تعد الأسعار الفلكية والإيجارات التصاعدية نتائج طبيعية للممارسات الاحتكارية والصفقات الوهمية لقطاع يتسم بالعشوائية والغياب التام للمرجعية التي تنظم علاقات الأطراف وتضمن حقوقهم وتساهم في تنمية هذا القطاع المؤثر في الاقتصاد الوطني. لقد ظل القطاع العقاري وما زال يفتقد إلى القوانين التي تنظم العلاقة بين جميع أطراف المعادلة العقارية في إطار تشريعي يحمي حقوق الجميع، ويحفز على توفير خدمات وبرامج عقارية متنوعة تستقطب الاستثمار بما يعود بالفائدة على المجتمع، مما ساهم في أن أصبح سوق العقار مجالاً خصباً لجرائم النصب والاحتيال ومرتعاً لعديد من المخالفات العقارية. كما أن هذا القطاع الحيوي يفتقد إلى المظلة التنظيمية التي تؤطر حدوده وتنظم عملياته وتحفظ حقوق أطرافه لتكون مرجعية واضحة لكل العلاقات والأعمال ذات العلاقة بالثروة العقارية، وتضطلع بجملة من المهام، منها اقتراح التشريعات العقارية المناسبة التي تضمن عدم تلاعب المضاربين والمتطفلين وعديمي الخبرة بهذا القطاع، وتضمن تداول المعلومات عما يجري فيه من صفقات بشفافية ووضوح، وتنهي ما يمكن تسميته بسوء الإدارة لهذا القطاع، الذي نتج عنه تفريط في الحفاظ على سلامة الملكية العامة للعقارات بالتزامن مع إحجام غير مبرر لتطوير أرضٍ خام لتحفظ توازن معادلة العرض والطلب في السوق، حتى أضحت معه إمكانية الحصول على أرض في هذا البلد الشاسع ضرباً من ضروب الخيال ليس للمواطن فحسب، بل للجهات الحكومية كذلك!
مشاركة :