الألعاب النارية.. فرحة بين الأرض والسماء

  • 12/29/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: «الخليج»أصبحت الألعاب النارية على الرغم من خطورة استخدامها في حال وضعت بأياد لا تعرف إدارتها والتصرف بها، أداة لا يمكن الاستغناء عنها في الأعياد والمناسبات الخاصة والعامة بكل أنحاء العالم. ليس هذا فحسب بل إن هذه المقذوفات التي تزين السماء بألوانها الجميلة الزاهية، باتت مصدراً لرسم البهجة والابتسامة على وجوه الكبار قبل الأطفال ووسيلة للترفيه والتسلية وقضاء أوقات جميلة يمكن تذكرها لسنوات طويلة.اخترع الألعاب النارية الصينيون في القرن ال 7 الميلادي في عهد سلالة تانج، وذلك لاعتقادهم بأنّها تفيد في إخافة وطرد الأرواح الشرّيرة وتجلب الحظ والسعادة. وكان هذا الابتكار سبباً لاختراع البارود، الذي يعدّ من «الاختراعات الأربعة العظيمة للصين القديمة» وهي (البوصلة، البارود، صناعة الورق، الطباعة)، حيث كان لها كبير الأثر في الحضارة البشرية، وتعد رمزاً للتقدم العلمي والتكنولوجي للصين القديمة.هناك رواية أخرى تقول إن ابتكار الألعاب النارية كان صدفة، وبدأ في عام 200 قبل الميلاد تقريباً، عندما ألقى أحدهم بعيدان خضراء من نبات البامبو في النار، ليجد أنها انفجرت فجأة محدثة صوتاً غريباً أخاف البشر والحيوانات. والسر وراء انفجار عيدان البامبو الذي لم يعرفه الصينيون وقتها، أنها تحتوى على الكثير من الجيوب والفقاقيع الممتلئة بالهواء التي تتمدد سريعاً حال تسخينها مما يؤدي لانفجار تلك العيدان.ثم جاء الصينيون بمسحوق كيميائي سحري وهو البارود، وتقول الأسطورة إن اكتشافه جاء بالطبع من صدفة حدثت لطباخ ماهر، حينما ألقى ببعض «الملح الصخري» الذي كان يستخدم لإضفاء طعم خاص على الأطعمة في النار ليلاحظ نشوء لهب متوهج متميز، ومنذ ذلك الوقت حاول الكيميائيون الصينيون تجربة خلط بعض المواد كالملح الصخري والكبريت والزرنيخ والعسل معاً للوصول للتركيبة السحرية لمادة تخرج لهباً كبيراً ومتوهجاً وحارقاً أطلقوا عليها اسم «هيو ياو» ويعني «مركب النيران».تطوّر فنّ وصناعة الألعاب النارية في الصين إلى حرفة مستقلّة، وكان صانعوها يحظون بالاحترام لمعرفتهم بالتقنيّات المعقّدة في المزج والتركيب والإطلاق أثناء العروض، وأثناء عهد سلالة «سونج» أصبح بوسع عامّة الشعب في الصين شراء الأنواع المختلفة من الألعاب النارية من الباعة في الأسواق، وباتت عروض الألعاب النارية الضخمة من الأمور المألوفة.عرف العرب الألعاب النارية في عام 1240، عندما كتب الكيميائي والمهندس العربي المولود في سوريا نجم الدين حسن الأحدب الملقب ب«حسن الرماح» عنها وعن البارود وكيفية صناعتها، وأطلق عليها اسم «الزهور الصينية».وانتشرت في القارة الأوروبية للمرة الأولى عام 1292م على يد الرحالة «ماركو بولو» وطورها الإيطاليون خلال عصر النهضة الأوروبية من 1400 إلى 1500. وتحولت عروض الألعاب النارية الضخمة إلى احتفالات دورية في إنجلترا منذ بداية القرن السابع عشر، ثم انتقل هذا الأمر بعد ذلك إلى أمريكا حال استقلالها لتصبح الألعاب النارية جزءاً من ثقافة الاحتفال بعيد الاستقلال منذ الرابع من يوليو عام 1777م، ثم تطورت التقنيات لنشاهد عروضاً مذهلة بهذه الألعاب في أيامنا الحالية.تصنع الألعاب النارية من مزيج من المواد الكيميائية تعطي عند اشتعالها العديد من الألوان وعادة ما تكون هذه المواد على شكل حبيبات محشورة داخل أنبوبة أوأسطوانة أو أنبوبة مصنوعة من الورق العادي أو المقوّى، وتسمّى هذه الحبيبات باسم النجمات النارية، أو النجمات فقط، وهي المسؤولة عن إصدار الوهج اللوني عند الاشتعال، وتحوي هذه «النجمات» أربعة مكوّنات أساسية هي: الوقود وهو يتيح للنجم الاشتعال، والمؤكسد الذي ينتج الأكسجين بكمية كافية لاحتراق الوقود، والملوّن من المواد الكيميائية الموافقة، والرابط الذي يجمع المكوّنات مع بعضها.ويتمّ التحكّم بدرجة وتنوّع الألعاب النارية بحسب نوع المواد الكيميائية المستخدمة، بحيث تصمّم لتعطي لهباً وشرارات بألوان محدّدة بما فيها الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والأرجواني والفضي، وتختلف الألعاب النارية عن المفرقعات في الغاية منها، حيث الأولى متفجّرات تحدث أضواء ملوّنة، في حين أنّ الأخيرة تحدث أصواتاً ولا تحدث أضواء ملحوظة.أصبحت عروض الألعاب النارية أمراً شائعاً في الكثير من المناسبات حول العالم، ولعل أشهرها الاحتفال بمناسبة رأس السنة الميلادية.وبات التقليد القائم على إطلاق الألعاب النارية في الأعياد الوطنية من الأمور المحبذة في بعض البلدان، ففي سنغافورة تقام احتفالاً بالعيد الوطني مسابقة دولية في الألعاب النارية بين فرق من مختلف دول العالم على مدى عدّة ليال، وتلقى اهتماماً كبيراً، أمّا في مالطا فتطلق الألعاب النارية عند ميلاد أمير أو تعيين حاكم.وتقام مهرجانات ومسابقات خاصة بالألعاب النارية في أنحاء العالم، تتنافس فيها الشركات على تقديم أفضل العروض بإطلاقها، ومن أكبر المسابقات السنوية تلك التي تقام في مدينة مونتريال الكندية منذ سنة 1985 ويقصدها أكثر من 3 ملايين زائر، كما يقام في كندا أيضاً مهرجان احتفال الضوء في مدينة فانكوفر منذ سنة 1990.وتعقد مسابقة الفلبين الدولية في مدينة باساي سنوياً لمدّة ستّة أسابيع بين شهري فبراير/‏‏شباط ومارس/‏‏آذار من كل عام، ويقام مهرجان فنون التقانة النارية في الريفييرا الفرنسية في صيف كل سنة.وتوجد في بعض البلدان مثل الولايات المتحدة نوادٍ مخصّصة للمهتمين بالألعاب النارية من هواة ومحترفين.في سنة 1969 تأسّست النقابة الدولية للألعاب النارية، وهي منظّمة دولية غير ربحية، وعدد أعضائها بالآلاف، وتمثل أكبر تجمّع للمهتمّين بالألعاب النارية في العالم.

مشاركة :