أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي المسلمين بتقوى الله في السر والعلانية، فما فاز أحد في حياته وبعد مماته إلا بالتقوى، مبينا أن سنة الله وشريعته جرت بأن يقترن الرجل بالمرأة بعقد النكاح الشرعي ليبنيا بيت الزوجية تلبية واستجابة لمطالب الفطرة والغريزة البشرية عن طريق النكاح. وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد النبوي اليوم أن طريق الزواج هو العفاف والبركة والنماء والطهر والرزق وصحة القلوب وامتداد العمر بالذرية الصالحة، وطريق الزنا هو الخبث ومرض القلوب وفساد الرجل والمرأة وذل المعصية وآفات الحياة والذهاب ببركتها والخلل في الأجيال والعذاب في الآخرة، موضحاً أن الزوجة بيت يحتضن الذرية ويحنو عليهم ويرعاهم ويعلمهم وأبوة وأمومة تعد الأجيال للقيام بأعباء الحياة ونفعِ المجتمع ورقيه في كل شأن وتوجه إلى كل خلق كريم وتمنع من كل خلق ذميم وتربي على الصالحات للدار الآخرة والحياة الأبدية ويقتدي الصغير بما يرى فيتأثر بما يشاهد ويسمع حيث لا قدرة له على قراءة التاريخ وأخذ العبر منه والقدوة، لذا فإن عقد الزواج هو ميثاق عظيم ورباط قوي وصلة شديدة، قال تعالى (وإن أردتم استبدال زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا)، حيث قال المفسرون هو عقد النكاح وهذا العقد اشتمل على مصالح ومنافع للزوجين ومنافع ومصالح للأولاد ومصالح ومنافع لأقرباء الزوجين ومنافع للمجتمع ومصالح للدنيا والآخرة لاتعد ولا تحصى. وبين أن نقض عقد الزواج وإبطال هذا الميثاق وقطع حبل الزوجية بالطلاق يهدم تلك المصالح والمنافع كلها ويقع الزوج في فتن عظيمة تغره في دينه ودنياه وصحته وكذلك تقع المرأة بالطلاق في الفتن بأشد مما وقع فيه الزوج ولا تقدر أن تعيد حياتها كما كانت وتعيش في ندامة لا سيما في هذا الزمان الذي قل فيه الموافق لحالها ويتشرد الأولاد ويواجهون حياة شديدة الوطأة تختلف عما كانت عليه وهم في ظل اجتماع الأبوين فيفقدون كل سعادة تبتهج بها حياتهم ويكونون معرضين للانحراف بأنواعه المختلفة ويتضرر المجتمع بالآثار الضارة التي تلحق الطلاق. وأشار إلى أن بعض الناس استخف بالطلاق فاستسهل أمره فوقع في أمور خطيرة وشرور كثيرة وأوقع غيره فيما وقع فيه وقد كثر الطلاق في هذا الزمان لأسباب كثيرة ومن أكبرها الجهل بأحكامه في الشريعة وعدم التقيد بالقرآن والسنة، مؤكدا أن الشريعة الإسلامية أحاطت عقد الزواج بكل رعاية وعناية وحفظته بسياج من المحافظة عليه لئلا يتصدع وينهدم ويتزعزع أمام عواطف الأهواء لذا يجب على الزوج والزوجة أن يصلحا أمور الخلاف في بدايته لئلا يزداد خلافاً وعلى الزوجين أن يعرف كل منهما صاحبه فيأتي كل منهما ما هو أرضى لصاحبه ويجتنب كل منهما مالا يحب الآخر. وأقر الشيخ الحذيفي أن من أسباب دوام الزواج وسعادته الصبر والتسامح فمرارة صبر قليل يعقبه حلاوة دهر طويل وما استقبلت المكروهات بمثل الصبر، قال تعالى (إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب)، مبيناً أن من أسباب دوام الزواج تقويم الزوج ما أعوج من أخلاق المرأة بما أباحه الشرع وأذن فيه، قال تعالى (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله)، مؤكداً أن على القضاة الإصلاح بين الزوجين فيما يرفع إليهم من القضايا حتى يتم الاتفاق وينتهي الطلاق، وقال إن حق المرأة على الزوج عشرتها بالمعروف وسكنها الذي يصلح لمثلها والنفقة والكسوة وبذل الخير وكف الأذى والضرر عنها وقد يكون السبب في الطلاق من المرأة لبذاءة لسانها وسوء خلقها وجهلها فعليها أن تقوم أخلاقها وتطيع زوجها وتبذل جهدها في تربية أولادها التربية الصحيحة. وذكر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الطلاق صار جارياً على ألسنة بعض الشباب من دون مراعاة ولا اعتبار لأحد وقد يقع بتكراره في أزمنة متباعدة أو تكراره في مجلس واحد ثم يتلمس الفتاوى وقد يحتال وقد تغلق عليه الطرق ويندم ندامة لا تنفعه، قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) ومن أتقى الله في طلاقه على الوجه الشرعي جعل الله له مخرجا ومن عظم عقد الزوجية ولم يستخف به بارك الله له في زواجه ونال عاقبة حسنة، داعيا الله أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان ويقوي عزائم المستضعفين وينصرهم بنصره ويتقبل شهداءهم ويشفي مرضاهم ويحفظهم في أهليهم وأموالهم وذرياتهم.
مشاركة :