تونس تدفع ثمن وقوفها على الحياد في الأزمة الخليجية

  • 12/26/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عواصم - وكالات: تُواصل الإمارات مدّ ذراعها في الساحة التونسية وتحريك قطع الشطرنج بالشكل الذي تراه مناسباً، ما يحدد شكل العلاقات بين البلدين، والتي دخلت توتراً ملحوظاً خلال الأيام الأخيرة. فقرار منع أبوظبي التونسيات من ركوب طائراتها برّرته الإمارات بما سمّته «معلومات أمنية»، وهو ما دفع تونس إلى الرد بحظر دخول شركات الخطوط الجوية الإماراتية أراضيها. القرار الإماراتي أثار جدلاً واسعاً في تونس، رغم التراجع عن الإجراء المفاجئ في وقت لاحق؛ بل وصعّد موجة جدل انتقلت من وسائل الإعلام المحلية إلى مواقع التواصل الاجتماعي وجمعيات حقوقية. وكانت شركة الطيران الإماراتية منعت تونسيات، باستثناء الحاصلات على الإقامة أو صاحبات جوازات السفر الدبلوماسية، من السفر على متن طائراتها المتجهة من تونس إلى دبي. وبعيداً قليلاً عن أزمة السفر، فإن الإمارات وصلت إلى تونس من بوابة محاولة إفشال التجربة الديمقراطية؛ عقب فوز مرشح حركة النهضة الإسلامية بالأغلبية في انتخابات المجلس التأسيسي 2011، وانتخابه رئيساً لتونس. العلاقات بين البلدين كانت على الحال الذي تفضّله الإمارات وترغب به، في عهد الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، إلى أن وصل «الإسلاميون» الذين تُكنّ لهم أبوظبي خصومة ظهرت في محاولة إفشالها تجربتهم في الساحة العربية. وبعد الأزمة الخليجية، التي بدأت في 5 يونيو الماضي، قال وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي: «لا نريد مزيداً من التفرقة، ونتمنّى تجاوز الخلافات في الخليج وإيجاد حلٍّ يرضي جميع الأطراف». هذا الأمر أيضاً لم يرُقْ للإمارات، إذ ذكرت تقارير إعلامية أنها والسعودية ضغطتا على تونس لتقطع علاقاتها مع قطر، مقدمين وعوداً كبيرة إذا ما قرّرت الاصطفاف معهم. وأواخر 2015، نشر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني تقريرين متتاليين، اتّهم فيهما الإمارات بالوقوف خلف عدم الاستقرار في تونس؛ لرفض الرئيس التونسي تكرار نموذج السيسي في مصر بالسعي لـ «سحق الإخوان». وكشفت مصادر مطّلعة أن الإمارات «ضخّت أموالاً طائلة مع بداية الأزمة لشراء ذمم عدد من الإعلاميين والسياسيين المعروفين بمهاجمتهم المتكرّرة لدولة قطر». وأضافت المصادر إن وسائل إعلام إماراتية معروفة قدّمت عروضاً مالية مغرية لبعض الصحفيين والكتّاب المعروفين من أجل كتابة مقالات تهاجم الدوحة، لكن الإغراء الإماراتي لم ينجح بعد رفض هؤلاء «قطعاً». وفي نوفمبر الماضي، علم «الخليج أونلاين» أن «العقود الإعلانية» المغرية التي أبرمتها شركة «طيران الإمارات» مع بعض وسائل الإعلام كانت عبارة عن «رشوة» لمهاجمة قطر والتركيز على أنها «تدعم الإرهاب». وقبل بداية الأزمة، لم يعتد التونسيون مشاهدة إعلانات خاصة بطيران الإمارات على وسائل الإعلام المحليّة، وهو ما رآه مراقبون محاولة من أبوظبي للتأثير في الخط التحريري لبعض وسائل الإعلام التونسية.السبسي: حظر الطيران الإماراتي سيظل قائماً أعلن الرئيس التونس الباجي قايد السبسي، أمس، أن قرار تعليق رحلات شركة الخطوط الإماراتية إلى تونس سيظلّ قائماً إلى حين مراجعة إجراءات سفر التونسيّات طبقاً للقوانين والمعاهدات الدوليّة الجاري بها العمل. وشدّد رئيس الجمهورية أثناء استقباله بقصر قرطاج وزير الشؤون الخارجية خميّس الجهيناوي، على «ضرورة صون كرامة كلّ المواطنين التونسيين داخل وخارج أرض الوطن»، مؤكداً حرصه على «عدم المسّ بحقوق المرأة التونسيّة مهما كانت الدواعي والمبرّرات». وأوصى السبسي «بالعمل على تجاوز هذه الإشكالات في أقرب الأوقات حفاظاً على علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين الشعبين التونسي والإماراتي». ومنعت «طيران الإمارات»، الجمعة الماضي، تونسيات باستثناء الحاصلات على الإقامة أو صاحبات جوازات السفر الدبلوماسية، من السفر على متن طائرتها المتجهة من مطار قرطاج الدولي إلى دبي، دون إبداء أسباب ذلك. وفي اليوم ذاته، أعلنت وزارة الخارجية التونسية، في بيان لها، أنه تمت مقابلة سفير الإمارات لدى تونس، في مقرّ الوزارة، للاستفسار وطلب توضيحات بخصوص الإجراء المتعلق بمنع التونسيات من السفر. وقالت الوزارة في بيانها، إن الدبلوماسي الإماراتي أكّد أن هذا القرار كان «ظرفياً ويتعلّق بترتيبات أمنية، وأنه تم رفعه وتمكين كل المسافرات من المغادرة عبر الخطوط الإماراتية».