البرد القارس يزيد معاناة النازحين في سوريا قساوة

  • 12/27/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

البرد القارس يزيد معاناة النازحين في سوريا قساوةيعاني النازحون السوريون منذ سبع سنوات تقريبا ظروفا قاسية جراء حرّ الصيف وبرد الشتاء، وسط نقص في المساعدات من أغطية وغذاء وأدوية تقي الأطفال والرضع من الأمراض. ووسط انعدام وسائل التدفئة وغلاء الحطب عجز هؤلاء عن حماية صغارهم من أمراض الشتاء التي أدت ببعضهم إلى الوفاة، وهي مأساة تختزلها آثار الحرب السورية التي أودت بضعاف الحال ومازالت تقدمهم ضحايا للظروف الصعبة. العرب  [نُشر في 2017/12/27، العدد: 10853، ص(20)]قصص لا تختلف في مأساتها عين عيسى (سوريا)- نجت خديجة علوش من معركة مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الإسلامية سابقا في سوريا، لتجد نفسها مجبرة على العيش في مخيم للنازحين خسرت فيه طفلها البالغ من العمر سبع سنوات نتيجة البرد. وفي مخيم عين عيسى شمال الرقة يعاني الآلاف من النازحين من ظروف صعبة جراء النقص الحاد في مستلزمات التدفئة من بطانيات وأجهزة كهربائية مدفئة ووقود مع بدء فصل الشتاء الذي يشهد انخفاضا في درجة الحرارة. وفقدت خديجة (35 عاما) عبدالإله، أحد أبنائها الخمسة قبل نحو أسبوعين. وتقول المرأة وهي تقف أمام خيمتها وفي يدها طفل آخر “ابني مات بسبب البرد والإهمال.. ارتفعت حرارته في منتصف الليل وكان يسعل طوال الوقت ومات في الصباح”. وتضيف بصوت مرتعش ووجه شاحب “كان يحب اللعب مع الأطفال وكان يتحضّر للذهاب إلى المدرسة، لكنه مات ولم يلحق (..) ليس لنا سوى الله يرحمنا من هذا البرد”.مسؤول: لا توجد إحصائيات حول وفيات الأطفال، ولا نعتبر أنها ناتجة عن البرد بل عن الأمراض وعلى غرار عشرات الآلاف غيرها، لم تتمكن خديجة حتى الآن من العودة إلى مدينة الرقة التي خلّفت المعارك فيها دمارا كبيرا جعل من الصعب التعرف على معالمها. ومنذ سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الرقة في 17 أكتوبر، عاد المئات من المدنيين إلى أحياء عند الأطراف بعدما انتهت الفرق المتخصصة من نزع الألغام فيها. ويقول جلال عياف، المسؤول في مخيم عين عيسى، “لا توجد إحصائيات حول وفيات الأطفال، ولا نعتبر أنها ناتجة عن البرد بل عن الأمراض (..) هناك نقص في الدواء ومستلزمات الأطفال”. وبلغ عدد سكان المخيم 17 ألف نازح، وفق عياف، الذي يوضح “لم نعد نمنح إقامات جديدة لأنه لم يبق مكان داخل المخيم”. وقرب خيم أسقطتها العواصف في مخيم عين عيسى، يتجمع نازحون من رجال ونساء حول كميات من الثياب المستخدمة المعروضة للبيع، يبحثون عما يمكن أن يناسبهم وعائلاتهم. وتحمل إحدى النساء معطفا وأخرى بنطالا، فيما يصرخ طفل بجنبهما بأسعار البضائع المعروضة والمرمية أرضا. ويركض الأطفال بين الخيم، بعضهم حفاة الأقدام وآخرون يرتدون معاطف ومنهم من اكتفى بمجرد كنزات، وتبدو وجوههم شاحبة وبشرتهم جافة ومتشققة جراء البرد. وتقول إنجي صدقي، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، “هناك نقص في الثياب الشتوية”، مضيفة “رأى زملائي عائلات تصنع الثياب من الأغطية لتلبس أطفالها”. وتعاني زينب عقيل (35 عاما) وأطفالها الأربعة من المرض، وتقول النازحة من مدينة البوكمال الحدودية مع العراق بعباءتها الحمراء المزركشة “منذ أن أتينا إلى هنا لم يتوقف السعال في صدري وصدور أولادي. تنقصنا التدفئة، أهم شيء آلات التدفئة والبطانيات”. وفي خيمة قريبة، يجمع رجل عجوز بجلباب أسود الحجارة ويضعها على أطراف خيمته من كافة الجهات تفاديا لدخول مياه الأمطار إليها، فيما يقوم رجل آخر بمساعدة جاره في إيجاد الأحجار المناسبة لصنع السواتر ذاتها.نتيجة لارتفاع أسعار الحطب لجأ السكان في الغوطة إلى حرق كل شيء يملكونه من أجل تدفئة أطفالهم وخاصة الرضع وفي إحدى ساحات المخيم، يبيع أطفال قوارير غاز للنازحين الذين يؤمّنون التدفئة على نفقتهم الخاصة. ويتجمع أحفاد العجوز أم يوسف حولها أثناء تسخينها المياه على موقد من حجارة وحطب صنعته بنفسها أمام خيمتها. وتقول المرأة، التي لفت وجهها بحجاب بنفسجي اللون، “وضعت هذه الحجارة كي أقوم بتسخين المياه (..) نحن نريد التدفئة فقط لهؤلاء الأطفال”. وتضيف “دائما ما يُسعفون الأطفال نتيجة البرد”. وتسبب النزاع في سوريا منذ العام 2011، بالإضافة إلى مقتل 340 ألف شخص، بفرار وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. وحال النازحين الموزعين في كافة أنحاء البلاد، سواء كان ذلك في مخيمات أو أبنية مهجورة أو أراض زراعية، لا يختلف كثيرا عما هو في مخيم عين عيسى. وفي مدينة حمورية بالغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، يعيش نحو مئة شخص في مدرسة اتخذوها مقرا لهم بعدما فروا من بلدة حوش الضواهرة لقربها من خط تماس بين الفصائل المعارضة وقوات النظام. وتحاصر القوات الحكومية الغوطة الشرقية بشكل محكم منذ العام 2013، ما تسبب بنقص خطير في المواد الغذائية والأدوية في المنطقة، حيث يقطن نحو 400 ألف شخص. ونتيجة لارتفاع أسعار الحطب لجأ السكان في الغوطة إلى حرق كل شيء يملكونه من أجل تدفئة أطفالهم وخاصة الرضع. وفي المدرسة المهجورة التي أغلقوا نوافذها بقطع من القماش أو البلاستيك، يضع أحد الأطفال بقايا بلاستيك جمعها برفقة أصدقائه في مدفئة قديمة كان يفترض أن تعمل على الحطب. وفي غرفة مجاورة انكبت النساء على صناعة الخبز على نار أشعلت أيضا ببقايا البلاستيك. ويقول أبومحمد شحاد إن “أغلب النازحين واجهوا صعوبات في البحث عن مأوى لهم يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء، وأنا ممن لم يجد سوى شقة غير مكسيّة أسكن فيها مع زوجتي ووالدتي وأطفالي”. ويضيف “ليس لدينا شبابيك أو زجاج، نضع البلاستيك بدلا منه. ليس لدينا الحطب.. نشعل النار للتدفئة بالبلاستيك”.

مشاركة :