من المبكر التكهّن بنتائج الانتخابات البرلمانية المحددة في السادس من مايو (أيار) المقبل، في ظلّ القانون الجديد الذي يعتمد النظام النسبي، لكن مشهد التحالفات التي بدأت ترسم معالمها القوى السياسية الكبرى، بدأ يعطي صورة تقريبية توحي بأن قوى المتحالفة في السلطة اليوم، ستخوض الانتخابات من ضمن تحالف واحد، مع بعض الاستثناءات القابلة للتبدل، من الآن حتى موعد الاستحقاق.وإذا ما أخذ «التحالف الخماسي» الذي يجمع تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحرّ» وحركة «أمل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«حزب الله» الذي سيكون تحالفه غير مباشر مع «المستقبل»، بالنظر لحساسية العلاقة بينهما، طريقه إلى التشكّل في الأسابيع المقبلة، فإنه قادر على حصد الأكثرية النيابية، التي تعيده إلى مواقع السلطة من الباب العريض، لذلك فإن الأنظار تبقى تتجه إلى المناطق ذات الثقل السكاني التي تلعب دوراً مؤثراً في ترسيخ الأكثرية داخل البرلمان، ومنها محافظة عكار (شمال لبنان) التي تشكلّ خزاناً بشرياً كبيراً، ويحظى فيها تيار «المستقبل» بنفوذ قوي، باعتبار أن ما بين 60 و70 في المائة من سكانها من أبناء الطائفة السنيّة.ولا يخفي الأطراف بأن تحالف «المستقبل» و«الوطني الحرّ» إذا ما مضى وفق المخطط المرسوم له، فإنه كفيل بحصد نتائج تقارب النسب التي يتوخاها الطرفان، وهذا ما يسري على الفريقين في عكار، حيث كشف عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش لـ«الشرق الأوسط»، أن الأمور «ذاهبة باتجاه تحالف مع (الوطني الحرّ) في كل لبنان، بما فيها عكار»، معتبراً أن التحالف غير المسبوق بين التيارين «سيحقق نتائج جيدة، من دون إهمال العوامل الأخرى المؤثرة في العملية الانتخابية».ولا تقلل القوى المتجهة إلى التحالف العتيد، من دور المرشحين الآخرين، الذين يخوضون الانتخابات من خارج ما يسمّى «تحالف السلطة»، حيث رأى حبيش أن «من يدخل الانتخابات ولا يحسب حساباً للخصم، لا يفقه معنى الانتخابات». وقال: «كل دائرة سنخوضها بمعركة جدية، ولا سيما معركة عكار، ونحن لم نهمل يوماً المكونات الأخرى»، مضيفا: «سنعمل بكل قوتنا، حتى نقلص حظوظ اللوائح الأخرى حتى لا تكون قوية في الحاصل الانتخابي».لكن التيار الوطني الحرّ، غير مستعجل في زفّ هذا التحالف قبل نضوج تسويته والاتفاق على المقاعد واللوائح، وأكد منسقه في عكار أنطوان عاصي لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من ضمن التوافق السياسي القائم في البلد على مستوى عال، هناك تفاهم مع تيار (المستقبل) على العناوين الوطنية الكبرى»، لكنه رأى أنه «من المبكر الحديث عن تحالفات انتخابية، لأن هذه المسألة ما زالت قيد الاتصالات واللقاءات التي تجري مع الطرف الآخر». ولفت إلى أن «هذا الأمر سيجري تفعيله بعد عطلة الأعياد (الميلاد ورأس السنة)، وعندها قد تتبلور الأمور بشكل أوضح، خصوصاً على صعيد تركيب اللوائح والبحث في المقاعد وكل ما يتصل بإدارة المعركة على الأرض».وعمّا إذا الخلافات المستجدة نسفت العلاقة مع حليف «المستقبل» الأساسي حزب «القوات اللبنانية»، أوضح النائب هادي حبيش أن «مسألة انضمام (القوات اللبنانية) إلى هذا التحالف لم تحسم بعد، في ظلّ الضبابية التي تخيم على علاقة (القوات) و(المستقبل) وعلاقة (القوات) و(الوطني الحرّ)»، كاشفاً أن «اتفاقاً شبه ناجز بين (الوطني الحر) و(المستقبل) على أن يكون المعقد الماروني في عكار للأخير وتحديداً لي (حبيش)».وتحظى عكار بسبعة مقاعد نيابية، منها ثلاثة للطائفة السنيّة، واثنان للروم الأرثوذكس، ومقعد واحد للموارنة وواحد للعلويين، وتمكن تيار «المستقبل» من حصد المقاعد السبعة في انتخابات 2005 و2009، لكن القانون الجديد فرض على الجميع إعادة حساباتهم، لأن لا نتائج مضمونة في ظلّ النظام النسبي.ويبدو أن ما حققه تفاهم معراب بين «القوات اللبنانية» و«الوطني الحرّ» الذي أعلن فيه رئيس القوات سمير جعجع دعمه ترشيح الجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهورية، لن يترجم بتفاهم انتخابي، وفق تقدير العميد وهبي قاطيشا، مستشار رئيس حزب «القوات اللبنانية» لشؤون الرئاسة. الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من الصعب بناء تحالف انتخابي بين (القوات) والتيار الحرّ، لأن الخطاب السياسي مختلف». وقال قاطيشا (وهو من منطقة عكار)، إن «خلافنا معهم كبير حول سلاح (حزب الله) ودوره الإقليمي والداخلي، ومقاومتنا لهذا السلاح هي جزء من خطابنا السياسي الدائم»، مشيراً إلى أن «التباين مع الوطني الحر داخل الحكومة لا يزال قائماً حول بعض الملفات، والسؤال المطروح هل نريد دولة أو لا دولة؟». وشدد على أن القوات «لن تكون جزءاً من التحالف الانتخابي في عكار.
مشاركة :