمان وأنها بعيدة كل البعد عن أي مهاترات”. وأضاف محافظ الأقصر أن المناسبة ضخمة بكل المقاييس وتؤكد ريادة قدماء المصريين لعلم الفلك وتفوقهم فيه وفى غيره من مناحي العلوم  واستغلالهم ذلك في تشييد معابدهم، وأنه لجدير بأن يعرف العالم كله ذلك التفرد وكان لزاما علينا نحن المصريين استغلال هذه العبقرية التي تذهل العالم كله في عمليات جذب سياحي أكبر لمصر للتعرف على هذه العبقرية وما خلفته من آثار عظيمه لا مثيل لها. وأضاف أن المحافظة بدأت في الاحتفال بهذه المناسبة لأول مرة منذ 6 سنوات ولكن نتمنى أن نبدأ من الآن الإعداد الجدي في تسويقها للسنوات القادمة بحيث تنال هذه المناسبة بالغة الدقة اهتمام أجهزة الدولة بالكامل سواء وزارة السياحة والهيئة العامة للتنشيط السياحي ومكاتبنا في الخارج في التسويق الجدي لها بعد أن حالت الظرف السابقة دون التسويق لها علي النحو الذي يليق بها ونأمل أنه في مثل هذا التوقيت من العام المقبل أن يكون هناك سياح قادمون لحضور هذه الواقعة في المقام الأول. وتابع: “نحن هذا العام قمنا بدعوة الوكالات العالمية لحضور الاحتفالية بعد أن وضعناها على أجندة مصر السياحية ونأمل أن تساعد معنا هذه الوكالات بجانب الإعلام المحلي في وضع هذه الواقعة التي تبهر العالم كله علي أجندة الشركات السياحية و منظمي البرامج وأصحاب الشركات للتسويق لها أسوة بظاهرة تعامد الشمس علي أبو سمبل، خاصة وأن مجموعة معابد الكرنك تمثل أكبر أثر ديني في العالم القديم كله وهو الأثر الوحيد أيضا الذي يسجل لحقبة زمنية كبيرة تزيد عن 3  آلاف عام عندما حرص ملوك وأمراء مصر طوال هذه الفترة على تشييد مسلاتهم ومقصوراتهم وتاريخ حياتهم على جدران المعابد للتقرب إلى الإله. وأشار الأثري الدكتور منصور بريك مدير عام آثار الأقصر الأسبق، والذي كان أول من دعا للاحتفال بهذه الظاهرة، إن الظاهرة رصدها الأثريون الفرنسيون نيكولا جريمال ولوك جافلود وهما من علماء المصريات الذين عملوا لسنوات في معابد الكرنك ضمن فريق العمل الخاص بالبعثة الفرنسية العاملة بمجموعه معابد الكرنك وهذه الظاهرة تجلت في ربط المصري القديم العمارة بالفلك عند تشييد هذا المعبد الضخم. وأضاف بريك : أن “فترة الانقلاب الشتوي تتوافق مع عيد ميلاد الإله (رع الكبير) اله الشمس في مصر الفرعونية إلى جانب انه يتطابق مع بداية نمو محصولين رئيسيين لازمين لإقامة أي حضارة وهما القمح و الشعير، وبلغت عبقرية المصري القديم مداها يوم أن شيد هذا المحور ليستقبل ضوء الشمس عندما صمم نافذة كبيره من الجهة الشرقية لتستقبل شروق الشمس في هذا اليوم على المركب المقدس ثم تستمر في إنارة المحور الرئيسي حتى تشرق بين برجي الصرح الأول للمعبد لتشكل العلامة المصرية  (آخت) التي تعنى الأفق بمعنى أفق ظهور الشمس. وأوضح بريك :أن “الدلائل على اهتمام الفراعنة بالشمس وشروقها وبراعتهم في التقويم كثيرة وأن المناطق الأثرية المصرية تحوي العديد من المعالم الأثرية التي تؤكد تقدم قدماء المصريين في مجال علوم الفلك، مثل منطقة (وادى نبقة) الواقعة جنوب غرب  أبو سمبل وذات القيمة الفلكية الكبيرة والذي عثر فيها على أول بوصلة حجرية وأقدم ساعة حجرية تحدد اتجاهات السفر وموعد سقوط المطر ويرجع تاريخهما إلى 8 آلاف سنة. وهو أقدم دليل تاريخي حدد بدايات السنة والانقلاب الشمسي والاتجاهات الأربعة وهو من أعظم الاكتشافات الفلكية فى مصر والعالم وهو كشف يبين اهتمام المصري القديم منذ عصور ما قبل التاريخ ويؤكد امتلاك المصريين القدماء لفنون وعلوم وأسرار الفلك باقتدار. الجدير بالذكر أن مجموعه معابد الكرنك الستة هي: آمون وموت وخونسو وبتاح  واوزوريس وأوبيت ومقامه على 220 فدانا، وهى عبارة عن مجمع مقدس يتوسطه معبد آمون رع الإله الرئيسي للإمبراطورية المصرية من بداية عصر الدولة الحديثة وتم ربط آمون بإله الشمس (رع). وتم تشييد المعبد على محورين المحور الرئيسي فيهما غرب شرق ويتكون من الصرح الأول حتى الصرح السادس لارتباط آمون بإله الشمس من جهة وبنهر النيل الذي كان ولا يزال يمثل شريان الحياة في مصر. المحور الثاني فهو المحور الشمالي الجنوبي ويتكون من 4 صروح من السادس إلى العاشر، كما يرتبط المعبد بعيدين مقدسين هما عيد الأوبيت الذي كان يحدث في الشهر الثاني من موسم الفيضان ثم عيد الوادي الجميل والذي كان يتم في الشهر الثاني من الحصاد.

مشاركة :