يواجه العراقيون عام 2018 تحديات سياسية وأمنية واقتصادية صعبة. ولم يبق من عمر حكومة حيدر العبادي سوى ستة شهور. مقبل الأيام لن يكون سهلاً في ظل أزمات سياسية مستحكمة. وهناك شك في إمكان إجراء انتخابات تنهي الصراعات التي يخشى أن تنتقل إلى الشارع. إعلان الانتصار على «داعش» هو العنوان الأبرز لعام 2017. وكانت معركة الموصل التي استمرت تسعة شهور بداية انهيار التنظيم، بعد ان نجحت القوات العراقية بطرده من محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى. الأزمة السياسية مع إقليم كردستان بعد استفتاء الانفصال عن العراق، وتنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية في موعدها، وإقرار الموازنة العامة في ظل أزمة مالية خانقة، إضافة الى مستقبل «الحشد الشعبي» ابرز تركات عام 2017. والأزمة بين بغداد وأربيل كانت خارج حسابات العراقيين، فإصرار الأكراد على تنظيم استفتائهم على الانفصال عن البلاد أفرز ازمة سياسية وعسكرية كبدت الإقليم خسارة نفوذه في كركوك التي تعتبرها الأكراد من «المناطق المتنازع عليها»، ولا يمكن لهم الاستقلال من دونها نظراً إلى أهميتها الاقتصادية. وعلى رغم مرور أكثر من ثلاثة شهور على الأزمة، وإعلان حكومة كردستان المتكرر رغبتها في الحوار، إلا أن بغداد غير متحمسة لذلك، وتسعى إلى كسب الوقت لانتزاع مكاسب على الأرض تجعلها الطرف الأقوى في المفاوضات، وهذا قد يتطلب معارك جديدة بين الجيش و «الحشد الشعبي» من جهة و «البيشمركة» من جهة أخرى، وليس مستبعداً أن يؤدي ذلك إلى تدخل دولي وإقليمي. على المستوى السياسي كان يفترض تنظيم الانتخابات المحلية في نيسان (إبريل) الماضي، لكن الحرب على «داعش» الذي كان يحتل مناطق شاسعة في الأنبار ونينوى حال دون تنظيمها، إضافة إلى مخاوف حقيقية من أن إجراءها في ذلك الوقت سيجعل نتائجها لمصلحة تشكيلات عسكرية تسعى إلى استغلال محاربتها التنظيم في الاقتراع. وحتى بعد إعلان الانتصار على التنظيم لا تبدو الأحزاب السنية متحمسة لإجراء الانتخابات في أيار (مايو) المقبل، فالمدن التي تمثل القاعدة الشعبية لهذه الأحزاب مدمرة ونصف سكانها نازحون بسبب الفوضى الأمنية والخوف من الاعتقالات التعسفية وانهيار الخدمات والبنى التحتية. ويواجه العراق ملفات اقتصادية شائكة بينها الديون الخارجية وإعمار المدن المحررة والفساد الإداري والمالي. بعد إعلان قوات الأمن الانتصار على «داعش»، قال العبادي إن «المعركة المقبلة ستكون ضد الفساد»، ولكن هذه المعركة ليست سهلة في بلد ينخر الفساد كل مفاصل الدولة وغارق في أزمة مالية خانقة بسبب تراجع أسعار النفط والخسائر الكبيرة التي تكبدها في الحرب على «داعش».
مشاركة :