ابكِ بكل ما أوتيت من دموع

  • 12/23/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

Share this on WhatsApp عبدالمجيد الصعيري  لا تبكِ .. كن قويًا, وواجه كل مصاعب الحياة بابتسامة. لا تبيِّن ضعفك وانكسارك للأشخاص. هذه عبارات لطالما سمعتها تتكرر على مسامعي, مثل مسجل هرِمٍ تعب تكرار كلماته منذ الأزل, بزعم أنها عبارات تحفيزية تفاؤلية تقيك من الأذى الذي تسببه لك الحياة. لا أرى إلا أنها عبارات تجردني من إنسانيتي من حقي البسيط جدًا في التعبير العفوي عن مشاعري في أي لحظةٍ ما, فالبكاء في نهاية الأمر ما هو إلا وسيلة لترجمة المشاعر التي تحوم في دواخلنا .. واستجابة لظروف وأحداث معينة نمر فيها, سواء كانت محزنة أم مفرحة. نعيش في بيئة تحارب البكاء لأنه –من وجهة نظر سائدة- ضعف, مربوط بأحداث وذكريات سيئة. لكنه في حقيقة الأمر ما هو إلا ترجمة لحدث معين, قد نبكي لأننا نشعر بالحزن, بالخوف, أو الارتباك, وقد نبكي لأننا ومن شدة الفرح لا نستطيع أن نتحدث. بينما في الجهة المقابلة قد نضحك من الفرح, وقد نضحك من هول الموقف ولأن شر البلية ما يضحك. ليس من المنصف أن نحدد ردة فعل بشعورٍ معين, لأن البشر مجبولين على الاختلاف, لأنه من حق بشريتي عليَّ أن أعبر عن دفائني بالطريقة المناسبة لي. عدم البكاء ليس قوة, إنه نوعٌ آخر من الضعف, نوعٌ آخر من الحاجة, إنه قناع جامد يخبئ تحته مشاعر دفينة تبحث عن فجوة للهروب. من حق الرجل -كونه إنسان في المقام الأول- أن يبكي, أن يكون عفويًا في الإفصاح عما بداخله, أن يتخلص من كميات التوتر التي تعتريه. لأن من فوائد البكاء أنه يخلص الجسم من السموم الناتجة عن التوتر, ومقاومة البكاء والإفصاح عن المشاعر قد تسبب ارتفاعًا في نسبة الإصابة بأمراض القلب والضغط والتهاب القولون. والبكاء عملية طبيعية جدًا يحتاجها الإنسان كثيرًا ليستطيع أن يكمل طريقه الخاص في هذه الحياة, كون الحياة لا تخلو من المشاعر المختلفة والمتضاربة أحيانًا. الدموع التي نراها تصب من العيون تنتج من الغدة الدمعية, التي تتواجد في المنطقة الخارجية للعين, للدموع ثلاثة أنواع تسهم جميعها في الحفاظ على سلامة العين, النوع الأول الدموع القاعدية وهي متواجدة بشكل دائم للحفاظ على العين من الجفاف. النوع الثاني الدموع اللاإرادية وهي التي تُفرز لحماية العين من الأجسام المجهرية الغريبة الضارة وتحتوي على نسبة ماء وأجسام مضادة أكبر من الآنف ذكرها. النوع الثالث الدموع العاطفية, وهذا النوع يحتوي على نسبة كبيرة من هرمون الليوسين انكفالين وهو مسكن طبيعي للألم الذي نشعر به. في نهاية الأمر البكاء ما هو إلا وسيلة مباحة ومشروعة ومهمة جدًا للتعبير عن ما يختبئ في داخلنا, لو لم يكن مباحًا لما بكى الرسول صلَّ الله عليه وسلم في مواقف كثيرة. لا تمنع نفسك حقًا مُجازًا, ولا تضع على صدرك حمولةً أكبر وأثقل, أخرج من بداخلك, وابكِ, ابكِ بكل ما أوتيت من دموع, فالراحة مطلب, والوسيلة هي الدموع.Share this on WhatsAppShare0Tweet0Share0Share

مشاركة :