في ظل الغموض الذي يكتنف التعامل مع قطر بشأن مكافحة تمويل الإرهاب، طالب نواب في الكونغرس الأميركي من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي إدارة الرئيس دونالد ترامب، بأن تصبح أكثر صرامة مع الدوحة. أدى الافتقار للشفافية إلى تصعيد مطالب النواب، بأن تصبح إدارة ترامب أكثر صرامة مع قطر بشأن مكافحة تمويل الإرهاب. وفي تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، للكاتب والمحلل جوش روجين، على موقعها الإلكتروني، أمس، قال إنه في يوليو الماضي، سافر وزير الخارجية ريكس تيلرسون إلى الدوحة ووقع اتفاقاً مع نظيره القطري للعمل معاً على مكافحة تمويل الإرهاب. وأشار إلى أنه بعد مرور ستة أشهر، شكك أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين في هذا الاتفاق، ويعزى ذلك أساساً إلى أن وزارة الخارجية «أبقته سرياً». وفي تطور آخر، أصبحت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، المدافع الرئيس عن مذكرة التفاهم بين الولايات المتحدة وقطر، على الرغم من أنها لا تتفق مع تيلرسون بشأن كيفية التعامل مع قطر بشكل عام. ووفقاً للكاتب، أدى الافتقار للشفافية إلى تصعيد مطالب النواب بأن تصبح إدارة ترامب أكثر صرامة مع قطر بشأن مكافحة تمويل الإرهاب، ما يضع كلاً من تيلرسون وهالي في موقف غير مريح للدفاع عن التقدم القطري. وفي السياق، كتب مجموعة من النواب بقيادة النائب الجمهوري عن ولاية إنديانا جيم بانكس، في رسالة إلى تيلرسون في 14 ديسمبر الجاري، أن «للشعب الأميركي الحق في معرفة الخطوات التي تتخذها حكومة قطر لردع الإرهاب». وأضافت الرسالة «قرار تصنيف الوثيقة (سرية)، بينما الثناء علناً على التقدم الذي أحرزته قطر نحو الحفاظ على محتوياتها يجعل من المستحيل على العامة الحكم على امتثال قطر». وبعد أربعة أشهر من الطلبات، سمحت وزارة الخارجية لنواب بالاطلاع على مذكرة التفاهم مرة واحدة الشهر الماضي، ولكن لبضع ساعات فقط في قسم المعلومات المقسمة الحساسة داخل مكتب رئيس مجلس النواب، الجمهوري بول ريان، وقال النواب إن الوثيقة لا يبدو أنها تحتوي على معلومات سرية أو حساسة. وقال أحد المشرعين الذين اطلعوا على مذكرة التفاهم، للكاتب، إنه لم تكن هناك علامات سرية على الوثيقة على الإطلاق، وهذا يعني أن مذكرة التفاهم قد لا تصنف فعلاً سرية، على الرغم من أن أعضاء الكونغرس غير مسموح لهم بحيازتها. وأوضح النائب الديمقراطي جوش جوتهيمير، الذي اطلع على مذكرة التفاهم، أن قلقه لا يرتبط فقط بمجرد السرية، لأن الوثيقة لا تحدد ما سيحدث لقطر إذا لم تحرز تقدماً في مكافحة تمويل الإرهاب. وأضاف: «أريد أن أرى المزيد من الخطوات الملموسة بشأن خطط الإدارة لتطبيقها، لم يكن هناك ما يكفي من التفاصيل والأسنان (الحزم)، وزارة الخزانة لم تكن قوية بما فيه الكفاية». وفي السياق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية، إن مذكرة التفاهم لا يمكن نشرها لأنها تحتوي على معلومات سرية عن الحكومات الأجنبية وعمليات الاستخبارات. وأشار المتحدث إلى أن الوثيقة مذكرة تفاهم سياسية غير ملزمة ولا تتضمن آليات إنفاذ ملزمة قانوناً، ولكنها تتضمن التزامات سياسية من جانب قطر. وأضاف المتحدث أن «قطر حققت تقدماً كبيراً حتى الآن في تنفيذ مذكرة التفاهم، وهناك دلائل على أن قطر ستواصل الوفاء بالتزاماتها». وكان تيلرسون تفاوض على المذكرة مع قطر بعد أن قطعت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب السعودية والإمارات ومصر والبحرين علاقتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الدوحة لدعمها الإرهاب. وأيد الرئيس ترامب السعودية بأن قطر تمول مجموعات إرهابية، إلا أن تيلرسون ووزارة الخارجية تبنيا موقفاً محايداً وحاولا، دون جدوى حتى الآن، التوصل إلى تسوية. بدورها دافعت هالي بقوة عن مذكرة التفاهم بين الولايات المتحدة وقطر في رسالة مؤرخة في السابع مع ديسمبر إلى الكونغرس، وقالت إن القطريين قد أحرزوا تقدماً في مجال أمن الطيران والتحقيقات المتعلقة بالإرهاب المالي وفحص الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية. وأضافت هالي: «في حين أن التقدم مشجع، يجب علينا أن نطالب بالمزيد، ولا يجوز السماح لأي دولة، بما في ذلك قطر، بدعم أي كيان إرهابي دون عواقب». وقال مسؤول أميركي إنه على الرغم من أن هالي تدعم مذكرة التفاهم، لكنها لا تتفق مع تيلرسون بشأن مدى صرامة التعامل مع قطر بشكل عام. في المقابل، يحاول تيلرسون الحفاظ على دور الوسيط النزيه في أزمة قطر الحالية، ويتفق معه وزير الدفاع جيمس ماتيس على هذا النهج. غير أن هالي ومستشار الأمن القومي الجنيرال هربرت ماكماستر وكبير المستشارين جاريد كوشنر وترامب كلهم يميلون لنهج أكثر صرامة مع قطر، وفقاً للكاتب. والارتباك حول مذكرة التفاهم وحول سياسة الإدارة تجاه قطر كلها تنبع من هذا الانفصال بالأساس في قمة الإدارة، وسياسة الإدارة في قطر لا تعاني انعدام الشفافية فحسب، بل أيضاً الأهم من ذلك عدم التماسك.
مشاركة :