لا أحبذ الرد على مقال أو تغريدة كتبتها من منطلق أن للآخر الحق المطلق في النقد أو التعليق على ما يقرأ ويتابع، لكن ما قرأته وتابعته من تعليقات وتغريدات لبعض الاخوة من منتسبي «الإخوان المسلمين»، ومن بعض كتابهم ومغرديهم، وذلك ردا على تغريدة نشرتها تربط بين فكر ومنهج ونشأة الإخوان في الجزيرة أو ما يعرفون بإخوان «من طاع الله» عام 1911.. وبين تنظيم الإخوان المسلمين في مصر عام 1928، استغربت ردة الفعل العنيفة وحالة الفزع التي أصابت بعض «إخوان» اليوم لمجرد نسبهم إلى «إخوان الأمس»، فأنا لم أنسب نشأتهم… ولم أربطها بملحدين مثلا.. ولا ببوذيين.. ولا بزرادشتيين.. وإنما ربطت بين نشأتهم وفكرهم بإخوان لهم في الدين والعقيدة.. وبسبب ظروف تشابه إلى حد التطابق بين الحركتين.. وايضا الى اسباب تتعلّق بتأثر وتأثير كلتا الحركتين بأسماء ورموز لعبت أدوارا بارزة في كلتيهما! اولا، المسار التاريخي لكلتا الحركتين متطابق وليس متشابها فقط.. والتوقيت الزمني لا يتجاوز بضع سنوات.. فبين عام 1911.. العام الذي نشأت فيه مجموعة من المتشددين في جزيرة العرب سموا أنفسهم «إخوان من طاع الله»، وعام 1928 العام الذي نشأت فيه جماعة «الإخوان المسلمين» بمشروع إنشاء دولة دينية.. أقول بين النشأتين فترة زمنية قصيرة تحبذ انتقال الفكر خاصة في ظل الظروف السائدة حينها والتي تميزت بنهاية اخر الخلافات الإسلامية في تركيا! الإخوان في الجزيرة شاركوا في تأسيس الدولة وحاولوا الانقلاب على الملك عبدالعزيز بن سعود الذي قاتلهم.. وقتل زعيمهم فيصل الدويش، وكذلك كانت الحال في مصر، حيث شارك الاخوان في القتال ضد الانكليز وساهموا في التأسيس وتعاونوا مع عبدالناصر ثم انقلبوا عليه فحاربهم وشنق زعيمهم سيد قطب. صحيح ان المراجع في هذا الصدد قليلة.. ولكن هنالك شبه توثيق من قبل أفراد عاصروا تلك المرحلة ويتحدثون عن سجالات فكرية وثقافية بين فيصل الدويش زعيم «إخوان من طاع الله» وبين حسن البنا وسيد قطب من «الإخوان المسلمين»… سجالات وتبادل فكري حدثا بين الجماعتين في «الصمان» وأخرى في «أم الجماجم»، ويقال إن سيد قطب قد أبدى إعجابه بفراسة وعلم ومعرفة فيصل الدويش. العلاقة بين الجماعتين يؤكدها كذلك ارتباط رموز فكرية ومهمة في تاريخ الحركات الإسلامية بمسار كلتا الحركتين.. أحدهم حافظ وهبة المولود في بولاق بمصر – والذي عمل في الكويت مدرسا في مدرسة المباركية.. وتنقل بين دول الخليج من الكويت والبحرين بعد أن نفاه البريطانيون من مصر – حافظ وهبة سمع من الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومن الشيخ محمد عبده عندما كان يحضر دروسهما ومجلسيهما… مما جعله يتعلّق بالدعوة واصبح شغوفاً بمعرفة المزيد ومهتماً بتوثيق العلاقة بين دول الجزيرة وبين مصر.. علماً بأن تواجده في الكويت كان عام 1916.. أي بعد خمسة اعوام على نشأة «إخوان من طاع الله». أما الشيخ محمد رشيد رضا، فقد عرف ميله وتعمقه في دراسة كتب الشيخ ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب، وقد تنقل بين عمان والكويت وجال دول المنطقة.. قبل ان يهاجر الى مصر بسبب عدم قدرته على التعبير عن آرائه السياسية، وهو الشخصية التي تعد أهم شخصية تأثرت بدعوة محمد بن عبدالوهاب في مصر. التشابه بين الجماعتين اذا ليس في التسمية فقط ولا في الاحداث التاريخية وحدها، بل يكمن التشابه في المنهج كذلك.. وصحيح أن «إخوان من طاع الله» كانوا أبسط في تشكيلهم السياسي من جماعة الإخوان المسلمين التي عاصرت التغيرات في المنطقة، فأضافت بعض الأفكار «التنويرية» الى منهجها، ويمكن القول هنا إن «جماعة من طاع الله» تطورت اذا من سرقة القوافل ومهاجمة الحجاج إلى فكر أيديولوجي قاده مؤسسو الفكر في مصر في ما بعد! سعاد فهد المعجل Suad.almojel@gmail.comsuadalmojel@
مشاركة :