ثالث أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان (يضم لبنان 12 مخيّمًا فلسطينيًا من شماله إلى جنوبه). هذه الفرصة التي أتاحت لهم التعبير عن مكنوناتهم الفنيّة منحها لهم مدير مؤسسة "نجدنا"، السوري عبد العزيز العائلي، الذي بدأ مشروعه التربوي الفني منذ 6 سنوات في سوريا لينقله بعد 3 سنوات إلى لبنان. أما الدمى فقد انطلق مشروعها منذ عام بتمويل من مؤسسة فرنسية غير حكومية، أعجبت بالمقترح المقدّم، فوافقت على تمويله لفترة محدودة. لكن العائلي عبّر عن مخاوفه من توقف مشروع الدمى واندثاره عقب توقف التمويل بعد سنة، بحسب الاتفاق بين الطرفين، وأمله في أن تعود المؤسسة (لم يسمها) وتدعم مشروعهم نظرا لنجاحه الكبير. وقال إن فكرة "مسرح الدمى" جديدة على مجتمع النازحين في لبنان، وهي سابقة من نوعها لما تحتاجه من دعم مادي ولوجستي ومدربي تمثيل ورسم وغيره، ولكنها استقطبت مئات الأطفال، الذين حضروا بعد قراءة الإعلان (منذ عام) في المخيّم، الذي يقبع في العاصمة بيروت. وأشار إلى أنهم خضعوا جميعًا إلى اختبار في الأداء، ثم وقع الاختيار لاحقًا على 20 طفلًا دون الرابعة عشرة، ليصبحوا ضمن فريق واحد يتدربون سويًا على الإلقاء والتمثيل المسرحي، وحتى الأشغال اليدوية؛ بغية تصميم الدمى الصغيرة والكبيرة وتنفيذها بأياديهم. وأوضح أن التسجيل والتدريب مجاني، وكل فترة يستقبل المشروع أطفالًا جدد، كون جمعية "نجدنا" تهتم بنشاطات أخرى مثل تدريب الأطفال، والطباعة على الحرير، والحياكة، والرسم وغيرها من الأمور التي تساهم في صقل موهبة الطفل، ودعمه نفسيًا. واعتبر العائلي أن مشروعه يساهم في خلق قصة نجاح لأطفال يعيشون وسط مجتمع اللاجئين (السوريين والفلسطينيين) الذين فقدوا الأمل من كل شيء. ومضى قائلًا "أقله أحاول إخراج الأطفال من مشاريع المساعدات النمطية كون هؤلاء يستحقون أفضل من ذلك". في عام 2016، أي حين انطلقت فكرة المشروع (الدمى تحديدًا)، انضم إليه 20 طفلًا وطفلة، وبعد عام انخفض العدد ليصبح 11 طفلًا. يعزى ذلك إلى أنّ عددًا من الأطفال هاجر مع ذويه إلى الخارج، وفقا لمدرّبة التمثيل، مريم سمعان، وهي سورية الجنسية عمرها 27 عاما. وقالت إن مهمتها الأساسية في فرقة "الدمى"، هي مساعدة الأطفال على اختيار القصص التي غالبًا ما يقترحونها بأنفسهم، لكنها تحاول بلورة أفكارهم، ومساعدتهم على تطويرها لتصبح بشكل نص مدروس. وأضافت أنه بعد الاتفاق معها على القصة التي هي أصلًا من واقع محيطهم، ولو كانت الفكرة كوميدية من يوميات مجتمعهم، والجيران يتم الإعداد لرسم شخصية الدمية. وأوضحت أن كل طفل يستلم مهمة تصميم وتنفيذ دميته من أداوت بسيطة مصنوعة من الكرتون والقماش والورق وأقلام التلوين، وبعد شهر من العمل الدؤوب (3 أيام أسبوعيًا لانشغالهم بالدراسة باقي الأسبوع) ينتهون من تصنيع دُماهم، وتصبح جاهزة للمسرح. ومضت قائلة: البداية كانت الأصعب، حيث اعتمدنا على أشياء بسيطة جدًا، لتصنيع الدمى، لكن اليوم أصبح الأمر أفضل وتطورنا كما أن أطفالنا تطوروا في ابتكار القصص، وتركيب الشخصيات، وتنفيذها. ولكن مريم أعربت عن خشيتها من توقف المشروع، الذي زرع بسمة أمل عريضة على وجوه الأطفال. وأشارت إلى أن هذا المشروع منح الشخصية القوية الذكية لهؤلاء الأطفال، الذين لا يتجاوز سن أكبرهم الـ13 سنة. وفي عرض خاص قصير أظهر الصغار مواهبهم وفصاحتهم بعد ما أكدوا جميعا أنهم كان ينتابهم شعور بالملل الدائم ويشعرون بالخجل الشديد فيما مضى. وعبرت جودي عيس (13 عامًا)، ابنة مدينة إدلب السورية التي نزحت منها قبل 3 أعوام إلى لبنان عن سعادتها لانضمامها إلى هذه الفرقة، وقالت إنها تحلم بأن تصبح ممثلة مسرح في حال قدر الله لها أن تكمل تعليمها حتى المرحلة الجامعية. أما بيان عثمان (13 عامًا) ابنة حلب السورية التي نزحت إلى المخيّم قبل عام فقط، فقالت إنها لم تحظ بفرصة دخول مدرسة لعدم وجود مكان شاغر لها كما غيرها. وأشارت إلى أنها قرأت الإعلان على باب المركز فطلبت من والدها السماح لها بالانضمام. واعتبرت أنها حققت جزءًا كبيرًا من حلمها في ظل غيابها عن المدرسة، كونها تحب المسرح والفنون، وهذا ما أعطاها إياه "مسرح الدمى" من قدرة على التمثيل والرسم وتنفيذ التصاميم. وأشار الطفل عمر باكير (12 عاما) ابن مدينة حماة السورية إلى أنه علم بالمركز عن طريق أصدقائه الذين سجلوا قبله، وقبل الهجرة إلى أوروبا، ومنذ سنة يواظب على حضور التدريبات والمشاركة في المسرحيات الجوالة على معظم مدارس النازحين في لبنان.
مشاركة :