تسببت المعارك العنيفة المستمرة بين القوات الحكومية وفصائل متطرفة ومقاتلة عند أطراف محافظة إدلب الخارجة عن سيطرة النظام منذ أكثر من عامين، بمقتل العشرات ودفعت عائلات الى النزوح. وقرب دمشق، انتهت ليل الخميس الجمعة عملية إجلاء 29 مريضاً من الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام، مقابل إفراج الفصائل المعارضة عن عدد مماثل من العمال والاسرى كانوا محتجزين لديها. وبعد شهرين من المواجهات المتقطعة، بدأت قوات النظام الاثنين بدعم جوي روسي، هجوماً واسعاً عند الحدود الإدارية بين محافظتي ادلب (شمال غرب) وحماة (وسط)، يهدف الى السيطرة على ريف إدلب الشرقي حيث استعادت عدداً من القرى والبلدات بعد طرد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل متطرفة منها. وأحصى المرصد السوري لحقوق الانسان الجمعة مقتل “27 عنصراً من قوات النظام وحلفائها مقابل 20 مقاتلاً من الفصائل في الساعات الـ24 الأخيرة جراء المعارك” في بلدات عدة في محافظة ادلب. وأشار الى مقتل 21 مدنياً على الأقل بينهم 8 أطفال، في حصيلة جديدة، منذ الخميس جراء الغارات السورية والروسية الداعمة للهجوم في ريف ادلب الجنوبي الشرقي. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية من جهتها بمقتل مصور قناة سما الفضائية الموالية للنظام كرم قبيشو الجمعة وإصابة مراسلها عبد الغني جاروخ “بنيران ارهابيي تنظيم جبهة النصرة” أثناء تغطيتهما للمعارك في ريف ادلب الجنوبي الشرقي. وكثفت قوات النظام الجمعة، بحسب المرصد، “قصفها للمنطقة بشكل غير مسبوق منذ أشهر”. وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس أعمدة الدخان تتصاعد من عدد من القرى والبلدات تزامناً مع دوي غارات كثيفة تنفذها طائرات حربية تحلق في سماء المنطقة. إلغاء صلاة الجمعة وأعلنت المساجد في المناطق المجاورة عبر مكبرات الصوت إلغاء صلاة يوم الجمعة ودعت السكان لملازمة منازلهم. وأفاد مراسل فرانس برس عن خلو قرى وبلدات من سكانها، كما شاهد عشرات السيارات المحملة بالمدنيين مع حاجياتهم تغادر المنطقة. ونزحت منذ بدء الهجوم الإثنين، بحسب المرصد، مئات العائلات جراء كثافة الغارات. وخرجت محافظة ادلب الحدودية مع تركيا عن سيطرة القوات الحكومية منذ عام 2015 بعد سيطرة تحالف فصائل متطرفة وجهادية عليها. ولاحقاً في عام 2017، تسبب اقتتال داخلي بفك هذا التحالف. وباتت هيئة تحرير الشام تسيطر منذ أشهر على الجزء الأكبر من المحافظة، فيما يقتصر وجود الفصائل المتطرفة على مناطق أخرى محدودة فيها. إلا ان هذه الفصائل تنسق حالياً في ما بينها للتصدي لهجوم قوات النظام، بحسب المرصد. وتشكل محافظة ادلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل اليه في أيار/مايو في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً في ادلب في أيلول/سبتمبر. وشكلت إدلب خلال العامين الماضيين وجهة لمقاتلين معارضين ومدنيين تم اجلاؤهم من مناطق عدة في سوريا قبل أن تستعيد القوات الحكومية السيطرة عليها. وتوقع محللون أن تشكل إدلب الهدف المقبل لقوات النظام وحليفته روسيا بعد الانتهاء من المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية. إجلاء 29 مريضاً وقرب دمشق، استكملت ليل الخميس الجمعة عملية إجلاء استمرت ثلاثة أيام تم خلالها إخراج 29 مريضاً، بينهم 17 طفلاً، بالاضافة إلى 56 شخصاً ممن يرافقونهم من الغوطة الشرقية، وفق ما أعلن الهلال الأحمر السوري الجمعة. واستغرقت عملية الإجلاء ثلاثة أيام اذ خرجت آخر دفعة ليل الخميس الجمعة وشملت، وفق مصدر طبي محلي في الغوطة، “13 مريضاً هم ستة أطفال وأربع نساء وثلاثة رجال”. وأوضح الهلال الأحمر ان المرضى الذين تم إجلاؤهم منذ الثلاثاء “يعانون من حالات صحيّة مختلفة مهددة لحياتهم وتتطلب علاجاً ورعاية صحيّة معززة في المشفى”. وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا ماريان غاسر في بيان “تعتبر عملية الإخلاء هذه خطوة إيجابية على طريق إنهاء المعاناة الكبيرة لبعض الأشخاص في الغوطة الشرقية وخصوصاً الأطفال”. وأضاف “لكن هناك الكثير يتوجب القيام به، وينبغي أنّ تكون الأولوية لاحتياجات المدنيين سواء كانوا في الغوطة الشرقية أو في أيّ مكان آخر في سوريا، ويجب السماح بوصول المساعدات بشكل دوري ودون شروط”. وتمت عملية الاجلاء بموجب اتفاق بين القوات الحكومة وجيش الإسلام، الفصيل الأبرز في الغوطة الذي أفرج بدوره عن 29 أسيراً من مدنيين ومقاتلين موالين للنظام لديه. ولم يعرف ما إذا كانت عمليات اجلاء مماثلة ستتكرر في الفترة المقبلة. ولا يمكن أن تتم عمليات الإجلاء أو ادخال قوافل المساعدات الى الغوطة الشرقية إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من السلطات السورية. وتعليقاً على عملية الإجلاء المحدودة، قال رئيس مجموعة العمل الانساني التابعة للامم المتحدة في سوريا يان ايغلاند، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) “ليس اتفاقاً جيداً حين يتم تبادل أطفال مرضى بأسرى، هذا يعني أن الأطفال تحولوا إلى أداة للمساومة”. وكانت الأمم المتحدة أعلنت نهاية تشرين الثاني/نوفمبر لائحة تضم 500 شخص بحاجة ماسة للإجلاء من الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، لكن 16 شخصاً منهم على الأقل قضوا منذ ذلك الحين. وتحاصر القوات الحكومية بشكل محكم الغوطة الشرقية، حيث يقطن نحو 400 ألف شخص، منذ 2013 ما تسبب بنقص خطير في المواد الغذائية والأدوية. وسجلت الغوطة الشرقية، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أعلى نسبة سوء تغذية بين الأطفال منذ بدء النزاع في سوريا في 2011.
مشاركة :