زيارة أردوغان تستفز شريحة واسعة من التونسيينلا تحظى زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس بترحيب التونسيين الذين ينظرون إليها بالكثير من التوجس باعتبار أن تركيا تتزعم محور الدول التي عملت على السيطرة على تونس خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 2017/12/27، العدد: 10853، ص(4)]ضيف ثقيل تونس - تثير الزيارة التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس استياء الكثير من التونسيين الذين ينظرون إلى تركيا كإحدى أبرز الدول الداعمة للجماعات الإسلامية التي تعد أذرعها لبسط سيطرتها ونفوذها على عدة بلدان. واعتبر الإعلامي التونسي الهاشمي نويرة المستشار لدى اتحاد الكتاب والصحافيين العرب، أن المجتمع التونسي الذي يطمح إلى المزيد من الحرية والديمقراطية، لا يمكن أن يُرحب بأردوغان باعتباره واحدا من أبرز رموز التحالف الإخواني الذي يسعى إلى وأد الحرية. وقال لـ”العرب” إن زيارة أردوغان لتونس تحمل في طياتها استفزازا لشريحة واسعة من المجتمع التونسي ما زالت تنظر إليه على أنه يتزعم محور الدول التي عملت على أذية تونس خلال السنوات القليلة الماضية. وبدأ أردوغان الثلاثاء زيارة رسمية إلى تونس تستغرق يومين، تندرج في سياق جولة أفريقية بدأها بزيارة السودان ثم تشاد، أثارت ردود فعل متباينة، ارتباطا بتوقيتها، واستهدافاتها في هذه الفترة بالذات التي تزايدت فيها التحذيرات من نقل إرهابيي داعش من العراق وسوريا إلى ليبيا وبقية دول الساحل والصحراء الأفريقية. وسيجري أردوغان خلال هذه الزيارة التي تأتي بدعوة من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، سلسلة من اللقاءات مع نظيره التونسي، ورئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، محمد الناصر، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.الهاشمي نويرة: أردوغان يتزعم محور الدول التي عملت على أذية تونس خلال السنوات الماضية كما سيُشارك خلالها في أعمال المنتدى الاقتصادي التونسي-التركي الذي سيُنظم بالشراكة بين الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل)، ونظيره التركي، وذلك بحضور عدد هام من رجال الأعمال. ومن المنتظر أن يتم توقيع اتفاقيات اقتصادية جديدة وهو ما يثير مخاوف التونسيين من أن تؤدي إلى المزيد من تعميق نفوذ تركيا اقتصاديا في تونس. وينتقد مراقبون النفوذ الاقتصادي لتركيا في تونس وهو ما يعكسه اختلال الميزان التجاري بين البلدين إذ تميل الكفة لصالح تركيا، الأمر الذي دفع الحكومة إلى فرض معلوم جبائي على السلع التركية في قانون المالية لسنة 2018. ويقدر اقتصاديون خسائر مختلف القطاعات التونسية بسبب إغراق السوق بالتوريد العشوائي للبضائع التركية المعفاة من الرسوم الجمركية بنحو مليار دولار. وتُعتبر هذه الزيارة الثالثة من نوعها التي يقوم بها أردوغان إلى تونس في غضون سبع سنوات، حيث زارها بصفته رئيسا للحكومة التركية في 15 سبتمبر 2011، ثم زارها في 5 يوليو 2013 في عهد حكومة الترويكا برئاسة حركة النهضة الإسلامية. وأثارت الزيارتان الأولى والثانية جدلا تخللته مظاهرات رافضة لهما، تماما مثل هذه الزيارة الثالثة التي استفزت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وخاصة منها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين التي استبقتها بالدعوة إلى تنفيذ وقفة تضامنية مع الصحافيين الأتراك. واعتبر الهاشمي نويرة أن الرفض الذي عبرت عنه العديد من القوى التونسية لهذه الزيارة له مبرراته، خاصة وأن أردوغان عمد بصورة مُمنهجة إلى تدمير المجتمع التركي، حيث استهدف قواه الحية، وكل فكر حر، وخاصة الصحافة وحرية الرأي والتعبير التي ضربها في العمق. وقال إن “أردوغان الذي يُجسد أبشع صور الدكتاتورية، لا يمكن أن يحظى بترحيب المجتمع التونسي الذي يرنو إلى المزيد من الحرية والديمقراطية”. وحذّر من هذه الزيارة التي وصفها بـ”المُريبة” لأهدافها في هذا التوقيت بالذات، لافتا إلى أن تحرك الصحافيين التونسيين الرافض لها هو تحرك مشروع وله مُبرراته باعتبار أنه لا يمكن أبدا أن “نكون في صف أعداء الحرية”. وكانت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين قد استبقت وصول أردوغان إلى تونس، بدعوة كافة الصحافيين ونشطاء المجتمع المدني للمشاركة في وقفة تضامنية مع الصحافيين الأتراك الذين يتعرضون لحملة مُمنهجة تحت عناوين مُتعددة.
مشاركة :