ظهر جليا أن الميليشيات الانقلابية أضحت غير قادرة على التحكم بأذرعها الامنية المحلية على مستوى المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرتها للتعبئة ضد أنصار صالح وحزبه، بإقدامها على استفزاز المجتمعات القبلية التي كانت مصدرها البشري لجبهات القتال طيلة ثلاثة اعوام، لتزيد الميليشيات الفجوة بينها والمجتمع اليمني مؤخرا بقتل زعامات قبلية لمجرد وضعها صورا للرئيس المغدور على سياراتهم. ونجد أن مأزق الميليشيات بعد اغتيالها غدرا الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، والتنكيل بقيادات حزب المؤتمر الشعبي وانصاره لم يقتصر على عدم قدرتها على احتواء التطورات في الداخل اليمني، بل تعدى ذلك الى تبلور مواقف دولية اكثر تشددا من ذي قبل ضدها. وتعددت المواقف الدولية من روسيا الى بريطانيا والأمم المتحدة وصولا الى الولايات المتحدة التي عبر سفيرها في اليمن مؤخرا عن موقف بلاده من ميليشيات الحوثي المدعومة من ايران، وقبلها موقف المندوبة الدائمة لواشنطن بالمنظمة الدولية، فضلا عن الخارجية الامريكية ومستشار الامن القومي الامريكي؛ الذي اعتبر الحوثيين تهديدا خطيرا للمنطقة والمصالح الأمريكية لارتباطها بالمشروع الايراني العابر للحدود. ومن ذمار الى المحويت واب وصنعاء، وحجه وعمران، تعمد الحوثيون البطش بالزعامات القبلية لمنع تمردها مع صالح والانتفاض بعد مقتله، غير ان هذا السلوك المتوحش تحول مؤخرا الى لعنة عليها في الجبهات بفشلها في استقطاب 400 مقاتل من ابناء محافظة ذمار التي شكلت دائما رقما مهما في رفد صفوفها بالمقاتلين. وبات الانقلابيون على يقين تام بأن نهايتهم على يدي الشرعية والتحالف باتت وشيكة؛ وبغطاء قانوني شكله قرار مجلس الامن 2216 والقرارات الدولية الاخرى ذات الصلة بتجريم تهريب نظام إيران السلاح الى وكلائها في الخارج. وفي الوقت الذي وضعت فيها الميليشيات السكين على اعناق اعضاء مجلس النواب الموالين لصالح وحزبه، بجانب اعضاء الحكومة الممثلين للحزب لارغامهم على الاستمرار في عملهم وتوفير غطاء لشراكة صورية سبق ان اعلن صالح فضها قبيل اغتياله غدرا، في ظل رفض قيادات الحزب المعروفة مواصلة الشراكة البائسة، تحاول ميليشيات الحوثي الإيرانية منذ اغتيالها غدرا الرئيس السابق علي عبدالله صالح تبرير جريمتها امام انصار صالح وحزبه وقبائل الشمال وذلك من خلال اجتماعات مكثفة مع شيوخ العشائر وواجهات المجتمع اليمني، بالتوازي مع نشاط اعلامي مكثف في ذات السياق تنفذه اكثر من 15 وسيلة اعلامية موجهة لذات المهمة ما بين قنوات فضائية واذاعات وصحف. وظهر الارتباك في اوساط قيادات الميليشيا الحوثية التي ظهرت بمواقف واهية، آخرها تصريح المتحدث باسم الميليشيات الذي زعم أن السفير الامريكي تحدث معه في الكويت عن موقف بلاده المنتقد لشراكتهم مع صالح، وهو هنا يكذب الادعاء الحوثي الزائف بمعاداة واشنطن والدعوة المستلبة من نظام «ولاية الفقيه» بالموت لأمريكا. إذن تفتقر كل تحركات الانقلابيين للمشروعية القانونية، ناهيك عن كونها ميليشيا متمردة لا تملك اية صفة دستورية باختطافها للسلطة، وهو ما سيمهد لتحرك محلي وإقليمي دولي يعجل بتصحيح مسار الوضع في اليمن؛ سواء بفرض تسوية سياسية تجبر الميليشيات على انهاء كل ما ترتب بانقلابها على الشرعية من وضع متأزم في البلاد، علاوة على استنهاض حسم عسكري دولي يستعيد الدولة المنهوبة من ايدي الميليشيات الانقلابية المدعومة من نظام إيران الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم.
مشاركة :