الطاقة والمال رأسمال الصناعة «1 من 2»

  • 12/23/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إذا عدنا بالذاكرة إلى عام 1975، فسنجد أن القليل جدا من أرصدة رأس المال الصناعي في ذلك الوقت يمكن إرجاعها إلى اكتشافات المصادر من غير الفحم والبترول، فالتكنولوجيا، التي كانت تلك الاكتشافات حاضنة لها، تشكل الأساس لكل الاقتصاد الصناعي العالمي. حدثت الاكتشافات لمعظم المعادن الصناعية، كالحديد والنحاس والقصدير والرصاص، فضلا عن الفضة والذهب، قبل آلاف السنين. وأيا كانت التكنولوجيا "والمكاسب الإنتاجية" التي نتجت عن تلك الاكتشافات، مثل صهر المعدن الخام وصناعة السبائك "النحاس والبرونز" والصلب، فإنها وليدة القرن الـ16. وأدى اكتشاف حيتان العنبر إلى انتعاش قصير الأجل لزيت الحوت، وشبه انقراض للحيتان، ولكن من غير تكنولوجيا مهمة تذكر. وهنالك الكثير من الأمثلة على اكتشافات المصادر التي لم تؤد إلى شيء. الاستثناءين الاثنين ربما كانا اكتشاف المطاط الطبيعي، الذي أدى إلى صناعة الإطارات المطاطية والأنابيب والملابس المضادة للماء، واكتشاف النشاط الإشعاعي في نهاية القرن الـ19، الذي أدى إلى إنتاج الراديوم والأسلحة النووية وصناعة الطاقة النووية. هي أيضا حقيقة واضحة مفادها أن الطاقة الرخيصة والمناسبة هي في حد ذاتها العامل الرئيس في دفع عجلة النمو منذ الثورة الصناعية. كان المال، منذ أيام الرومان، وقبل الثورة الصناعية، إما ذهبا وإما فضة أو نقودا نحاسية، إضافة إلى السندات المدعومة بالذهب للتعاملات الكبيرة، فعلى سبيل المثال، قامت الإمبراطورية الإسبانية بصك النقود من الذهب والفضة المنهوبة من حضارتي الأزتك والإنكا، وفيما بعد من منجم في بوتوسي في بيرو "الآن في بوليفيا". صك العملة يتطلب فقط عملية مادية بسيطة، وهي التذويب والدرفلة والقولبة. لم تستخدم إسبانيا المال من أجل الاستثمارات الإنتاجية، بل استخدمت الذهب والفضة لتمويل مصروفات العرش والكنيسة، وغالبا لتمويل حروبهم. لقد جعل هذا الافتقار إلى الاستثمار الإنتاجي إسبانيا تتخلف عن منافسيها عندما بدأ مخزون الذهب والفضة ينفد في القرن الـ18. إذا لم يكن هنالك مصدر جديد للذهب والفضة، فما الذي مول الثورة الصناعية؟ ولماذا بدأت في إنجلترا؟ بعض العلماء من الدول المتقدمة يقولون إن الثورة الصناعة قد تم تمويلها من أرباح تجارة الرقيق. هنالك بعض الحقيقة في هذا الزعم، وليست الحقيقة كاملة. إذا نظرنا إلى الوراء، فمن السهل أن نرى أن الثورة الصناعية، التي بدأت في إنجلترا عام 1776، قد تم تمويلها بشكل كبير من الأرباح المتأتية بشكل مباشر أو غير مباشر من مناجم الفحم. وعلى النقيض من الذهب والفضة، لم يكن الفحم يعتبر "مخزنا للقيمة"، إذ لا يمكن تحويله مباشرة إلى نقود، ولم يكن وسيلة مريحة للتبادل. ليست للفحم قيمة إلا إذا تم استخدامه كوقود. لا بد من الحفر لاستخراجه ومن ثم إرساله للمستخدم، وكلما كان الحفر أعمق كانت هنالك حاجة إلى شفط المياه. هذه الحقيقة البسيطة في حد ذاتها هي التي ألهمت الثورة الصناعية. إن صناعة تعدين الفحم هي حاضنة التكنولوجيا، فقد صممت أول محركات بخارية بشكل خاص لضخ المياه من المرجل المغمور بالمياه، وكان الفحم من المناجم مطلوبا لتوليد البخار. وكان جيمس وات قد جعل المحرك أكثر كفاءة، وأكثر إحكاما، ومناسبا أكثر للحركة الدورانية، وقابلا للتطبيق في استخدامات أخرى. وقد اشتملت الاستخدامات الجديدة على تحريك الرياح لتمر عبر أفران الصهر، وتشغيل ماكينات الحفر لصناعة أسطوانات المدافع "أسطوانات المحركات البخارية"، وتشغيل ماكينات الغزل والحياكة، وآلات صنع الورق والمطابع، وآلات صنع الأدوات الصناعية...يتبع.author: روبرت يو أيريس

مشاركة :