نيويورك - وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء تحذيرا شديد اللهجة إلى الدول التي يفترض أن تصوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، متوعدا بأن يوقف عنها التمويل الأميركي. وقالت ترامب في البيت الأبيض "إننا نراقب هذا التصويت"، منددا بـ"كل تلك الدول التي تأخذ مالنا ثم تصوت ضدنا في مجلس الأمن". وكانت واشنطن استخدمت الاثنين في مجلس الأمن الدولي حق النقض (الفيتو) ضد ادانة القرار الذي اتخذه ترامب في السادس من ديسمبر/كانون الأول وأثار استياء دوليا وغضبا في العالمين العربي والاسلامي، لكن ذلك لم يجنبها فشلا دبلوماسيا تجلى في تأييد سائر أعضاء مجلس الأمن الـ14 للإدانة بمن فيهم حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيون. ومن المقرر أن تصوت الجمعية العامة التي تضم 193 دولة عضوا على قرار مماثل الخميس اعتبارا من الساعة 15.00 بتوقيت غرينيتش، لكن قرارات الجمعية ليس لها طابع ملزم وليس من حق أي من أعضائها اللجوء إلى الفيتو. ويأمل العديد من السفراء بنتيجة كبيرة تراوح بين 165 و190 صوتا مؤيدا. وقال أحدهم رافضا كشف هويته "إذا كانت النتيجة 130 فهذا سيء". والاثنين، اعتبرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أن تصويت مجلس الأمن هو بمثابة "إهانة لن ننساها". واتخذت الثلاثاء موقفا أكثر تشددا حيال التصويت المرتقب في الجمعية العامة وكتبت في رسائل لأعضاء الأمم المتحدة أن "الرئيس (دونالد ترامب) سيراقب عن كثب هذا التصويت وقد طلب أن ابلغه بأسماء الدول التي ستصوت ضدنا". وفي الوقت نفسه غردت هايلي عبر تويتر "في الأمم المتحدة، يطلبون منا دائما أن نبذل جهدا أكبر وأن نعطي أكثر ونحن لا نتوقع أن يستهدفنا من نقوم بمساعدتهم"، مؤكدة أن "الولايات المتحدة ستسجل أسماء" من سيصوتون ضدها. لكن هذه المواقف الأميركية أثارت امتعاض عدد من الدبلوماسيين في الأمم المتحدة. وقال سفير دول اسيوية لم يشأ كشف هويته "لا تسير الأمور بهذا النحو، نحن نصوت على مبادئ". وعلق نظير له من أميركا اللاتينية قائلا "لا يمكننا أن نتخذ موقفا ثابتا طوال أعوام ثم نغيره فجأة". واعتبر سفير ثالث من أوروبا أنه عبر هذه الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة فإن "نحو عشرة بلدان قد تمتنع وتقرر عدم التصويت". والأربعاء، ندد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي من اسطنبول والذي سيحضر التصويت في الجمعية العامة بما اعتبره تهديدات وعمليات ترهيب تمارسها واشنطن. وقال نظيره التركي مولود تشاوش اوغلو "العالم تغير. إن منطق أنا قوي إذن أنا على حق تغير. إن العالم يتمرد على الظلم. إن أي دولة لها كرامتها وتحترم نفسها لن ترضخ لهذا النوع من الضغوط". وتركيا حليفة للولايات المتحدة في حلف شمال الاطلسي. ويشدد القرار الذي ستصوت عليه الجمعية العامة وطرحه اليمن وتركيا على أن أي قرار حول وضع القدس "لا قوة قانونية له ويعتبر باطلا وينبغي رفضه"، مذكرا بكل القرارات التي تبنتها الأمم المتحدة ضد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومؤكدا وجوب أن يحدد وضع القدس في اطار اتفاق سلام نهائي بين اسرائيل والفلسطينيين. ولاحظ دبلوماسي أنه عبر عمليتي تصويت في مجلس الأمن والجمعية العامة، يحاول الفلسطينيون التأثير في أي خطة سلام مقبلة رغم أن صدقية الولايات المتحدة كوسيط محايد في هذه العملية تأثرت إلى حد بعيد. واحتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967، وأعلنتها عاصمتها الأبدية والموحدة في 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة. ويرغب الفلسطينيون في جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة. ويشكل وضع القدس احدى أكبر القضايا الشائكة في النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين.
مشاركة :