باريس - وكالات: كشف موقع «ميديا بارت» الفرنسي عن الأسباب الحقيقية للأزمة الحالية التي اندلعت بين الإمارات وتونس، مؤكداً أنها أكبر من قرار منع التونسيات من ركوب الطائرات الإماراتية. وتساءل الموقع عن «الشيء الذي يخفيه التمييز الذي تعرّضت له النساء التونسيات والهرع إلى هذا التقييد لحرية السفر، بعيداً عما يدور في شبكات التواصل الاجتماعي وحَرَج السلطات، الإماراتية والتونسية معاً؟»، قبل أن يورد تفسيرات يظهر معها قرار المنع من السفر كـ»الشجرة التي تخفي الغابة». وتؤكّد مراسلة «ميديا بارت» في تونس، ليليا بليز، أن وراء الأسباب الأمنية توجد «حرب دبلوماسية صامتة منذ 2011». وينقل الموقع عن وزير الخارجية التونسي ما بين سنتي 2015 و2016، طيب البكوش، قوله: حينما كنت وزيراً للخارجية، كانت لدينا صعوبات كثيرة في الحصول على تأشيرات بالنسبة إلى مواطنينا من قبل الإمارات. وشهدت هذه الفترة توقيفات عنيفة، من دون تفسير، عدا عن إجراءات مؤقتة مرتبطة بقضايا أمنية. كذلك نقل مراسل «ميديا بارت» في تونس، عن المحلل السياسي التونسي، يوسف شريف، وهو باحث في العلاقات بين تونس ودول الخليج، قوله إن عوامل التوتر بين البلدين موجودة منذ فترة طويلة، موضحاً: لا يجب أن ننسى أننا شهدنا، منذ سنة 2011، ضربات من هذا النوع: انسحاب مفاجئ لمستثمرين إماراتيين أو سحب السفير، كما حدث سنة 2013، بعد اختلاف البلدين بخصوص الوضع في مصر. وشدّد الموقع على أن من بين أسباب الأزمة أيضاً الروابط الوثيقة بين تونس ودولة قطر، التي استثمرت ملياراً ونصف المليار دولار في البلد منذ 2011. كذلك يشير إلى أن تونس رفضت، منذ اندلاع أزمة الخليج في يونيو الماضي، اتخاذ موقف واضح من المعسكرين، وتجد نفسَها، الآن، في وضعية الممسك بِحلّ وسَط دائم فيما يخص سياستَها الخارجية. ويبدو أن التفسيرات الأمنية التي تتذرّع بها الإمارات لا تقنع المحلل يوسف شريف، لأنها فضفاضة، ليطرح احتمال أن خلف الأزمة ضغوطاً سياسية مرتبطة برهانات جيو - سياسية مع دولة قطر، وهو ما يدفع الحكومة التونسية إلى التزام الحذر. ويحاول «ميديا بارت» البحث عن أسباب لفهم رد الفعل الإماراتي، فيتحدث عما حدث خلال أسبوعين، وكذلك إيقاف إماراتيين في الجنوب التونسي بتهمة الصيد غير المرخص لأنواع مهددة بالانقراض. ومما يزيد الأمور تعقيداً، بحسب الموقع ذاته، زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى تونس، ما دفع الباحث يوسف شريف إلى التأكيد على «وجود ضغوط واضحة من الإمارات، التي ترى أن تونس تقترب كثيراً من قطر، وتريد منها أن تغير معسكرها، أو أن تتخذ، على الأقل، موقفاً واضحاً، لأن تونس، حالياً، تظهر موقفاً حيادياً». كما أن الصراع في ليبيا ليس ببعيد عن الخطوة الإماراتية، إذ تعلن تونس مواقف تقترب من مواقف الأمم المتحدة، وتقترب، أيضاً، من الرؤية التركية والقطرية. وبعيداً عن الإهانة التي وجهت إلى النساء التونسيات، فإن قرار شركة الطيران الإماراتية ورد الفعل التونسي يمكن أن يفاقما من الخلافات الموجودة أصلاً بين البلدين، خصوصاً بشأن الوضع في ليبيا، التي فيها تبرز الخلافات الإقليمية على نحو واضح، وحيث تحتل تونس مكاناً إستراتيجياً. وعلى الرغم من أن المشكل يمكن احتواؤه في ساعات إذا لم تصعّد الإمارات، كما يرى يوسف شريف، إلا أن أزمة الطيران جاءت في وقت سيئ، من دون بروز ما يؤشر إليها. وأنهى موقع ميديا بارت تحليله بالتأكيد، في مقابل إمكانية احتواء الأزمة، على أن التصعيد، على ما يبدو، سيتواصل على شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد ظهور تغريدة للمستشار الثقافي لحكومة دبي، يشدّد فيها على أن لدى بلاده الحق في اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية أمنها وأمن خطوطها الجوية، ثم ينهي تغريدته بأن الخطوط الجوية الإماراتية لم تخسر شيئاً من القرار التونسي، وأن تونس هي الخاسرة.
مشاركة :