واس- الرياض: أمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -تغمده الله بواسع رحمته- بصناعة باب جديد للكعبة المشرفة على حسابه الخاص، عام 1363هـ، بعد أن علم أن الباب الموجود حينها قد أخذ في الاختلال لقدم صنعه الذي يعود إلى عام 1045هـ، بحسب ما ذكرت دارة الملك عبد العزيز في إحدى إصدارتها التاريخية الموثقة. واستغرق العمل في صناعة الباب الذي أمر به الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ثلاث سنوات، وصُنع من قاعدة حديد ثُبت على سطحها مصراعا الباب المعمولان من الخشب الجاوي المصفح بالفضة المطليّة بالذهب، إلى جانب أشرطة وفراشات نحاسية مزخرفة. وتكونت واجهة الباب من منطقة مستطيلة الشكل، رأسية الوضع، يحيط بها شريط زخرفي قوام زخرفته فرع نباتي متعرج ينتهي بورقة نباتية مشرشرة ومقوسة، بداخلها وردة سباعية البتلات، وتكرّر هذا النمط الزخرفي في الشريط كاملاً. وصُممت المنطقة المستطيلة لهذا الباب على شكل عقد نصف دائري تعلوه منطقة مستطيلة بها أربعة أشكال شبه مستطيلة، بداخلها كتابات، وفي كل ركن من أركانها فرع نباتي ينتهي بأوراق نباتية متعددة الفصوص، ذات فص وفصين وثلاثة وخمسة، علاوة على وردة خماسية. ونُفذت في واجهة العقد من الأعلى زخرفة التوريق الإسلامية (الأرابسك)، كما نفذ داخل العقد أشرطة نحاسية مذهبة رأسية الوضع، قوام زخرفتها وردة سباعية البتلات تتوسطها نجمة سباعية الزوايا، وزينت هذه الأشرطة بوريدات خماسية البتلات، في وسطها سرة بارزة بها أربع وريقات، ووردة رباعية البتلات، ويتكرر هذا النمط الزخرفي في جميع الأشرطة الأفقية البالع عددها 20 شريطاً. وقالت الدارة في المجلد الفاخر الذي أصدرته بعنوان (أعمال الملك عبدالعزيز المعمارية في مكة المكرمة) لأستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة أم القرى الدكتور ناصر بن علي الحارثي، رحمه الله: إن باب الكعبة الذي أمر بصناعته الملك عبدالعزيز، رصّع بـ 114 فراشة، بما في ذلك جانباه الأيمن والأيسر والعتب العلوي، ويبلغ القائم الذي يربط عرض المصراعين 9 سنتيمترات، وارتفاعه عن سطح المصراعين 6 سنتيمترات، غطيت أجزاء متتابعة منه بصفائح فضية مزخرفة، بينما بلغ عدد المقابض أربعة، اثنان لقفل الباب، والآخران عبارة عن حلقة دائرية قطرها 9 سنتيمترات تبرز قاعدتها عن سطح الباب بمقدار 9 سنتيمترات. وركّب باب الكعبة عصر يوم الخميس 15 ذي الحجة عام 1366هـ الموافق 31 أكتوبر عام 1947، في احتفال رسمي حضره صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- حينما كان ولياً للعهد، والأمراء والوزراء، وكبار المسؤولين في الدولة من مدنيين وعسكريين. واستمر باب الكعبة كما هو عليه حتى عهد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- حيث لاحظ بعد صلاته في جوف الكعبة عام 1397هـ قِدم الباب، ورأى آثار الخدوش ظاهرة عليه، فأصدر توجيهاته بصنع باب جديد للكعبة المشرفة، وباب التوبة الذي يُصعد به إلى سطح الكعبة المشرفة، وذلك من الذهب الخالص. وبلغ ما أنفق في صناعة البابين (باب الكعبة وباب التوبة) (13420000) ريال، عدا كمية الذهب التي تم تأمينها بواسطة مؤسسة النقد العربي السعودي، وهي 280 كيلوجراماً عيار 99.99 %، واستهل العمل في البابين من غرة ذي الحجة عام 1398هـ لمدة 12 شهراً، وأقيمت ورشة خاصة لصناعتهما، ولا يزالان قائميْن في الكعبة المشرفة حتى الآن.
مشاركة :