متحف شهداء القرين شاهد حي على ملحمة الدفاع عن الكويت

  • 12/22/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الكويت: الحسيني البجلاتي بينما كان العالم يتأهب لبدء معركة تحرير الكويت من براثن الجيش الصدامي، الذي احتلها لمدة سبعة أشهر، شهدت منطقة «القرين» في 24 فبراير/‏شباط 1991 ملحمة وطنية قادها 19 شاباً كويتياً ينتمون إلى مجموعة «المسيلة» المقاومة؛ حيث استبسلوا في معركة «غير متكافئة» دفاعاً عن بلدهم، فاستشهد منهم 13 شخصاً وأُسر9، وقدموا مثالاً للوحدة الوطنية ولدور الشعب الكويتي في مقاومة المحتل، وتحول بيت القرين في عام 2003 بأمر من أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح إلى متحف وطني يتبع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب؛ ليكون صرحاً للأجيال القادمة؛ لتتعرف إلى التضحيات التي قدمها أبناء الكويت في ظل ظروف الغزو والاحتلال.بدأت أحداث المعركة في صباح يوم 24 فبراير/‏ شباط 1991، عندما طرقت مجموعة من الجيش العراقي والاستخبارات العراقية باب بيت القرين بغرض تفتيشه أو سرقة محتوياته، وعندما لم يستجب أي أحد للطرق، قفز أحد الجنود فوق سوق سور المنزل محاولاً الدخول، فقام أحد أفراد «مجموعة المسيلة» الذين يتواجدون في المنزل بإطلاق النار على الجندي، وكان في المنزل 19 شخصاً من المجموعة من أصل 31 شخصاً، فحاصر الجيش العراقي المنزل، وفتح النار على أفراد المقاومة، وكان الجيش العراقي مدعوماً بالدبابات، وقذائف «آر بي جي»، مقابل تسليح خفيف لمجموعة المسيلة، ومع هذا استمرت المعركة حتى السادسة مساء، وانتهت باستشهاد 13 من أفراد المقاومة، وأسر 9 آخرين وجدت جثثهم ملقاة في أماكن متفرقة بعد تعذيبهم، واستطاع 7 من أفراد المجموعة النجاة، ويروي حازم جابر صالح أحد الأبطال الذين شاركوا في معركة القرين جانباً من تفاصيلها موضحًا أنه «في 24 فبراير/‏ شباط 1991 ومع قرب الهجوم البري لقوات التحالف انقطعت الكهرباء في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، وكنا نستعد للانتقال إلى الخط الساحلي للفحيحيل والفنطاس؛ إذ كانت هناك معلومات عن قرب حدوث إنزال بحري بالتنسيق بين مجموعتين للمقاومة، هما: مجموعة المسيلة: ومجموعة غرب الفنطاس». ويكمل صالح: «في الساعة الثامنة من صباح ذلك اليوم بدأت القوات العراقية باعتقال شباب الكويت من المنازل؛ لاستخدامهم كدروع بشرية وأسرى حرب، وحين أعلن عن الهجوم البري كانت الفرحة كبيرة فجاء اليوم الذي نؤدي فيه الدور في كشف مواقع العدو وأماكن تمركزه من أجل تسهيل عمليات الهجوم البري، ومهاجمة القوات العراقية التي بدأت بالانسحاب». وأضاف: «كان الاتفاق أن نرتدي زياً خاصاً بالمقاومة كتب عليه من الأمام «مجموعة المسيلة» ومن الخلف «قوة الكويت» حتى تستطيع قوات التحالف تمييزنا، وخلال هذه الأثناء وصلت سيارة استخبارات عراقية كانت تجوب المنطقة بحثاً عن الشباب الكويتي تتبعها حافلة صغيرة يتواجد بداخلها عدد من الجنود، وتوقفت أمام منزل القيادة في القرين، وهو بيت الشهيد بدر ناصر العيدان، وترجل أحد الجنود العراقيين وطرق الباب فلم يستجب له أحد فأمر الضابط أحد الجنود بالقفز من فوق سور المنزل».وأشار صالح إلى أنه: «في هذه الأثناء كان قائد المجموعة سيد هادي العلوي يراقب المنزل من الداخل، فأدرك العراقيون أن البيت يؤوي مجموعة من الشباب الكويتي، فتمت محاصرة البيت حتى الساعة الثانية بعد الظهر، فكنا في موقف حرج إما الاستسلام وإما الرضوخ للأسر أوالإعدام أو الدفاع عن الوطن».