تتسع رقعة الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ يومين في ايران لتشمل معظم المناطق وعلى نمط احتجاجات عام 2009 التي سميت بـ"الانتفاضة الخضراء" لاحقا، مع اختلاف أسباب اندلاعها وتطور شعاراتها ومطالبها حول اسقاط النظام. وامتدت التجمعات والمسيرات بأشكال مختلفة الى جميع أنحاء ايران حيث تشهد مدن اعتصامات ليلية، خاصة في مدينة رشت، شمال البلاد، ترافقها شعارات مناهضة للنظام تطالب بـ"اسقاط الديكتاتورية" و"تحرير ايران" وغيرها من الشعارات التي بدأت بالتنديد بسياسات حكومة روحاني حول ارتفاع الاسعار وتدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين. ومنذ بداية الاحتجاجات بدأت السلطات الإيرانية بمواجهتها أمنيا كما في انتفاضة 2009 حيث اعتقلت العشرات في مدينة مشهد التي انطلقت منها الاحتجاجات وانهال عناصر الأمن بضرب المتظاهرين في بعض المناطق ورشم جموع المتظاهرين بخراطيم المياه.مطالب اسقاط النظام وكانت الاحتجاجات في العام 2009 قد بدأت من التنديد ضد ما قيل انه تزوير في الانتخابات ومصادرة أصوات أنصار مير حسين موسوي ومهدي كروبي الاصلاحيين، لكنها تطورت الى مطالب اسقاط النظام لاحقا، وتكررت الأسباب بعد 8 سنوات بمظاهرات مشهد في 28 ديسمبر 2017 فهي بدأت بالتنديد بموجة الغلاء ثم تطورت سريعا لمطالب اسقاط النظام وطرد الديكتاتورية من خلال التكاتف والاستمرار بانتفاضة شاملة. إلا أن الأمر المختلف هذه المرة، هو انه خلال انتفاضة 2009 كانت ادارة الرئيس الأميركي السابق باراك #أوباما قد وعدت بتحسين العلاقات مع نظام إيران كجزء من التقارب الأوسع مع العالم الإسلامي، ولم تحرك ساكنا تجاه انتفاضة الشعب الإيراني وتركت المنتفضين لمصيرهم ومواجهة آلة القتل والاعتقالات والتعذيب والقمع على يد الحرس الثوري والأجهزة الأمنية المتعددة التي نكلت بالمتظاهرين واتضح فيما بعد ان اوباما كان يطمح لاعطاء دور اقليمي لنظام الملالي تتوج بابرام الاتفاق النووي في 2015. لكن الآن هناك استراتيجية جديدة لواشنطن حيال ايران كشف عنها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، حول دعم واشنطن للقوى المطالبة بالديمقراطية وتغيير النظام الحاكم في طهران.التخلص من نظام ولاية الفقيه وبات التوجه الأميركي الجديد أكثر وضوحا حول إعتماد إستراتيجية "تغيير النظام" في إيران وقد عبر عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث أكد على دعمه لفكرة التغيير وضرورة تخلص الايرانيين من نظام ولاية الفقيه، عندما قال بأنه "نظام ديكتاتوري فاسد أضر بشعبه أكثر من أي أحد آخر". كما يتجه ترمب نحو الغاء الاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما مع ايران لأنه أضر بأميركا والمجتمع الدولي وساعد في تمويل ودعم ايران للارهاب بشكل أكبر. ويبدو أن استراتيحية واشنطن الجديدة ستدعم الحراك الشعبي من أجل التغيير التدريجي للإطاحة بنظام طهران وبالاعتماد على القوى الداخلية المطالبة بالتغيير، كما صرح سابقا وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أول مرة في كلمة له أمام الكونغرس في 15 يونيو/حزيران الماضي، حيث قال أن سياسة أميركا تجاه إيران ترتكز على دعم القوى الداخلية من أجل إيجاد تغيير سلمي للسلطة في هذا البلد". وكان مسؤولون أميركيون رأوا بأن تعيين الاستخبارات المركزية الأميركية CIA أبرز مسؤوليها وهو مايكل دي أندريا، الملقب بـ"آية الله مايك" كمسؤول عن الملف الإيراني، يعني أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بات يميل نحو سياسة "تغيير النظام" في إيران بالتركيز على الجهود الاستخباراتية واللوجستية.
مشاركة :