القاهرة تقترح دخول البنك الدولي كطرف محايد في أزمة سد النهضة الإثيوبي.العرب محمود زكي [نُشر في 2017/12/27، العدد: 10853، ص(2)]الخيار الأمثل القاهرة - اقترحت مصر إشراك البنك الدولي كطرف محايد في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي، نظرا لما يتمتع به من خبرات فنية واسعة، ورأي يمكن أن يكون ميسرا للتوصل إلى اتفاق داخل أعمال هذه اللجنة، بحسب بيان للخارجية المصرية. وجاء المقترح خلال اجتماع وزير الخارجية المصري سامح شكري مع نظيره الإثيوبي وركنا جيبيو، في أديس أبابا الثلاثاء. ويسعى وزير الخارجية المصري خلال زيارته التي بدأها في وقت سابق لإثيوبيا إلى إحداث خرق في ملف سد النهضة، خاصة وأن المتغيرات الإقليمية المرتبطة بسعي تركيا وقطر الحثيث لتوظيف هذا الملف للنيل من القاهرة تفرض على الأخيرة التحرك، وطرح إجراءات عملية على الجانب الإثيوبي. ووعد وزير الخارجية الإثيوبي دراسة المقترح المصري بشأن البنك الدولي وأكد أن بلاده حريصة على نجاح المفاوضات والتعاون مع مصر والسودان، مشددا على أن إثيوبيا لا تسعى للإضرار بمصالح القاهرة المائية. وقال نادر فوزي، المستشار السابق لوزير الري المصري، إن اقتراح ضم البنك الدولي للمباحثات يأتي في ضوء العمل على تدويل القضية عن طريق البحث عن منظمات دولية وإقليمية تلعب دور الوسيط لحل المسألة، وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة. وأضاف لـ”العرب” أن إثيوبيا كانت تراوغ خلال الأشهر الماضية وترفض الاستجابة لتوصيات المكتب الفني المختص بدراسات سد النهضة، بتحريض من الدول الداعمة لها لتأجيج الصراع مع القاهرة، مرجحا أن تتغير السياسة الإثيوبية باتجاه المزيد من التفاهم بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها وعدم رغبتها في فتح جبهات للصراع مع مصر. وتواجه القاهرة إشكالا كبيرا بعد أن أعلنت الشهر الماضي فشل المفاوضات التي دامت عامين منذ أن وقع زعماء دول مصر والسودان وإثيوبيا اتفاقية في مايو 2015 تبشر بقرب انقضاء الأزمة، لكن لم تسفر المفاوضات والتقارير الفنية للشركات الأجنبية عن حل تتفق عليه البلدان الثلاث. وترى القاهرة أن أديس أبابا، تتعنت في الموافقة على القواعد الفنية في البناء والتي تتلخص في زيادة سنوات ملء خزان السد والتي من شأنها التأثير على حصة مصر المائية من نهر النيل.اقتراح ضم البنك الدولي يأتي في ضوء العمل على تدويل القضية عبر البحث عن منظمات إقليمية ودولية تلعب دور الوسيط وتجد مصر نفسها أمام تكتل إثيوبي سوداني بعد أن اتهمت الخرطوم القاهرة بإثارة أزمة دون داع، وصرح مسؤولون في السودان بأن في سد النهضة منافع لبلدهم. وأكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن زيارة شكري جاءت بمثابة النداء الأخير من القاهرة لأديس أبابا للالتزام بما جاء في الاتفاق الإطاري الذي تناول قواعد ملء وتشغيل خزان سد النهضة دون المساس بحقوق مصر. وقالت المصادر إن مصر لا تزال تملك بعض الأوراق المهمة، لكن الحكومة المصرية لا تريد الدخول في صراع من نوع آخر إلا بعد نفاد الطرق السلمية، في إشارة إلى الحل العسكري. وفي إطار الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسودان وقبلها زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي لقطر وعقد اتفاقات تعاون عسكري بينهما، تبدو القاهرة أمام معضلة كبيرة لفك تحالف جنوبي يتبلور بين قطر وتركيا والسودان وإثيوبيا. وأشارت تقارير أمنية إلى عدم استبعاد لجوء مصر لسياسة الضغط على إثيوبيا عن طريق توطيد علاقتها مع إريتريا والمعارضة الإثيوبية وقبيلة بني شنقول التي تتعرض لضرر مباشر من بناء سد النهضة، لكن المصادر قالت لـ”العرب” إن القاهرة مصممة على توظيف جميع الحلول الدبلوماسية. والتقى وزير الخارجية المصري في وقت لاحق برئيس الوزراء الإثيوبي هيلا ماريام ديسالين، حيث كرر على مسامعه المبادرة المصرية بشأن إشراك البنك الدولي، مع التركيز على ضرورة حل أزمة سد النهضة لما لذلك من مصلحة لكلا الجانبين. ومن المقرر أن يقوم ديسالين الشهر المقبل بزيارة إلى القاهرة، وسط ترجيحات بأن يسعى لتقديم تطمينات للجانب المصري خلالها، خاصة وأن إثيوبيا تشهد أزمة سياسية خانقة، وبالتالي فإن افتعال المزيد من التوترات لا يصب في صالحها. وتعيش الحكومة الإثيوبية على وقع أزمات متتالية، أبرزها تقديم رئيس مجلس النواب أبادولا جمدا ومستشار رئيس الوزراء الإثيوبي بركت سيمون استقالتيهما. ويمثل جمدا وسيمون قوميتي أورومو وأمهرا، وهما من القوميات الكبرى الثلاث التي تشكل الائتلاف الحاكم في إثيوبيا. وقد تجد إثيوبيا نفسها مضطرة إلى رأب الصدع سريعا داخليا وسد الأزمات الخارجية وأهمها أزمة سد النهضة مع مصر، وتعي أن محاولات قطر وتركيا والسودان لجرها إلى تحالف معها، يمكن أن تجلب عليها أزمات مضاعفة، في ظل ما تملكه القاهرة من شبكة علاقات قوية مع الكثير من دول حوض النيل. وكشفت المصادر أن إثيوبيا، كقوة اقتصادية صاعدة، ترفض الدخول في أحلاف مع دول تتبنى أيديولوجية إسلامية، وهي بلد غالبيته مسيحية، ما يؤلب على النظام الحاكم الأوجاع والمرارات الطائفية.
مشاركة :