حفتر ينحني أمام العاصفة الدولية ويقبل بالانتخابات

  • 12/26/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

إسطنبول/ مصطفى دالع/ الأناضول إعلان خليفة حفتر، قائد أكبر قوة عسكرية في الشرق الليبي، انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، اصطدم برفض دولي متمسك بالاتفاق حتى من أقرب حلفائه؛ وعلى رأسهم مصر وفرنسا، ما أسقط مشروعه في حكم البلاد عبر "تفويض شعبي"، بدلا من خوض انتخابات رئاسية مفتوحة على كل الاحتمالات. ورغم أن حفتر، بدا مُصرا على إنهاء الاتفاق السياسي، الذي لم يعترف به يوما، وأكد رفضه الضغوطات الدولية، إلا أنه سرعان ما تراجع خطوة إلى الوراء، بإعلان المتحدث باسم قواته أحمد المسماري، السبت الماضي، أن "القيادة (حفتر) ترحب بخيار الانتخابات، بشرط أن تكون حرة ونزيهة وبإشراف قضائي، وأن تخضع لمراقبة المجتمع الدولي" وأن حفتر "لا يبحث عن السلطة". جاء هذا التراجع بعد ثلاثة أيام فقط من اجتماع حفتر، مع وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان، ودعوة الأخير لقائد قوات الشرق لاحترام الاتفاق السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة. غير أنه لا يستبعد أن يكون هذا التراجع مجرد انحناءة في وجه العاصفة الدولية، حيث سبق وأن كشف دبلوماسيون إيطاليون لوكالة "آكي" الرسمية، أن وزير الخارجية أنجيلينو ألفانو، اتفق مع خليفة حفتر، في العاصمة روما، على أنه لا غنى عن الانتخابات في ليبيا، وأن 17 ديسمبر (2017) لا يعني نهاية صلاحيته، غير أنه وبعد بضعة أيام من هذا اللقاء أعلن حفتر، انتهاء صلاحية اتفاق الصخيرات. ووزير الخارجية الإيطالي ليس الوحيد الذي أخلف حفتر اتفاقه معه، حيث سبق أن اتفق الأخير مع السراج في باريس، بوساطة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في يوليو/ تموز 2017، على تنظيم انتخابات في ربيع 2018، والاتفاق نفسه تقريبا تم التوصل إليه في العاصمة الإماراتية أبو ظبي في مايو/ أيار الماضي. وتتحدث تقارير إعلامية عن أن كلا من فرنسا والإمارات يدعمان قوات حفتر سياسيا وحتى عسكريا. كما أن دول الجوار العربية الثلاث (الجزائر وتونس ومصر)، أعلنت بشكل واضح دعمها لاتفاق الصخيرات، ولإجراء انتخابات في 2018، خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاثة بتونس، في نفس اليوم الذي أعلن فيه حفتر انتهاء صلاحية الاتفاق (17 ديسمبر الماضي). ورغم أن موقف الجزائر وتونس كان متوقعا، إلا أن تأييد مصر (من أكبر الداعمين لحفتر) لاتفاق الصخيرات وبالتالي للمجلس الرئاسي في طرابلس، يضع حفتر في حالة عزلة دولية، ويُظهره كمعرقل لجهود الأمم المتحدة لإحلال السلام في ليبيا، ومساعيها لإنهاء المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد منذ إسقاط نظام معمر القذافي في 2011. غير أن حفتر، يبدو غامضا إلى حد التناقض بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فمن جهة يعلن دعمه لفكرة تنظيمها للخروج من المرحلة الانتقالية، لكن على الأرض ما فتئ أنصاره يعرقلون أي مساعي لإجرائها. ففي عدة مناطق في شرقي البلاد، تعرضت مراكز انتخابية للتخريب على يد أنصار حفتر، الذين أعلنوا منذ عدة أشهر عن حملة لجمع التوقيعات لتفويض حفتر رئاسة ليبيا (بدون انتخابات). وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زعم أنصار حفتر، أنهم جمعوا قرابة مليون و300 ألف توقيع (سكان ليبيا لا يتجاوزن 6 مليون و400 ألف نسمة)، وأنهم سيرسلون كشوفات نتائج هذه التفويضات إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية. لكن هذه التفويضات، التي تم التشكيك في طريقة جمعها، أخفقت في فرض حفتر، كرئيس ليبيا بحكم الأمر الواقع، ولم تولَ أي أهمية من المجتمع الدولي، وقوبلت بالسخرية من ناشطين ليبيين على شبكات التواصل الاجتماعي. فرغم أن حفتر، يسيطر على مساحات واسعة شرقي ووسط البلاد، إلا أن الكتلة السكانية الرئيسية تتواجد في المنطقة الغربية (أكثر من 60 بالمائة من السكان)، والتي لا تخضع لسيطرته، كما أن المنطقة الجنوبية هي الأخرى في معظمها ليست خاضعة لسيطرة قواته، مما يجعل نزع حفتر لبدلته العسكرية وخوضه انتخابات رئاسية، خيارا غير مضمون النتائج. أما الخيار العسكري، فأصبح مستبعدا أكثر فأكثر في ظل غياب دعم دولي يمهد لحفتر السيطرة على طرابلس، فكتائب مصراتة مازالت أكبر عائق عسكري أمام قواته في الغرب، خاصة وأنها قضت على "إمارة داعش" في مدينة سرت وضواحيها (450 كلم شرق طرابلس) في 2016، أما كتائب الزنتان أكبر حلفاء حفتر في الغرب الليبي، فانقلبت عليه وانحازت للمجلس الرئاسي في طرابلس، بل قضت على كتائبه في ورشفانة بالمنطقة الرخوة جنوب العاصمة في أكتوبر/تشرين الأول 2017. تطور آخر، داخلي، من شأنه إضعاف حفتر سياسيا، يتمثل في خلافه مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أكبر الداعمين السياسيين لقواته. فإعلان حفتر في 17 ديسمبر الماضي، انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي وشرعية الأجسام المنبثقة عنه (مجلس النواب، المجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني)، يمكن وصفه بتخلي حفتر عن حليفه السياسي عقيلة صالح، ومحاولة تغييبه عن المشهد السياسي. وبعد يومين من ذلك التاريخ، أغلق موالون لحفتر الباب الرئيسي للبرلمان، لمنع عقد جلسة كانت مقررة لتضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري، وانتخاب محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي. ويعد خلاف حفتر وعقيلة صالح (المنحدر من قبيلة العبيدات أكبر قبائل الشرق)، آخر حلقة في سلسلة الخلافات بين "قائد قوات الشرق"، وبعض القادة العسكريين المنشقين المدعومين من قبائلهم، على غرار الرائد محمد حجازي (قبيلة الداسة)، والعقيد فرج البرعصي (قبيلة البراعصة)، والعقيد المهدي البرغثي (البراغثة)، والنقيب فرج قعيم (العواقير). وكل من العبيدات والعواقير والبراغثة والبراعصة والداسة من أكبر قبائل الشرق الليبي عددا، وحالة التملل الواقعة في الشرق من شأنها التأثير على حظوظ حفتر في أي انتخابات رئاسية قادمة. ويبدو أن حفتر، يؤمن بالمثل القائل: "لكي تكون رئيسا، يجب أن تكون رئيسا"، والمقصود به أن الوصول إلى السدة الحكم في الدول غير الديمقراطية، يجب أن يسبق تنظيم الرئاسيات التي تكون في هذه الحالة شكلية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :