أكد الدكتور محمد بن حسن المريخي أن الله تعالى حرّم اتباع الظن، ونهى عن إرخاء الحبل للنفس الأمّارة بالسوء؛ حتى لا تعثو في الأرحام فساداً وتقطيعاً، وفي الأوصال إبعاداً وحروباً. وأضاف المريخي في خطبة الجمعة أمس بجامع عثمان بن عفان في الخور أمس: «يعيش الناس في مجتمعاتهم آمنين غانمين بفضل الله ورحمته، يثق بعضهم في بعض، ويطمئن بعضهم إلى بعض، ويرحم بعضهم بعضاً. وهذه حياة يربّي الإسلام عليها أتباعه؛ ليعبدوا الله تعالى في طمأنينة وأمن وسلامة وعافية. وإن شر ما يفرّق جمع المسلمين ويكدّر صفوهم ويستجلب القلق لهم: الظن السيئ بهم، فإذا نزل الظن السيئ في قوم؛ فقد نزلت بهم المحن والفتن، فتُقطع الأرحام، ويتباعد الخلّان، وتُعطل المصالح، وتسوء المعاملة، ويتوقف البناء الخُلقي، وتفسد الطباع، حتى يكون الخراب والهدم والدمار. وحق المسلم أن يُوثق به ويُصدّق ويُؤتمن، ولا يُخوّن ولا يُظنّ به شراً أو سوءاً، ما دام الخير ظاهراً عليه، وأمارات الثقة بادية على محيّاه، وعلامات الأمانة ترفرف على أخلاقه وطبائعه. وقال عليه الصلاة والسلام: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره،...)». وتابع: «والظن معناه التهمة التي لا سبب لها، أو التي لم يتأكد صاحبها، إنما حمل نفسه على الشك ولم يتيقن ولم يتحقق. وحُرّم الظن حتى لا يقع المرء في أعراض الناس فيأثم؛ لأنه إذا ظن وطاوع ظنه وأطاع نفسه -كما هو حال كثير من الناس- فسوف يبني على هذا الظن أحكاماً وتصرفات وسلوكيات من المقاطعة والمخاصمة والطعن والاغتياب. وأوضح أن الله تعالى ذمّ الظن ذاته، وزجر عباده عن الاتصاف به. كما بيّن أن أكثر العباد بظنونهم خاسرون، قد أخذهم ظنهم السيئ حتى ألقى بهم في الظن السيئ بالله جل وعلا. يقول تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}. وقال: {وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ}. وقال: {يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ...}. وأشار إلى أن الظنون قطعت الصلات، وفرّقت بالشكوك بين الإخوة والأحبة، وباعدت بالريب بين الخلّان. لقد فتح كثير من الناس الباب لنفسه، وأرخى لها الحبل تتجول في الظنون، فما يرى أمراً إلا وحمله على الشك السيئ والظن السوء، فيعتمد هذا الظن، وبناء عليه يتخذ الحكم، ويقرر المقاطعة والعداوة، ويملأ قلبه ضغينة وبغضاء، ويشنّ الحرب الضروس، ويشرّق ويغرّب في الغيبة وفساد النية والطويّة، وكل ذلك بناه على الظنون والشكوك! وقال المريخي: «إن المرء العجول في حكمة وتصرّفه، يقع في كثير من الأخطاء الفادحة، ولذلك مثل هذا يمتلئ أخطاء بسرعة، ويفيض عداوة وبغضاء على إخوانه المسلمين؛ فهو يكاد يقاطع المجتمع كله، ويعادي الناس جميعاً، يمتطى مطيّة الظن ليلاً ونهاراً.;
مشاركة :