لا يزال موضوع إعطاء سنة أقدمية لدورة ضباط 1994 يتفاعل، ونقل نواب أمس عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد لقاء الأربعاء أنه في شأن موضوع مرسوم الضباط يكتفي بما قاله أمس، مشيراً إلى أن «هناك أموراً كثيرة تتعلق بالموضوع لا يرغب بالحديث عنها اليوم». وذكر بري النواب بمداخلة للرئيس فؤاد السنيورة في 1 و2 و3 نيسان (أبريل) العام 2014 من 20 صفحة اعتراضاً على اقتراح القانون المتعلق بضباط 1994، ودعا إلى العودة لمحضر الجلسة عندما اعترض خمسون نائباً على هذا الاقتراح. وشدد بري على أنه «لا تمكن معالجة أي موضوع بقواعد خاطئة». وقال من جهة أخرى إن «الأهم اليوم ما يجري في فلسطين المحتلة، وهذه الانتفاضة المستمرة للشعب الفلسطيني التي تحتاج إلى المساندة والدعم الحقيقيين في وجه الاحتلال الإسرائيلي». وأكد النائب علي بزي «أن بري ما زال عند رأيه لجهة الجانب الدستوري والقانوني بالنسبة إلى مرسوم الضباط، ومن يحاول تصوير الأمر كأنه ضد المسيحيين فهو مخطئ في العنوان، فلا أبعاد طائفية للموضوع، لأن الرئيس بري لا يتعامل بهذه الطريقة، وربما لو أخذ برأيه لكان هناك أكثر من حل». وأضاف: «ما من اشتباك سياسي، ولكن ربما هناك من يقدم نصائح خلافاً للدستور والقانون، ولا أحد يجر بري إلى شيء، إنما هو من يجزم ولا يجر، وربما هذا الأمر عند غيرنا وليس عند الرئيس بري». أما وزير المال علي حسن خليل الذي شارك في اللقاء أيضاً فقال: «لا نقاش بأنّ توقيع وزير المال أساسي على هذا النوع من المراسيم بغض النظر عمّن هو وزير المال». وأعلن أن «الضعيف يذهب إلى القضاء، يعني أن من لديه حجة دستورية ضعيفة هو من يذهب للقضاء»، مشدداً على أن «الالتزام بالأصول هو الحل». وقال: «واجباتنا تقدير الأثر المالي لأي إجراء تقوم به الدولة على المالية العامة، لم يرسل إليّ مرسوم الأقدمية ولو أحيل لكان النقاش اتخذ منحى آخر فلماذا أقدميات قوى الأمن عُرضت عليّ ووقّعتها في اليوم ذاته الذي وُقّع فيه مرسوم ضباط دورة 1994؟ إن كلّ مراسيم الأقدميات التي صدرت في العهود السابقة من دون توقيع وزير المال باطلة، وما بني على خطأ هو خطأ». إلى ذلك، أكّد وزير المال أنه وقّع «مراسيم ترقيات ضباط الجيش العادية من 1 - 1 - 2018 و 1 - 7 - 2018». وأكد أنه فصل أسماء بقية الضباط المستفيدين من الأقدمية خلافاً للأصول عن الجداول». «حزب الله» يفضّل الوصول إلى مخرج لكنه يتفهم موقف رئيس البرلمان أين يقف «حزب الله» في الاشتباك السياسي الدائر بين حليفيه، رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، حول مرسوم منح أقدمية سنة لضباط دورة 1994 المعروفة بدورة «العماد عون»؟ وهل يستطيع البقاء في منتصف الطريق بينهما من دون أن يزعج أحداً منهما؟ أم أنه بات الآن أمام معادلة صعبة تستدعي منه حسم موقفه والانحياز لوجهة نظر أحدهما؟ ومع أن «حزب الله» يلوذ بالصمت ولم يصدر من أي مسؤول فيه موقف يشتمّ منه أنه يدعم وجهة نظر أحدهما، ويتفهم الأسباب الموجبة التي كانت وراء إصرار رئيس الجمهورية على أن إصدار مرسوم الأقدمية لا يتطلب توقيع وزير المال علي حسن خليل، بذريعة أنه لا يترتب على سريان مفعوله أي مفاعيل مالية، وهذا ما يعارضه بشدة الرئيس بري، فإن مصادر نيابية مواكبة عن كثب موقف «الحزب» غير المعلن، تؤكد أنه يقف إلى جانب الأخير من دون أي تحفظ. وتلفت المصادر النيابية إلى أن موقف وزيري «حزب الله» داخل مجلس الوزراء كان واضحاً عندما سجل وزير المال علي حسن خليل اعتراضه على إصدار مرسوم منح الأقدمية بتوقيع رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، في تأييدهما وجهة نظر وزير المال، لكنهما تمنيا الوصول إلى مخرج، لأن البلد في غنى عن إقحامه في أزمة سياسية. وتؤكد المصادر نفسها أن الرئيس بري أمهل نفسه قبل الدخول في سجال مع الرئيس عون، عندما قال إنه يترك الأمر له، لكنه اضطر لاحقاً إلى الرد على عون لدى تطرقه إلى موضوع المرسوم بعد خلوته التي عقدها مع البطريرك الماروني بشارة الراعي أثناء حضوره إلى الصرح البطريركي لحضور قداس عيد الميلاد. وترى المصادر عينها أن الرئيس بري لم يقرر الرد على عون إلا بعد التشاور مع «حزب الله» الذي أبدى تفهماً لموقفه انطلاقاً من أن إصدار المرسوم هذا من دون أن يحمل توقيع وزير المال يشكل إخلالاً بمبدأ المشاركة ويتعارض مع اتفاق الطائف. وبكلام آخر، فإن بري قرر الدفاع عن وجهة نظره بعد أن ارتاح إلى موقف حليفه «حزب الله»، وإلا لمَا ذهب بعيداً -كما تقول المصادر عينها- في السجال مع رئيس الجمهورية. وفي هذا السياق، تستحضر المصادر الموقف الذي كان اتخذه «حزب الله» قبل انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، ويتعلق بتأييده على بياض عقد جلسات نيابية لتشريع الضرورة، لأنه من غير الجائز تعطيل دور البرلمان مهما كانت الذرائع. وتقول إن الاشتباك السياسي بين الرئيسين عون وبري وصل الآن إلى نقطة اللاعودة، وإن «حزب الله» حاول التدخل بعيداً من الأضواء لقطع الطريق على الاصطدام بحائط مسدود الذي يمكن أن ينعكس سلباً على العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية، لكنه لم يفلح. لكن تعثر الوساطات بين هاتين الرئاستين، وفق المصادر النيابية والوزارية، يضع الحزب في موقف لم يكن يتمناه، إلا أن حرصه على تحالفه مع الرئيس بري من جهة وعدم الإخلال بالتوازن السياسي والموقع الشيعي في المعادلة، يدفعان به للوقوف إلى جانب حليفه من دون أن يجاهر بموقفه، لئلا يهدد تحالفَه برئيس الجمهورية ومن خلاله «التيار الوطني الحر». وتصر المصادر هذه على القول إنه يترتب على إصدار مرسوم منح سنة أقدمية لضباط دورة 1994، مفاعيل مالية، وإنه كان يمكن الوصول إلى تسوية بالتشاور مع بري ووزير المال بدلاً من استبعاد الأخير. وبالنسبة إلى علاقة رئيس الحكومة سعد الحريري -الذي كان وقع المرسوم وطلب التريث في نشره- برئيس البرلمان، تقول المصادر إن علاقتهما قبل إصدار المرسوم غيرها بعد إصداره، خصوصاً أن بري عاتب عليه. لكن لا يمكن التكهن إلى أين ستصل الأمور ولا بد من التريث بدلاً من إصدار الأحكام على النيات. رزق: توقيع الوزير مرتبط باختصاصه لا طائفته أوجد «مرسوم دورة عون» الذي اقتصر توقيعه على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الدفاع، ويمنح سنة أقدمية لضباط دورة 1994، جدلاً دستورياً