إحكي يا شهرزاد‎

  • 12/26/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ظَاهِرَةُ مُتابعَةِ برامجِ التوك شو، بحاجةٍ إلي الدراسةِ والتأمُل، لماذا يُقْبِل السواد الأعظم مِن الناس علي متابعَتِها بحرصٍ شَدِيد بينما يحجمون عَن مُتابعِة نشرات الأخبار!فإذا كان الغَرَضُ مِن التوك شو مَعرِفةَ الأخبار، فمتابعةِ النشرة هي الأوّلي وخاصة معَ تعدُّدِ صورِها المسموعةِ علي الراديو أو المرئيةِ علي التلفزيون، معَ تمتُعِها بميزاتٍ تنفرِدُ بها وتخُصها لن تجِدها في التوك شو!فهي مُتاحة طوال الوقت بالإضافة لقصرِ زمنِها ، حتي في النشرات الرئيسيّة الطويلة لا تتعدي النِصْفَ ساعة ، كما أنّها تشتمِلُ علي كُل أنواعِ الأخبارِ السياسيةِ والأقتصاديةِ والثقافيةِ والرياضيةِ والطقس ، حتي الأخبار الفنية أصبح لها موطأُ قِدَمًا بداخلِها في بعضِ الأحيان.أما إذا كان الهَدَفَ مِن التوك شو مَعرِفةُ ما وراءَ الخبرِ ، فنشراتِ الأخبارِ بقوالبِها الحدِيثة أصبحت تقدِّمُ تحليلًا للخبر ،ولا تكتفي بعرضِ الخبرِ فقط ،بل و تحليلُه أيضًا سواء عن طريق المُداخلاتِ الهاتفية أو إستقبالِ الضيوف دُونَ تواجدِهُم حقيقةً داخل الأستديو عَن طريق البرامِج التكنولوجيةِ الحديثةِ مثل (Skype ) وغيره مِن الوسائل التي سهَّلت الأمور و طورّت مِن شَكلِ النشرةِ كثيرًا .إذًا فلِم الهَوسُ ( التوك شوي) سواء المسموعِ علي الراديو أو المرئِي في التلفزيون ؟ فيما يبدو إنّه البحث عن المَعلومة( الجاهزة ) دُونَ عناءِ البحثِ والتفكير ، في زَمَن الأستسهالِ والبحثِ عَن الوجباتِ (السريعة) وملازِم المُذاكرة التي تحتوي علي (الخُلاصَة )والخروج إلي أماكِن لا تحتاج (لمجهود) فإحتياجاتِك تحتَ سقفٍ واحدٍ.فالأمرِ أشْبَه باتفاقٍ ضمني بينَ المُتلقي والقائمِ بالأتصالِ أو فيما يُعرَف (بالمذيع ) ، بِنَاءً علي مدي التوافقِ بينَ كليهُما ، فالمتلقي مشاهدًا أو مستمعًا يختارُ بينَ البرامِجِ المُخْتَلِفةِ بِحَسَبِ إنتمائاتِ القناةِ، وتوجهاتِ القائمين عليها، وشخصية مُقدِم البرنامِج، وقدرته علي مخاطبِة وجدان المُتلقي والتأثير فيه، ثم يبدأُ الأستسلام والتسليم والإيمان بقدسيةِ ما يقولُه الأعلامي الفاضِل ،بعدَ مُطابقةِ الشروطِ التي وضعها المُتلقي مُسبقًا! فالتحليل الذي يُقدَّم في النشرةِ الأخبارية عادةً توضيحِي و حيادِي يُوفِّر بياناتٍ ومعلوماتٍ إضافيةٍ عَن الخبرِ دُونَ تلوينُه بأنطباعاتٍ أو أراءٍ للقائمين عليها ، وحتي معَ وجودِ ضيوفٍ فمساحةِ الوقت لا تكفُلُ للضيوفِ فرصةً كافيةً لتوضيحِ المعلومةِ ثم إضفاءُ النكهاتِ عليها ، وَإِنَّ حاولَ ذَلِك فتأثيرِهُ ضَعِيف، فالمُتلقي في الغالِبِ الأعمِّ غيرِ مرتبط ( عقليًا) بالضيفِ الكريم.إذًا فنحنُ أمامَ ما يستحِق التفكير مِن الجانبين ، و إن كان يجمعهما ما يحتِّمُ إعمالَ العَقلِ والضمير، فمُقِدِم البرنامِج يَجِبُ أن يضعَ نُصُبَ عينيهِ أن الكلمةَ كطلقَةِ الرَصاصِ إذا خرجَت لن تعودَ أبدًا ، وعلي المُتلقِي التمييز بين الطلقةِ الحقيقية والفِشنك! وَلَكِن لأن المسؤوليةُ الكبري تقع علي الرامِي الذي يقومُ بدورِ الراويَ كلَ ليلةٍ وضحاها، فأسألهُ مُراعاةِ سَردِ الحكايةِ بجوانبِها المُخْتَلِفةِ وليس مِن زاويةٍ وَاحِدَةٍ ليحققَ هدفًا في نفسِه ، رُحماكُم ، فلتنطقوا بِالْحَقِّ كله ، فلن يشفعَ لكم ويوضأ ضمائرُكم ذِكْر نصف الحقيقة.الحقيقةُ الناقصةُ ما هي إلا كذِبةٌ كاملةٌ، وتذكروا أنّ صيتَكُم وشُهرتَكُم مبنيةٍ بقوالبِ مِن ثقةِ النَّاسِ فيما تُقدِمُونه لهم مِن وجباتٍ ذهنيةٍ جاهزة، فإذا أصابتهم بالغثيان مرة فلن يليها إلا مرات للأزدراء مِن شأنِكم ، والشهرة دُونَ أنّ يصاحبَها الأحترامِ والتقديرِ لشخُوصِكم ما هي إلا إبتلاءً كبيرًا ، كشهرةِ أصحابِ السوابِق. أستحوذَت (شهرزاد )علي قلبِ وعقلِ وحواسِ (شهريار ) وبالرغمِ من قدرتها علي إبهارِه ونجاحِها في الأخذِ بتلابيبه إلا أن مواهبِها لم تشفعْ لها بعدَ الليلةِ الألف ! فلكل حكايةٍ نهاية ، والنجوم مهما تلألأتُ ستخبو يومًا ولو بعدَ حين ، فأجعلوا مِن حضورِكم إضافةٍ لكم في الدنيا والآخرة ، وأستعدوا في كلِ لحظةٍ للنهاية لأنها قادمة فأحد العيوب الأساسية للمتلقي الخملان أنه سريعُ الملل ، ونظرةٌ علي نجومٍ خبأ وهجُها في السنينِ القريبةِ الماضيةِ هي خيرُ دليلٍ علي سُنة الإعلام ، وتذكر داءمًا عزيزي ( الشهر مذيع ) ما حدث لأختكِ ( الشهرزاد)، والعِبرة في التاريخ فأذكُرُه ليذكُرَك.

مشاركة :