الفيلم السنغافوري «ايلو ايلو»: صبي يبحث عن الحنان وسط أزمة اقتصادية طاحنة

  • 10/2/2014
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

أثار المخرج السنغافوري الشاب أنطوني تشان البالغ من العمر 30 عاماً إعجاب العديد من النقاد بعد عرض فيلمه الأول "إيلو إيلو" "Ilo Ilo" في مهرجان كان 2013 والذي نال عنه فيما بعد جائزة الكاميرا الذهبية وهي الجائزة التي تمنح لأفضل عمل أول. ثم أصبح أول مخرج سنغافوري يفوز بجائزة أفضل فيلم وأفضل مخرج لعمل أول عن نفس الفيلم في مهرجان الحصان الذهبي الذي يقام سنوياً في تايوان، إضافة إلى فوز تشان في نفس المهرجان عن جائزة أفضل نص، وفوز الممثلة الماليزية يو يان يان بجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن دورها فيه، كما حاز الفيلم على جائزة المهر الآسيوي الأفريقي من مهرجان دبي الماضي عن فئة أفضل فيلم روائي. والسبب يكمن في بساطة الفيلم وعذوبته وأصالته في الوقت ذاته. تدور أحداث الفيلم في سنغافورة سنة 1997 (أي وقت الأزمة المالية الاقتصادية التي هزت دول آسيا) والتي سنرى أثرها على كل شخصيات الفيلم، وأولها جيال الصبي ذو التسع سنوات (كوه جيا لير) الذي يشتكي منه المدرسون في المدرسة بسبب شقاوته وانشغاله عن الدروس بقص أرقام اليانصيب الفائزة كل مرة والتمعن فيها على أمل أن الوصول إلى فك شفرة الأرقام الفائزة وكسب اليانصيب. تتصل المدرسة بأمه (يو يان يان)، والتي تبدو في مرحلة متقدمة من الحمل، وتعمل جل وقتها كسكرتيرة في كتابة خطابات استغناء عن الخدمة لكثير من الموظفين، للشكوى لها من سلوك ابنها المشاغب. أما الأب (تيان وين تشين) فيفقد وظيفته كمندوب مبيعات ويحاول إخفاء هذا عن زوجته. تقترح الزوجة استقدام خادمة فلبينية لمساعدتها في العناية بابنها الشقي لأنها تعمل لوقت طويل ولا تريد في وقت كهذا أن تتهاون في العمل. يوافق الأب على مضض ويمضي في إخفاء مشاكله المالية بعد أن يغامر بما يملك في سوق الأسهم ويخسر. تحضر الخادمة تيري (أنجيلي بياني) من الفلبين ومن منطقة إيلو إيلو تحديداً، التي يستمد منها الفيلم عنوانه. يتعامل جيال في البداية مع تيري كعدوة ولكنه يرى منها اهتماماً لا يراه من غيرها، فيبدأ بالتعلق بها. لكن الخادمة أيضاً تعاني من مشاكل مالية فتبدأ بالبحث عن وسيلة أخرى لكسب المال. الحقيقة أن السيناريو الذي كتبه أنطوني تشان منسوج بعناية شديدة وببناء غير نمطي أشبه بحبكات فرعية صغيرة مرتبطة بحبكة رئيسية. فهناك خيوط فرعية للشخصيات حول تعاملهم مع الضغوط المالية كل بطريقته، في حين أن جيال وعلاقته بتيري الخادمة هي الحبكة الرئيسية. حيث نرى هذا الولد الشقي المتمرد والمزعج وهو يعاني من قسوة المدرسة التي تؤمن بالشكل القديم للتربية الصارمة التي تعتمد العنف الجسدي كوسيلة للتأديب والانضباط. ونراه يعاني أيضاً من قسوة أمه أحياناً والتي بسبب ضغط العمل وضغوط الحياة ليس لديها الصبر للتعامل مع ابنها برقة وبتفهم، والأب المهموم بالضغوط المادية لا يشارك ابنه في أي شيء. ولذلك فتعلقه فيما بعد بالخادمة يبدو مؤثراً وطبيعياً جداً, لكن في كل الأحوال كل الشخصيات تبدو إنسانية جداً في تصرفاتها وفي ردود أفعالها, حتى الأم التي تبدو متسلطة على زوجها وعلى الخادمة تظهر ضعفها عند اكتشافها خداع المدرب، ونشعر بغيرتها من قرب الخادمة من ابنها. وقد استمد تشان قصة فيلمه من تجربة شخصية له عندما قدمت خادمة فلبينة إلى بيتهم وعاشت معهم من 1988 إلى 1997. وقد حضرت الخادمة الحقيقية في العرض التجاري الأول للفيلم في هونغ كونغ. لابد من الإشادة أيضاً بالآداء العفوي والطبيعي لكل الشخصيات الرئيسية وخاصة الصبي الصغير الذي كان رائعاً ومؤثراً في مشهد السيارة حين أمسك بخصلات من شعر الخادمة. وقد استحق المخرج الجوائز الممنوحة للفيلم لإدارته الجيدة للممثلين، وللتصوير والمونتاج واللمسة الواقعية لفيلم بسيط وعذب وممتع.

مشاركة :