مع مشارفة «عام الخير» على الانتهاء، واقترابنا من دخول «عام زايد»، وكلاهما يشهدان على مدى عطاء وسخاء دولة الإمارات وسكانها من المواطنين والمقيمين، قد يستغرب المرء أن جمع التبرعات، ولو كان لأغراض خيرية أو إنسانية، غير مصرحٍ به وفقاً لقانون الدولة، ويسأل ما الحكمة من وراء ذلك؟ الأمر بكل بساطة يتعلق بحماية الأفراد والمؤسسات من أرباب النوايا السيئة، لاسيما أن محاكم الدولة المختلفة شهدت، خلال السنوات الماضية، عدداً لا بأس به من قضايا الاحتيال ضد أشخاص استغلوا طيبة وعطاء فاعلي الخير لأغراض ومنافع شخصية. ومن هذا المنطلق، سنّ المشرّع الإماراتي القوانين لحماية الأفراد من عمليات الاحتيال ضمن هذا الإطار، إذ لا يقتصر تجريم القانون الإماراتي على عملية جمع التبرعات لجهات غير مصرح لها بهذا النشاط في الدولة بشكل مباشر فحسب، بل يشمل أيضاً الترويج لهذه النشاطات باستخدام وسائط تقنية المعلومات، وكثيراً منا يقوم بعمل «شير» ومشاركة و«إعادة» إرسال الرسائل التي تدعو إلى التبرع لجهة ما، دون التفكير في التبعات القانونية لهذا الفعل. وجاءت عبارة تبرعات في المادة رقم (27) من القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، مطلقة دون قيد. أَثرُ ذلك شمول الحظر على الدعوة أو الترويج للتبرعات النقدية أو العينية. مؤدى ذلك، عدم جواز الدعوة أو الترويج لها أو جمعها إلا بتصريح معتمد من السلطة المختصة، مهما كانت الطريقة التي نشر الإعلان فيها ــ كما جاء في حكم محكمة التمييز ــ دبي، بتاريخ 12/12/2016 في الطعن رقم 864/2016 جزاء. وفي ما يتعلق بجمع التبرعات عن طريق وسائط تقنية المعلومات المختلفة، تنص المادة رقم (27) من القانون الآنف الذكر «يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تتجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً، أو أشرف عليه، أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات أخرى، للدعوة أو الترويج لجمع التبرعات من دون ترخيص معتمد من السلطات المختصة». وعليه، ننوّه إلى ضرورة الامتناع عن نشر الرسائل ووسائط الإعلام المختلفة، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو، التي تروج للتبرع إلى جهة معينة غير مصرح لها للقيام بمثل هذا النشاط، كي لا يقعوا تحت طائلة المساءلة القانونية. وبشكل عام، ينصح القرّاء بالتأكد من المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي قبل قيامهم بالتبرع لمصلحتها أو الترويج لها، إذ قد تكون تلك المواقع مزيفة أو تجمع الأموال على غير وجه حق، الأمر الذي قد يعرّضهم للمشكلات القانونية، ناهيك عن إمكانية قرصنة معلوماتها الشخصية والمصرفية. مستشار قانون أول
مشاركة :