حسام محمد (القاهرة) استطاع نظام الوقف، طوال تاريخ الأمة الإسلامية، أن يحقق التنمية المستدامة التي تهدف إليها الأمم الإنسانية جميعاً في العصر الحاضر، فعن طريق الوقف تحققت مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة، حيث حافظ ريع الوقف على الدين والمال والنفس والعقل والنسل، فقد ساهم الوقف الإسلامي في تنمية الحياة الدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتغطية نفقات المجالات والمرافق المختلفة في الدول الإسلامية، فكان ينفق على المؤسسات التعليمية والصحية بما ساهم في تحقيق عناصر التنمية الشاملة، والغريب أن الغرب قد استفاد من نظام الوقف في الإسلام في وقت تراجع فيه اهتمام المسلمين به. منتج إسلامي بداية، يقول الدكتور إسماعيل عبدالرحمن أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: الوقف منتج إسلامي خالص، وقد برز كأهم مساهم في بناء الحضارة الإنسانية منذ تشريعه، وهذا ما أشار إليه العديد من المستشرقين المحايدين عند الحديث عن القدرة العجيبة والسريعة في تقدم وتوسع الأمة الإسلامية علمياً وجغرافياً مما ساهم في صمود الهوية الإسلامية، وقد كان نظام الوقف أحد أهم دعائم العمل الخيري الذي دعا له الإسلام، وقال الكثير من الفقهاء والمؤرخين، إن أول ظهور لنظام الوقف في التاريخ الإسلامي كان على يد النبي صلى الله عليه وسلم، عندما أوصى اليهودي مخيريق، وهو يناصر المسلمين في غزوة أحد إن قتل أن بساتينه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قتل في المعركة قال صلى الله عليه وسلم عنه: «مخيريق خير يهود»، وقبض النبي البساتين وتصدق بثمرها في سبيل الله، وكانت سبعة حوائط تقع في بني النضير، ليكون بذلك قد وضع النبي أسس الوقف الاستثماري للإنفاق منه في سبيل الله. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، وقد ذكر العلماء أن الصدقة الجارية هنا هي الوقف لجريان العمل بها مع جريان أجرها بسبب بقاء عينها، وأجمع الفقهاء على أن الوقف الشرعي الصحيح هو ما كان مقصوداً منه الإنفاق من ريعه على قريب أو فقير أو جهة خيرية نافعة، كالمعاهد التعليمية والعلمية والمستشفيات، فهو صدقة جارية دائمة ومن أفضل الصدقات التي حث الله عليها. يضيف: د. عبدالرحمن: بلا شك، فإن وقف الممتلكات لما فيه منفعة للأمة الإسلامية هو تزكية لتلك الأموال والنفس ويحقق خيرية الأمة ويؤكدها، ويساهم في تحقيق التكافل الإسلامي بأفضل أشكاله. وتأكيداً على أن الأمة الإسلامية هي أمة البذل والتكافل والتآزر، دعا القرآن الكريم في كثير من آياته، وكذا السنة النبوية، إلى البذل والعطاء والمسارعة إلى الإنفاق في السراء والضراء، وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أن المسلم لن ينال الخير في عاجلته وآجلته إلا بالإنفاق مما يحب، وقال تعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ...)، «سورة آل عمران: الآية 92»، ومن هنا فلا بد أن تقوم وسائل الإعلام بالترغيب في وقف الممتلكات لصالح العمل الخيري. مجتمع التراحم والتكافل ... المزيد
مشاركة :