البرلمان الليبي يرهن نجاح الانتخابات بحل الأزمة السياسيةفشلُ الفرقاء الليبيين في التوصل إلى اتفاق حول آلية اختيار أعضاء السلطة التنفيذية يدفع المبعوث الأممي غسان سلامة إلى المرور إلى المرحلة الثانية من الخطة الأممية، وهو الأمر الذي يرفضه البرلمان الذي يؤكد على أهمية توحيد السلطة لنجاح الانتخابات.العرب [نُشر في 2017/12/28، العدد: 10854، ص(4)]إرضاء الليبيين غاية لا تدرك طرابلس - استفزّت التصريحات الأخيرة للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة مجلس النواب الذي حذّر من إجراء انتخابات قبل تعديل الاتفاق السياسي بما يسمح بتنفيذ بنوده لا سيما المتعلقة بنزع السلاح من الجماعات المسلحة وتوحيد السلطة التنفيذية. وقال غسان سلامة في تصريحات نهاية الأسبوع الماضي، إن تعديل الاتفاق السياسي ليس هو الهدف في خطة عمل الأمم المتحدة، معربا عن أمله في أن تكون ليبيا في المرحلة القريبة ضمن إطار دستوري ومؤسسات ثابتة. وشدّد المبعوث الأممي خلال المقابلة على حاجة ليبيا الملحة إلى “إطار مؤقت لتسيير خدمات المواطنين وحل أزماتهم المعيشية اليومية”، منبّها إلى أنَّه يعمل على تحقيق “أهداف ثابتة هي الانتخابات، الدستور، والمصالحة الوطنية الشاملة”. واعتبر تصريح سلامة بمثابة إعلان مروره إلى المرحلة الثانية من خطته التي تقدم بها في سبتمبر الماضي بعدما فشل الفرقاء الليبيون في التوصل إلى اتفاق بشأن آلية اختيار أعضاء السلطة التنفيذية (الحكومة والمجلس الرئاسي). وتتضمن خارطة غسان سلامة ثلاث مراحل رئيسية، تشمل تعديل الاتفاق السياسي، وعقد مؤتمر وطني يهدف لفتح الباب أمام المستبعدين من جولات الحوار السابق، وإجراء استفتاء لاعتماد الدستور، وانتخابات برلمانية ورئاسية.الحديث عن الأموال المجمدة محاولة للهروب إلى الأمام وسعي لإبعاد النظر عن الملف السياسي الذي هو لب المشكلة وعقد الفرقاء الليبيون خلال الأشهر الماضية اجتماعات في تونس بهدف تعديل اتفاق الصخيرات الذي يرفض البرلمان المنعقد في مدينة طبرق شرق البلاد القبول به بشكله الحالي. ويعتبر مجلس النواب المرحلة الأولى من الخطة الأممية تتويجا لكفاحه واستجابة لمطالبه بإعادة فتح الاتفاق السياسي، وهو ما كان يرفضه المبعوث السابق مارتن كوبلر، إلا أن غسان سلامة قال إن المرحلة الأولى هي تنفيذ للمادة 12 من الاتفاق السياسي، ما يعني ضمنيا اعتراف البرلمان بالاتفاق. وطالب عبدالسلام نصية عضو مجلس النواب ورئيس لجنة الحوار المبعوث الأممي بضرورة تعديل الاتفاق السياسي وبناء سلطة تنفيذية حقيقية تكون قادرة على توحيد المؤسسات الليبية والتحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية. وحذر نصية غسان سلامة من مغبة السير على نهج مارتن كوبلر “الذي عجز عن إيجاد تسوية سياسية حقيقية في ليبيا”. وعبر رئيس لجنة الحوار عن خشيته مما يقوم به المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، كتكرار الحديث عن الأموال الليبية المجمدة، الذي اعتبره “محاولة للهروب إلى الأمام وسعي لإبعاد النظر عن الملف السياسي الذي هو لب المشكلة.” وقال عضو مجلس النواب صالح إفحيمة إن المجلس حذر منذ البداية من الارتباط الوثيق بين المراحل الثلاث للخطة الأممية وعدم وجود خطة بديلة لكل مرحلة في حال تعذر إنجازها. وتابع في تصريح لـ”العرب” “تعثر إحدى المراحل لأي سبب كان سيؤدي إلى عدم القدرة على إنجاز بقية المراحل الأخرى وهو ما يحصل الآن”. ويؤيد مراقبون موقف مجلس النواب مشددين على أن القبول بنتائج الانتخابات لن يتم في ظل بقاء الجماعات المسلحة وأمراء الحرب. وقال عبدالحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس الانتقالي السابق، إن البدء بإجراءات المصالحة (الجزء الثاني من خطة سلامة) مرتبط بتحقيق العدالة الانتقالية مع ضبط الوضع الأمني وجمع السلاح بوجود حكومة موحدة ومؤسسة عسكرية واحدة. وتابع “هذا ما يجب أن يعمل عليه سلامة خلال المدة القادمة بعد أن وصل إلى قناعة بعدم إمكانية تشكيل جسم آخر يعقّد المشهد أكثر مما يساعد في الحل”. ويتخوف الليبيون من تكرار سيناريو سنة 2014 عندما انقلبت ميليشيات فجر ليبيا على نتائج الانتخابات بعدما فشل تيار الإسلام السياسي في الحصول على الأغلبية داخل مجلس النواب المنتخب. ولم يستبعد النواب صالح إفحيمة إمكانية تكرار هذا السيناريو، لكنه شدد في المقابل على أن سلامة مجبر على المرور إلى المرحلة الثانية في ظل تعثر المفاوضات بين مجلسي النواب والدولة. وشدد على أنه لا مخرج لليبيا إلا بإجراء انتخابات على أساس الدستور، تنهي حالة الانقسام السياسي العاصف بالبلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات.
مشاركة :