عباس يعلن من باريس رفضه خطة السلام الأميركية المرتقبةشكّل التصويت بأغلبية مريحة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يدين الاعتراف الأميركي الأحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل دفعة معنوية قويّة للفلسطينيين والرئيس محمود عباس، الذي أعلن خلال زيارة له إلى فرنسا رفضه التعاطي مع أي مقترح أميركي للسلام.العرب [نُشر في 2017/12/23، العدد: 10851، ص(2)]معنويات مرتفعة باريس - جدّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجمعة، تأكيده على أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطا نزيها في عملية السلام، مشددا على رفض أيّ خطة يقدمها الجانب الأميركي. وجاءت تصريحات الرئيس الفلسطيني، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في العاصمة باريس، التي وصلها بعد ساعات من تصويت بالأغلبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار قدمه اليمن وتركيا يرفض الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأقرت الأمم المتحدة الخميس، بأغلبية 128 صوتا، مشروع قرار يؤكد أن مسألة القدس من “قضايا الوضع النهائي التي يتعيّن حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”. وشكل هذا التصويت ضربة قوية لإسرائيل والولايات المتحدة التي أبدت إصرارا على عدم التراجع عن قرارها المتضمن كذلك نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس. ورغم أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة بيد أنه يبقى لها أثر معنوي كبير، والذي من شأنه أن يعطي الفلسطينيين دافعا أكبر لمواصلة ضغوطهم على الجانب الأميركي. وأكد عباس رفضه لأي مبادرة للسلام قد تطرح في الفترة المقبلة من الجانب الأميركي، معتبرا أن قرار واشنطن يعد خرقا دوليا لكافة القرارات الدولية. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد صرح خلال إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل في السادس من الشهر الجاري، أن إدارته بصدد طرح خطة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ومن المفترض أن تتضح معالم هذه الخطة في الأسابيع أو الأشهر القليلة القادمة، حيث لم يتم الحسم في تفاصيلها بعد، وفق ما أكده وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الأسبوع الماضي. ومنذ تولي ترامب منصبه تقريبا، يقوم صهره وموفده الخاص إلى الشرق الأوسط جاريد كوشنر وزميله محامي العقارات جيسون غرينبلات بزيارات مكوكية إلى المنطقة، من أجل وضع الخطة الموعودة. ولم يتسرب الكثير من التفاصيل في هذا الصدد، لكن يتردد في أوساط واشنطن أن المقترح سيكون في صيغة أقل إلزامية، حيث سيتفاوض الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني على تفاصيل الحل النهائي. لكن قرار ترامب الأحادي الجانب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل دون أن تتفق الأطراف المعنية أولا على تقاسم السيادة على المدينة المقدسة، أغضب الفلسطينيين. وبعد خطوة الجمعية العامة يرجح أن يسعى عباس إلى إقناع الدول الرافضة للقرار الأميركي بفرض الأمر الواقع والاعتراف بدولة فلسطينية، ولكن هذا الأمر يبدو وفق محللين معقدا، ومن المستبعد أن يجد استجابة. وقال الرئيس الفلسطيني إن الاعتراف بدولة فلسطين هو “استثمار في السلام وفي مستقبل مستقر وآمن في المنطقة وإبعاد شبح التطرف والإرهاب والحروب في المنطقة”. وبالمقابل اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الاعتراف بدولة فلسطين سيكون في الوقت المناسب وليس كرد فعل أو بتسرع، موضحا “أن اتخاذ أي قرار أحادي اليوم سيكون خاطئا وسيكون رد فعل على قرار أحادي آخر في المنطقة.. فعندما نختار طرفا على حساب طرف آخر، فإن ذلك سيقوض أي دور وساطة.. الأميركيون اختاروا تهميش أنفسهم، ونحن نتعامل مع الجميع لكي نصل إلى قرار في الوقت المناسب”. وأكد الرئيس الفرنسي خلال لقائه نظيره الفلسطيني عدم وجود بديل عن حل الدولتين كأساس لتحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين، وأنه لا يمكن تحقيق هذا الحل دون الاتفاق بين الطرفين حول القدس. وشدد ماكرون على أن بلاده ستقف إلى جانب فلسطين في الأشهر المقبلة، وتفعل ما بوسعها للتوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية، موضحا أن دور فرنسا يكمن في استقرار المنطقة وأمن كل من فلسطين وإسرائيل. ودعا إسرائيل إلى وقف الاستيطان لأنه يقوض السيادة الفلسطينية ويعوق السلام. ويرى محللون أن هناك اليوم حالة من الالتفاف الدولي حول حقوق الفلسطينيين، وأن على السلطة الفلسطينية استثمار هذا الظرف، ولكن دون أن يكون تركيزها المطلق على نفي أي دور للولايات المتحدة في عملية السلام لأن ذلك، عمليا، غير ممكن. ومعلوم أن الولايات المتحدة هي من تمسك بزمام الملف منذ عقود، وهي الطرف الوحيد القادر على التأثير والحصول على تنازلات من الإسرائيليين والأهم من كل ذلك أنه ليس هناك اليوم من طرف دولي قادر أو لديه الرغبة الفعلية في أن يكون وسيطا بديلا عنها. وتواصلت الجمعة المسيرات الاحتجاجية في الأراضي الفلسطينية، سقط خلالها قتيلان في غزة بنيران إسرائيلية، فضلا عن العشرات من الجرحى في القطاع والضفة الغربية.
مشاركة :