هكذا يحاول اليمين الفرنسي استغلال قضية مسيحيي الشرق سياسياً

  • 12/22/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ينظر البعض إلى فرنسا على أنها حامية للمسيحيين في الشرق، وهم يتلقون بالفعل مساعدات كبيرة من منظمات فرنسية غير حكومية، لكن تسييس هذه القضية ودخول نشطاء من اليمين على الخط من شأنه أن يضرّ بها. بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، وبعد نزوح المسيحيين من شمال العراق في العام 2014 هرباً من تنظيم الدولة الإسلامية، تصاعدت وتيرة العمل الإنساني وجمع التبرعات. لكن هذه المبادرات تعود إلى وقت طويل جداً، من أقدمها "لوفر دوريان" التي تأسست في العام 1856، وهي منظمة تتبع أسقفية باريس وتجمع عشرين مليون يورو من التبرعات سنوياً يذهب ثلاثة أرباعها إلى بلدان المشرق. وتنشط في هذا المجال جمعيات عدة منها ما يركّز على مسائل معيّنة، مثل جمعية "فراتيرنيتيه" في العراق التي تعمل منذ تأسيسها في العام 2011 على مساعدة الأقليات. ولعل آخر الجمعيات الداخلة على هذا الخط هي الأكثر إثارة للضجيج، مثل جمعية "أس أو أس كريتيان دوريان" (إنقاذ مسيحيي الشرق) التي تأسست في خريف العام 2013 بعد سيطرة فصائل معارضة على بلدة معلولة المسيحية في ريف دمشق. وقد وسعت الجمعية نشاطها إلى حمص وحلب قائلة إنها جمعية إنسانية هدفها "أن يبقى المسيحيون في أوطانهم". غير أن توجّهات قادتها المصطفين الى يمين اليمين الفرنسي تثير كثيراً من التساؤلات. دعاية مفرطة يترأس الجمعية شارل ميير، وهو ناشط في اليمين المتطرّف الداعي لعودة الملكية، ومن رفاقه داميان ريو المتحدث السابق باسم حركة "جنراسيون إيدانتيتار" المعادية للمهاجرين، وقد حكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ في العام 2012 لأنه احتل ورشة لبناء مسجد في بواتييه. وخوفاً من أن يختلط العمل الإنساني في الشرق بالحسابات السياسية الداخلية في فرنسا، خرجت منظمة "لوفر دوريان" عن صمتها وحذّرت متبرعيها من نشاط جمعية "أس أو أس". وليست مواقف الجمعية المعادية للإسلام والمؤيدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد هي ما يزعج الأب غولنيش رئيس "لوفر دوريان"، وإنما أيضاً إرسال متطوعين إلى سوريا من دون مراعاة الخطر الذي يمثّله ذلك، إضافة إلى أن جزءاً كبيراً جداً من ميزانيتها يذهب للدعاية والإعلام بدلاً من المشاريع. منصّة لليمين يعرب الكاتب والمدوّن إيروان عن قلقه من أن تشكّل قضية مسيحيي الشرق منصّة لقوى اليمين المتطرف للتأثير على جيل من الشباب لم يكن ممكناً أن تؤثر عليهم بغيرها. ويقول "لطالما كانت قضية المسيحيين في الشرق تقتصر على اليمين المتطرف.. في الآونة الأخيرة بدأنا ننتهي من ذلك.. لكن هؤلاء الناس يعيدوننا مجدداً". فالتضامن مع مسيحيي الشرق ليس جديداً، بحسب الكاتب السياسي جيروم فوركيه الذي يذكّر بالدعم الفرنسي الكبير الذي قُدّم للموارنة والأرثوذكس في لبنان في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. ويقول "الموجة الجديدة من التحرّكات تضرب على وتر حسّاس، مستخدمة خلفيات تاريخية وعقائدية". ويضيف "هذا الأمر يشير إلى توجّه جزء من العالم الكاثوليكي إلى اليمين والتشدّد تجاه الإسلام". هل سيتراجع ذلك مع تبدد تنظيم الدولة الإسلامية؟. يجيب المسؤولون عن جمعية "فراتيرنيتيه" في العراق، وهم من اليمين الفرنسي أيضاً، بالنفي قائلين"الآن يبدأ كل شيء".

مشاركة :