انتكاسة واشنطن لا تلغي دورها في عملية السلام بالشرق الأوسط

  • 12/22/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن - قد تكون انتكاسة واشنطن الكبيرة في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس على رفض قرار الرئيس الأميركي بشأن القدس مصدر إحراج للولايات المتحدة لكن أي مزاعم عن خسارة دورها كوسيط في الشرق الأوسط ستكون سابقة لأوانها على الأرجح. أيدت غالبية ساحقة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وبينها عدد من حلفاء واشنطن وأخرى تتلقى مساعدات كبيرة منها، القرار الذي يدين اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. وفي مؤشر على أهمية التصويت، حذرت السفيرة الأميركية نيكي هايلي بان ترامب سيراقب العملية وبأنها "ستسجل أسماء" الدول التي تخذله. لكن الواقع أن سياسة "أميركا أولا" التي يتبعها ترامب أفضت مرة جديدة إلى "أميركا وحيدة"، ما جعل بعض الفلسطينيين يجاهرون بأنه لا يمكن للولايات المتحدة بعد الآن أن تلعب دور وسيط سلام. وأرجا نائب الرئيس الأميركي مايك بنس زيارة كانت مقررة إلى المنطقة هذا الأسبوع، بعد أن رفض القادة الفلسطينيون ورجال الدين المسيحيين العرب استقباله. وسيط سلام يقول بعض الخبراء أنه قد يكون من الأفضل لواشنطن أن تلزم الهدوء لبضعة أسابيع بانتظار تبدد العاصفة. لكن إن كان هناك أي إمكانية للتوصل إلى اتفاق سلام لطالما تم السعي إليه بين إسرائيل والفلسطينيين، هناك وسيط واحد يمكنه الإسهام فيه. وقال ديفيد ماكوفسكي، الخبير المخضرم في عملية السلام والباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط ، "كانت هناك من قبل تقلبات في هذا الملف". وقال ساخرا "لو راهنت بدولار كل مرة قيل فيها انتهى الأمر، الولايات المتحدة ليست وسيطا". وقلل دان شابيرو، السفير السابق لدى إسرائيل في عهد الرئيس باراك اوباما، من أهمية التصويت ووصفه بـ"مهزلة مثيرة للشفقة للأمم المتحدة" وحث واشنطن على إعادة التركيز على هدفها. وقال على تويتر "ما هي إستراتيجية الولايات المتحدة لإنهاء النزاع، التوصل إلى دولتين، تجنب واقع قوميتين؟ أو على الأقل إبقاء تلك الأهداف حية؟" من المفترض أن تتضح هذه الإستراتيجية في الأسابيع أو الأشهر القادمة عندما يكشف صهر ترامب وموفده الخاص إلى الشرق الأوسط غاريد كوشنر مقترحه المرتقب. منذ تولي ترامب منصبه تقريبا، يقوم كوشنر وزميله محامي العقارات جيسون غرينبلات بزيارات مكوكية بين البيت الأبيض والمنطقة، عاملين على وضع خطط. ولم يتسرب الكثير من التفاصيل بهذا الصدد، لكن يتردد في أوساط واشنطن أن المقترح سيكون صيغة أقل إلزامية للخطة على أن يتفاوض الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني على تفاصيل الحل النهائي. ترك كوشنر وغرينبلات أساسا انطباعا جيدا على القادة في المنطقة، رغم مخاوف الفلسطينيين إزاء تعاطف ترامب مع بناء مستوطنات إسرائيلية على أراض محتلة. لكن قرار أميركا الأحادي الجانب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل دون أن يتفق الأطراف أولا على تقاسم السيادة على المدينة المقدسة، اغضب الفلسطينيين. وألغيت اجتماعات مقررة مع بنس، وشعر الموفدون الفلسطينيون بطعم الانتصار المر عندما اتحد العالم في الأمم المتحدة الخميس لإدانة موقف ترامب. اطر سلام قال المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور بعد التصويت "128 صوتا مقابل 9 أصوات هذه انتكاسة كبيرة للولايات المتحدة الأميركية". لكن إن كان الفلسطينيون يأملون الآن في وسيط مناسب أكثر، فقد يصابون بالخيبة. وصوتت فرنسا إلى جانب حلفاء آخرين لواشنطن مثل بريطانيا وتركيا والسعودية، ضد قرار ترامب لكن السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر قلل من أهمية التصويت. وقال للصحافيين "قرار اليوم بكل بساطة يعيد تأكيد القانون الدولي الذي ينطبق على القدس". وأضاف "المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن يتكاتف المجتمع الدولي خلف اطر عملية سلام متفق عليها، ومن ضمنه بالطبع الولايات المتحدة". وعن وساطة واشنطن قال السفير "الجميع يعرف دورها الخاص ووزنها في هذا الملف". ولذا مهما كان شعور الفلسطينيين اليوم بعد انتصار إجرائي نادر، فإنهم في العام المقبل قد يجدون أنفسهم مجبرين على التعاطي مع أي خطة جديدة يحملها كوشنر. وقال ماكوفسكي إن ترامب لم يستبعد أبدا عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، معتبرا أنه كان يجدر بالمسؤولين الأميركيين أن يشرحوا ذلك على التلفزيونات العربية. وأوضح "انظروا إلى ما قاله الرجل، أنه يريد ترك المسألة مفتوحة أمام الأطراف للتفاوض على أي ترتيبات سيادة يريدونها، ومن ضمنها السيادة على المواقع الدينية". وأضاف "لن أقول إن الموضوع انتهى ودُفن" وتابع "شعوري انه إذا قدم كوشنر وغرينبلات خطة سلام في الربع الأول من 2018، أعتقد أن عليهم (الفلسطينيين) أن يأخذوها بشكل جدي". ومن صال 193 دولة في الجمعية العامة، أيدت 128 منها القرار الذي يدين اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة للدولة العبرية في السادس من كانون الأول/ديسمبر، في حين رفضته تسع دول هي الولايات المتحدة وإسرائيل وغواتيمالا وهندوراس وتوغو وميكروزينيا وناورو وبالاو وجزر مارشال. وأيد العديد من حلفاء واشنطن القرار بينهم فرنسا وبريطانيا. وفي مؤشر يؤكد أن ضغوط واشنطن وتهديداتها لم تمر مرور الكرام، امتنعت 35 دولة عن التصويت بينها كندا والمكسيك والأرجنتين وبولندا والمجر وغابت عن الاجتماع 21 دولة أخرى. وقبل التصويت، راهن العديد من السفراء على تنديد أوسع للقرار يراوح بين 165 و190 دولة. وهذا التصويت ليس ملزما وقد أكدت الإدارة الأميركية أنها لن تغير موقفها.

مشاركة :