وقال صالح: إن هادي بادر بإطلاق النار على الجندي العراقي، واستمر تبادل إطلاق النار من الساعة الثانية إلى الساعة السادسة مساء، وخلال هذه الأثناء استعان الجنود العراقيون بالدبابات والمدفعية وقوات الحرس الجمهوري العراقي فتمت محاصرة المنزل من جميع الاتجاهات، وطلب هادي من المقاومين الانتشار في جميع أنحاء المنزل والمنازل المجاورة لتشتيت وتفريق قوة العدو «وخلال هذه الساعات كانت تنهمر علينا قذائف من المدافع والدبابات، في حين كنا نستخدم سلاحاً خفيفاً مقارنة بسلاح وتجهيزات الجيش العراقي، وانتهت المعركة باستشهاد قائد المجموعة هادي ويوسف خضير علي وعامر فرج العنزي، وأسر بقية أفرادها وهم: جاسم محمد علي، ومبارك علي صفر، وإبراهيم علي صفر، وعبد الله عبد النبي مندني، وخليل خيرالله البلوشي، وخالد أحمد الكندري، وحسين علي رضا، ومحمد عثمان الشايع، وبدر ناصر العيدان؛ حيث تم إعدامهم في "مخفر صباح السالم"، وألقيت جثثهم في منطقة قسائم القرين». وعن الناجين من المعركة، قال صالح: إن الله اختار الشهادة لاثني عشر مقاوماً، وكتب النجاة لمن تمكن من الخروج إلى المنازل المجاورة في الساعات الأولى من المعركة، أو الذين لم يتمكن الغزاة من العثور عليهم بين حطام المنزل؛ بسبب الظلام الدامس بعد انقطاع التيار الكهربائي، وأشار إلى أن الناجين إضافة إليه، هم: سامي سيد هادي العلوي، ومحمد يوسف كريم، وجمال إبراهيم البناي، وطلال سلطان الهزاع، ومشعل المطيري، وبدر السويدان، وأحمد جابر صالح. وأثناء زيارته المتحف في 14 إبريل 1994، قال قائد قوات التحالف الدولي لتحرير الكويت نورمان شوارزكوف: إن «وجودي في هذا السكن يجعلني أتمنى لو قدّمنا مجيئنا (أي الهجوم) أربعة أيام، ولو فعلنا ذلك فربما لم يكن لهذه المأساة أن تقع». مقتنيات يضم متحف القرين ثلاثة منازل، الأول الإدارة وقاعة كبار الزوار، والثاني منزل الشهيد بدر العيدان؛ حيث المعركة بكل صور البطولة والاستشهاد والمقاومة، بينما يضم المنزل الثالث قاعة للسينما ومعرضاً للصور والمكتبة.المدخل الرئيسي للزوار يبدأ من منزل الشهيد بدر ناصر العيدان؛ نظراً لتعرضه لقصف شديد من الدبابات العراقية، كما يحتوي المدخل على شروح خاصة بأماكن استشهاد قائد المجموعة وأحد أفرادها في المنزل نفسه، وخُصصت القاعة رقم (1) لعرض صور الشهداء والتعريف بشخصياتهم، إضافة إلى إبراز المقتنيات الخاصة التي تشتمل على مجموعة من الأسلحة التي استخدمت في هذه المعركة، وفي الصالة نفسها هناك عرض للباس الخاص بالمجموعة، وبعض شظايا القذائف التي استخدمتها قوات النظام العراقي البائد أثناء الهجوم على البيت، وهناك ممر زجاجي يصل القاعة رقم (1) بالقاعة رقم (2) المطلة على الحديقة الخلفية للبيت؛ حيث يتم خلالها عرض عربة نقل المياه التي لعبت دوراً حيوياً في نشاط «مجموعة المسيلة» وهي التي ينتمي إليها شهداء بيت القرين، فمن جهة تم استغلال هذه العربة؛ لتزويد المواطنين الذين كانوا يعيشون تحت وطأة الاحتلال القاسية بالمياه الصالحة للشرب، ومن جهة أخرى تمكنت هذه العربة بنجاح من نقل وإخفاء 12 من أفراد هذه المجموعة من مدينة الكويت إلى منطقة القرين؛ حيث موقع البيت، وفي القاعة رقم (2) هناك عرض أفلام وثائقية باللغتين العربية والإنجليزية عن غزو النظام العراقي للكويت،من مقتنيات المتحف خمس سيارات منها مركبة نقل متوسطة الحجم وسيارة خاصة باستخبارات النظام العراقي وتعرض مقابل البيت؛ حيث المكان نفسه الذي توقفت عنده السيارات حينذاك، كما تُعرض سيارة قائد المجموعة الشهيد سيد هادي العلوي، التي كان يستخدمها أفراد المجموعة في تنقلهم خلال العمليات الخاصة بهم، وهناك سيارة أخرى للشهيد بدر ناصر العيدان صاحب البيت، في قاعة كبار الزوار وضع مجسم للمتحف لاطلاع الزوار الرسميين على المتحف بشكل إجمالي، وهناك نموذج آخر لهذا المجسم في القاعة رقم (1) لعموم الزوار، وفي المتحف قاعة تضم مجموعة من الكتب الخاصة بالكويت وغزو النظام العراقي، وقاعة تضم مجموعة من البحوث والدوريات، إلى جانب عدد من المجلات والصحف الكويتية والأجنبية التي اهتمت بنشر كل ما يتصل بهذا الغزو، كما يضم قاعة خاصة زودت بعدد من الحواسيب الآلية المجهزة ببرامج خاصة عن البيت‘ إضافة إلى معلومات وصور وافية عن الدمار الذي لحق بالكويت أثناء الغزو العراقي.

مشاركة :