الأورومتوسطي يطالب بالتحقيق في منع الإمارات سفر التونسيات استنكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أمس، منع سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة صعود سيدات تونسيات على متن طائرتها التي كانت متوجهة إليها من تونس الجمعة الماضي، واعتبره «تمييزاً صارخاً وانتهاكاً مؤسفاً لحقوق المرأة». وقال المرصد الدولي الحقوقي الذي يتخذ من جنيف مقراً له إن نطاق القرار الإماراتي الذي تضمن منع «كل النساء من حملة الجنسية التونسية، والمتوجهات إلى مطار دبي الدولي من مطار تونس قرطاج»، يقوم على سمة تمييزية مركّبة. وطالب الأورومتوسطي، الإمارات بالتحقيق في الأسباب التي أدت لهذا القرار التمييزي والعمل على تجنب الأفعال التي تستهدف جنساً أو جنسية بعينها والكفّ عن التعامل مع حقوق الإنسان باعتبارها نقيضاً للاعتبارات الأمنية، داعياً لوقف هذه الإجراءات والإجراءات المضادة. واعتبر المركز القرار المذكور «انتهاكاً لحقوق التونسيات وتمييزاً ضدهن لا على أساس جنسيتهن فحسب، بل كذلك على أساس جنسهن، وهو ما يمثل مخالفة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي نصّ على الحق في التنقل. وأفاد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في مادته الأولى بأن على الدول عدم التمييز في الحقوق - وضمنها الحق في التنقل -، سواء كان التمييز قائماً على أساس العرق أم الجنس أم الأصل القومي أو الاجتماعي أم أي أساس آخر «وهو ما انتهكته دولة الإمارات بشكل فجّ، لا سيما أن هذه المادة في القانون تمثّل قاعدة عرفية ملزمة لكل الدول» بحسب المرصد الأورومتوسطي.تونس: الإمارات قدمت اعتذاراً هاتفياً ومتمسكون بالعلني أوضح وزير الشؤون الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، أمس، أن المسؤولين الإماراتيين اتصلوا به وقدموا اعتذاراتهم. وأضاف «الجهيناوي» إن تونس تريد الاعتذار العلني، مضيفاً «أخبرنا الطرف الإماراتي أن تونس ليست جزءاً من الإمارات وأنه وجب عليهم إعلامنا بهكذا قرارات»، وفقاً لوسائل إعلامية تونسية. وأشار إلى أنه قد تأكد وجود المعلومة الاستخباراتية لدى الجهة الإماراتية ومع هذا لا يمكن قبول هذا القرار، معتبراً طريقة فرز المسافرين غير شرعية وأعلموا الشركة الإماراتية بذلك. وتابع «الحكومات تمر والشعوب تبقى وأن تونس ساهمت مساهمة فعالة في بناء دولة الإمارات». وأعلنت تونس تمسكها بقرار منع «طيران الإمارات» من الهبوط في مطارات الدولة، مطالبة أبوظبي باعتذار علني لمنعها سفر تونسيات على متنها. وكانت وزارة النقل التونسية، أعلنت الأحد، تعليق رحلات شركة الخطوط الإماراتية من وإلى تونس، إلى حين تمكن الشركة من إيجاد الحل المناسب لتشغيل رحلاتها طبقاً للقوانين والمعاهدات الدولية، أي لحين رفع الإجراء بحق التونسيات. وشكت عدد من التونسيات خلال الأيام الماضية، من تأخير سفرهن إلى الإمارات على متن طائرات إماراتية وإخضاع بعضهن لإجراءات تفتيش وتدقيق إضافية في تأشيراتهن.أبوظبي تبرر قرارها بتهديدات أمنية أكّد مصدر في رئاسة الجمهورية التونسية أن دولة الإمارات برّرت قرارها بخصوص منع التونسيات من السفر للإمارات بتلقيها «معلومة أمنية استخباراتية كانت سبباً في اتخاذها هذا القرار». وأضاف المصدر «أُبلغنا من السلطات الإماراتية بوجود تهديدات إرهابية على متن طائراتها من نساء يحملن جوازات سفر تونسية». وفي سياق متصل، أكّدت إذاعة موزاييك التونسية أن الخطوط الجوية الإماراتية رفضت «التعهد كتابياً بعدم تكرار منع التونسيات من ركوب طائراتها بعد اجتماع فني عقد في مقرّ وزارة النقل بحضور ممثلين عن وزارات النقل والخارجية والداخلية وديوان الطيران المدني والمطارات وممثلي شركة الطيران الإماراتية ولم يفضِ لأي حل للإشكال القائم».

مشاركة :