رعاية دولية تملأ الفراغ

  • 12/25/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

محمود الريماوي تحتاج العملية السياسية الشرق أوسطية إلى رعاية دولية من نمط جديد وبمكونات مختلفة، وذلك بعدما أخرجت الولايات المتحدة «نفسها» من هذه العملية عبر التسليم بالادعاء الصهيوني بأن القدس عاصمة لدولة الاحتلال. وكانت السلطة الفلسطينية قد أوفدت في الأسبوع الماضي ممثلين عنها إلى كل من بكين وموسكو، لدعوة البلدين إلى رعاية العملية المتعطلة منذ نحو أربع سنوات بسبب استمرار الغزو الاستيطاني والتهويد القسري للقدس مع توسيع حدود المدينة. وتبدو كل من روسيا والصين على درجة من الحماسة لقبول أداء هذا الدور، وملء الفراغ الأمريكي، وذلك بعد أن اختارت الإدارة الحالية في واشنطن أن تكون شريكة للاحتلال، لا وسيطاً من أجل إنهائه. ومن المتوقع أن ترفض «تل أبيب» انتقال زمام الرعاية من واشنطن إلى غريمتيها بكين وموسكو. غير أن «تل أبيب» سوف تغامر حينئذٍ بعلاقات ليست واسعة ولكنها متنامية مع روسيا وبكين وتشمل تفاهمات مع موسكو بخصوص الوضع في سوريا، وعوناً في المجال العسكري التقني مع بكين. كما سوف تبدي واشنطن السخط على استبعادها. غير أنه من المفيد وضع البلدين الكبيرين في مواجهة الدولة العظمى بخصوص ملف الشرق الأوسط، وعلى أمل أن يؤدي البلدان دوراً أكثر نشاطاً مما كان عليه من قبل. على أنه يصعب تخيل الاكتفاء برعاية صينية وروسية، ذلك أن الأمر يحتاج تفويضاً دولياً يصدر عن الأمم المتحدة، وبالذات من مجلس الأمن. مما يُملي التقدم بطلب مماثل من العضوين الدائمين فرنسا وبريطانيا للمشاركة في رعاية العملية، ويستند هذا الطلب إلى الموقف السليم الذي اتخذته كل من لندن وباريس، في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة ضد قرار الرئيس ترامب بخصوص القدس، رغم الصلات القوية الأطلسية وغيرها التي تربط البلدين بالولايات المتحدة، فيما أيدت واشنطن سبع دول صغيرة بعضها يصعُب نُطق أسمائها: مثل ميكرونيزيا - ناورو - بالاو، وهو ما شكّل انتكاسة كبرى ومستحقة للموقف الأمريكي الذي بدا معزولاً وشاذاً على مستوى العالم وذلك لمجافاته التامة للشرعية وأحكام القانون الدولي، وحتى لمواقف أمريكية سابقة واظب على الالتزام بها الرؤساء السابقون. ومن المفيد في هذا الإطار وضع بريطانيا وفرنسا بمواجهة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة وفي كل محفل دولي وما يتبع ذلك من مواجهة بين البلدين ودولة الاحتلال، التي تسعى لشرعنة البلطجة والسطو المسلح. وحتى في حال لجوء واشنطن لاستخدام حق النقض في مجلس الأمن بخصوص تشكيل رعاية دولية جديدة للعملية السلمية في الشرق الأوسط، فإن ذلك لا يمنع من قيام الدول الأربع الدائمة العضوية في مجلس الأمن باتصالات منفردة أو ثنائية مع الأطراف المعنية بالصراع، وهو ما من شأنه إشاعة مناخ سياسي جديد لا مكان فيه لمن يتنكرون للشرعية الدولية، ولحق شعب فلسطين في وطنه أسوة بكل شعوب الأرض. وسبق أن تشكلت رباعية دولية برئاسة رئيس الحكومة البريطانية السابق توني بلير، كانت تضم أمريكا ولم تكن تشمل الصين، لكن واشنطن بذلت على الدوام كل ما تملك يمينها من أجل تعطيل عمل اللجنة وإغراقها في مسائل جانبية وتفصيلية، من أجل تفادي استحقاق إنجاز تسوية تقوم على القرارات الدولية وعلى مبدأ إعادة الأرض لأصحابها مقابل السلام. على أن يبقى الباب مفتوحاً أمام الولايات المتحدة للانضمام إلى اللجنة في حال تراجعت عن خطيئتها، بإهداء القدس التي لا تملكها، إلى الغزاة الذين احتلوا المدينة المقدسة.ويسع اللجنة الرباعية الجديدة المأمولة والتي تزداد الحاجة إلى تشكيلها، أن تقيم صلة تشاور وعمل مع الدول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن، رغم تغير هذه الدول كل عامين. والهدف هو تأمين أوسع إطار دولي، ضمن المنظمة الدولية، لإطلاق العملية السلمية ومنع انفراد دولة واحدة بتقرير مستقبل السلام في منطقتنا، وبعدما ثبت أن هذه الدولة وهي أمريكا عاجزة وغير راغبة في القيام بدور وسيط يتحلى بالحد الأدنى من النزاهة والموضوعية. إن الزخم الإيجابي الذي لقيته قضية القدس في الأمم المتحدة وفي الغالبية الغالبة من دول العالم وهيئاته، يستحق الحرص عليه والحفاظ على ديناميته، بالتقدم بمبادرات سياسية ودبلوماسية شجاعة، تكسر الاحتكار الأمريكي، وتؤسس لتشاركية دولية فعالة كفيلة بدفع قضية فلسطين إلى الأمام، ووقف عملية التدليس التي تستغل الحرب المشروعة والواجبة على الإرهاب من أجل تحقيق هدف مثل التستر على الاحتلال «الإسرائيلي» وتصويره على أنه طرف في مكافحة الإرهاب، علماً أنه كان ومازال باحتلاله البغيض والطويل يمثل دور الأب الراعي والمؤسس للإرهاب في منطقتنا. mdrimawi@yahoo.com

مشاركة :