إدمان مواقع التواصل.. خطر على الكبار والصغار

  • 12/22/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: بكر المحاسنة بات الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي هاجساً يسيطر على عقول الكبار والصغار نساءً ورجالًا، والعديد من الدراسات العلمية بحثت عن أسباب هذا الإدمان والعوامل التي تجبر الكثيرين للجلوس لساعات طويلة أمام الإنترنت والأرقام تشير إلى أن هناك ثلاثمئة مليون شخص حول العالم يدمنون على الاستخدام المفرط مما يعزز الانعزال والابتعاد وتفكك الروابط بين الآخرين مما يؤدي للشعور بالاغتراب الدائم والشعور بالتعب النفسي.محمد ناصر موظف (40 عاماً) يقول أعيش أنا وزوجتي في الغربة، وبعد إلحاح دام أكثر من عام وافقت لزوجتي لكي تنشئ حساباً في الفيس بوك والواتس أب، لتتواصل مع صديقاتها وأهلها في بلدنا،ومع مرور الوقت باتت مدمنة بشكل كبير ومن هنا بدأت رحلة المعاناة حيث أهملت الأولاد ودراستهم وباتت لا تفضل الجلوس معي أو استقبال الضيوف أو الذهاب لأداء واجباتنا أو حتى النزول للتسوق لشراء أغراض المنزل، نتيجة تعلقها الشديد بالفيس بوك، و أصبحت تمضي لساعات طويلة مستغرقة مع مواقع التواصل لدرجة أنني أتولى مهامها المنزلية برعاية وعناية أطفالنا صباح كل يوم وتحضير ما يحتاجونه قبل نزولهم إلى مدارسهم، ومنذ تلك الفترة بدأت المشاكل والخلافات تتفاقم فيما بيننا. بينما مريم محمد تقول: زوجي أصبح يقضي ساعات الليل والنهار على الفيس والواتس أب والسناب شات مما جعله يهمل مسؤولياته في البيت، وإشعال المشاكل والخلافات بشكل مستمر بيني وبينه، ومع ذلك لم يتغير شيء، فما زال مدمناً للإنترنت. أما (ن.م.ب)، ربة بيت تشكو من أن زوجها أصبح ينشغل كثيراً بهاتفه بل بات مدمناً بشكل لا يوصف وليس لديه الرغبة في التواصل معي كزوجين وعدم إحساسه بوجودي في البيت أصلاً، إلى أن اكتشفت بوجود علاقة مع سيدة أخرى على إثرها تركت منزلي وتم الطلاق. يقول خليفة محمد: وسائل التواصل جزء لا يتجزأ من حياتي فأتابع كل جديد لحظة بلحظة وأتعرف إلى أصدقاء جدد من كافة الجنسيات، حتى أصبحت زوجتي تتذمر من انشغالي المستمر بمواقع التواصل وباتت تنشب بيننا المشكلات وفي كل مرة أعدها بالتوقف عن هذا الإدمان لكن من دون فائدة. ويتفق معه في الرأي عبدالله راشد: بأنه لا يتصور كيف يمضي عليه ساعة دون أن يتابع حساباته على الفيس والإنستجرام وتويتر، فالتواصل عبر الإنترنت بات شيئاً ضرورياً في حياتي رغم خلافاتي مع أفراد أسرتي الدائمة نتيجة هذا الإدمان الخطير.والرأي نفسه، ذهب إليه الشاب محمد علي بأن إدمانه الحقيقي في استغراق أطول مدة مع أصدقائي عبر مواقع التواصل، سبب لي مشكلات في العمل والبيت ولا أعرف كيف أتخلص من هذا الداء. فاطمة حجاز اختصاصية اجتماعية تؤكد أن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي يساهم في إشعال المشاكل العائلية بين الأزواج حين يصبح الاستخدام مبالغاً فيه. وحين يصبح جل اهتمام الفرد قضاء الوقت مع من يجد أنه أهم من مسؤوليته الأسرية. ولحل تلك المشكلة ترى حجاز: أنه يمكن الابتعاد بشكل تدريجي عن هذه المواقع وتحديد وقت معين من أجل توظيف الوقت الفائض فيما هو أهم باستغلال أوقات الفراغ بالتقرب من أسرته ببذل جهد مضاعف للإقلاع وتعزيز الإرادة الذاتية بمراقبة الذات على قدرة تحملها بالابتعاد شيئاً فشيئاً، وهناك الكثير من البرامج التوعوية لهذا الغرض والمجال واسع للوسائل التي يمكن أن تعين الأفراد عن هذه الآفة، أشارت حجاز إلى أن نتائج الإدمان كثيرة أولاً على المستوى العائلي توسيع الفجوة بين الطرفين مما تقتل روح الحياة بينهما قد يصل إلى البرود العاطفي والنفسي وتبلد الشعور، وعلى المستوى النفسي أثبتت الكثير من الدراسات الحديثة حسب الأرقام التي تشير بوجود 300 مليون شخص حول العالم يدمنون على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وهذا يؤدي إلى الاكتئاب والعزلة والانطوائية والاستعاضة بها عن التحدث مع الآخرين المقربين والذين يعيشون في البيت نفسه والتي تصل إلى حد كبير للعصبية وضيق الخلق وعدم سعة الصدر. وعلى المستوى الاجتماعي يُضعف العلاقات الاجتماعية ويعزز الانعزال والابتعاد ويؤدي إلى تفكك الروابط بين الآخرين مما يؤدي للشعور بالاغتراب الدائم والشعور بالتعب النفسي الذي لا يمكن أن يجد له أسباب أو مبررات لعدم الوعي بما آلت إليه ظروفه النفسية. أما عائشة عيسى الزعابي اختصاصية نفسية وأسرية فتؤكد: أن إدمان مواقع التواصل يساهم في إشعال المشاكل العائلية بنسبة عالية في أي مجتمع حيث إنها أي تلك المواقع أصبحت هاجساً اجتماعياً لدى الأسر فقد تستغل أحياناً كثيرة بصورة خاطئة وسلبية عند بعض الأفراد مما يثير المشاكل حولها حينما ينشغل أحدهم بالإنترنت ويشغل حيزاً كبيراً من وقته دون الاهتمام بأمور المنزل ويكون هاجسه هو تصوير بيته وعرض صور عائلته ماذا اشترت وماذا طبخت وماذا أكلت وغيره. ​وتقول منال العوفي المستشارة في المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة: إن من طرق وأساليب التخفيف من الإدمان على وسائل التواصل تخصيص وقت محدد يومياً ليكون فيه أفراد الأسرة دون أي جهاز إلكتروني يشغلهم عن تبادل الحديث فيما بينهم، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي للابتعاد عن تلك الآفة ثم تحديد يوم لقضاء إجازة أسبوعية للتحاور والخروج والتسوق ومتابعة الأخبار التي تهم أفراد الأسرة ومجالسة الصغار لاكتشاف مواهبهم وميولهم وتوجيهها بالشكل الصحيح من خلال النوادي الاجتماعية والمراكز التدريبية ونوادي القراءة، هذه الوسائل بالطبع تعالج الفجوات المؤدية لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي.

مشاركة :