مرتبطاً بتوقيع وزير المال، والأعباء المالية المترتبة عن المرسوم. وأوضح المرجع الدستوري الوزير السابق إدمون رزق، أن «المراسيم العادية، خلافاً لمراسيم نشر القوانين التي يقتصر توقيعها على رئيسي الجمهورية والحكومة، يجب أن تقترن بتواقيع الوزير أو الوزراء المختصين ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وفقاً للمادة 54 من الدستور». وقال لـ «المركزية»: «إذا كانت الأقدمية ترتب أعباء مالية، وجب توقيع وزير المالية»، وتابع: «ثمة أمر واقع سائد في لبنان أشبه بتعليق الدستور وتجاوز القوانين، نتيجة تداخل السلطات بدلاً من فصلها، والسطو على الصلاحيات بين المؤسسات الدستورية، والتوظيف الفئوي لمواقع المسؤولية العامة». واعتبر أن «خلفية الجدل سياسية، مذهبيّة وليست دستورية، فالتموضعات السياسية والمذهبية تتحكّم في أداء المسؤولين وقراراتهم، وليس الدستور». وعما إذا كان وزير الداخلية مختصاً بتوقيع المرسوم موضوع الجدل، قال رزق: «إذا كان المرسوم يشمل ضباطاً من القوى الأمنية فإن وزير الداخلية هو مختص أيضاً». واعتبر أن «الصراع السياسي والشخصي يهدّد الوفاق ويطيح التوازنات». وأشار إلى أن «توقيع وزير المالية، أو أي وزير، يعود حصراً لاختصاصه وليس لاعتبارات طائفية، فوثيقة الوفاق لا تنصّ على تخصيص أي وظيفة لأي طائفة. أما بالنسبة لمذاهب رؤساء الجمهورية والحكومة والنواب، فهي نتيجة عرف ميثاقي مستمرّ لا يشمل أي وزارة أو وظيفة، وأشار إلى أن المادة 95 من الدستور واضحة لناحية عدم تخصيص أي وظيفة لأي طائفة، و «اعتماد الكفاءة والاختصاص» فقط. وقال: «ستظلّ السلطات تتخبّط في دوامة الصراعات الشخصية والمحاصصة، حتى يقوم حكم وطني نزيه يحمل ثقافة الديموقراطية التعددية والمواطنية المدنية، يلتزم اتفاق الطائف نصاً وروحاً، وفقاً لأحكام الدستور الواضحة». من جهته، قال مستشار رئيس الجمهورية جان عزيز: «ما حصل في مرسوم دورة ضباط عام 1994 مندرج تماماً تحت الأحكام القانونية، ولا يتعارض مع أي عرف بخاصة مع اتفاق الطائف، ورئيس الجمهورية ميشال عون متمسك بنظام الطائف في شكل حرفي». ولفت في حديث تلفزيوني، إلى أن «هناك أكثر من 60 مرسوم ترقية منذ الطائف إلى اليوم لا تحمل توقيع وزير المال، فهل تعتبر هذه المراسيم باطلة؟ واليوم تابع الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الدفاع يعقوب الصراف ما قام به أسلافهم من الطائف إلى اليوم، أما إذا كان المطلوب إعادة النظر بالطائف كعرف أو ممارسة فهذا يعاد بحثه من قبل كل اللبنانيين لإنتاج شراكة جدية في السلطة التنفيذية». وأوضح أنه «لم يطرأ أي جديد اليوم حتى يتم طرح الموضوع الذي ينفذ منذ 24 سنة إلى اليوم». وأكد أن موضوع الخلل الطائفي في المؤسسة العسكرية بعد الترقية غير صحيح، وأن التوازن الوطني الذي يقوم عليه الانصهار الكياني داخل المؤسسة العسكرية مضمون، إن كان على مستوى الضباط أو الهيكليات والمواقع في المؤسسة العسكرية». وشدد على أن «صاحب الحق من يلجأ إلى القضاء، ولا أعتقد أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يثق بالقضاء، لأنه ابن القضاء وابن قوس العدالة في لبنان».
مشاركة :