تحقيق : مها عادل الجناح المصري في القرية العالمية.. واحد من الأجنحة التي تحتل مكانة مميزة رافقت القرية على مدار 15 عاماً مضت وفي كل عام يخرج علينا بإطلالة جديدة وتصميم مبتكر.. فمن قلعة صلاح الدين إلى معبد الكرنك ومن طريق الكباش إلى القاهرة القديمة يتقمص الجناح بديكوراته الخارجية والداخلية ملمحا من ملامح الحضارة المصرية الغنية والمتنوعة فيبهر زوار القرية العالمية بطلة مميزة تجسد فصلا من فصول التاريخ المصري العريق. وهذا العام اختار القائمون على الجناح المصري أن تحمل واجهته إحدى عجائب الدنيا السبع والبنيان الأثري الاشهر والأهم على مستوى العالم.. أهرام الجيزة الثلاثة.. خوفو وخفرع ومنقرع ويحرسها تمثال أبو الهول العتيد بحجم ضخم يكاد يقارب حجمه الطبيعي فبدا الجناح كأنه تمكن من نقل هضبة الأهرام بسحرها وبهائها إلى زوار القرية العالمية في دبي. ويستمر إبهار الزائر وخطف انتباهه حتى بعد الدخول إلى قلب الجناح الذي يضم 70 محلاً تجارياً على مساحة 3000 متر مربع ليجد نفسه أمام بهو من الأعمدة الفرعونية ونموذج مصغر للمتحف المصري بمقتنياته الشهيرة حيث تتألق تماثيل لرمسيس وتحتمس وحورمحب وأمنحوتب وغيرهم من فراعنة مصر القدامى الذين كتبوا سطوراً من المجد في التاريخ.. وفي قلب الباحة الرئيسية للجناح وبين أيدي الفراعنة العظام ينتشر مجموعة من الحرفيين المعاصرين المهرة يرتدون الزي الفرعوني ويكملون تراث الأجداد بعرض الحرف اليدوية التقليدية التي ورثها المصريون من عصر الفراعنة.. مثل صناعة الزجاج من رمال سيناء أو تصنيع الأثاث بجريد النخيل أو تحويل طمي النيل إلى قطع فنية من الفخار.. وتكتمل متعة الزوار وهم يشاركون هؤلاء الحرفيين صناعة الحرف التراثية بأيديهم فيحصلون على حصة سريعة من التعليم ويقومون بعدها بصناعة التذكار الذي يحيي ذكرى زيارتهم للجناح المصري بأيديهم وبالمجان كهدية من أبناء مصر في دبي. الحرف اليدوية يحدثنا رمضان بدير (مصمم ملابس فرعونية والمسؤول عن الحرفيين والمتحف بالجناح المصري) ويقول: «نحن نحرص على استقدام الحرفيين المتخصصين في الصناعات المصرية القديمة والحرف التقليدية وبعضها مهدد بالانقراض وبعضها ما زال قائما ومزدهرا في مصر.. وهذا العام أضفنا الحرف اليدوية والتراثية التي نشارك بها كل عام مثل صناعة السجاد وصناعة الأثاث من فروع النخيل وصناعة الفخار والأرابيسك.. وقد واجهنا تحديا لإضافة صناعة الزجاج إلى قائمة الحرف التقليدية هذا العام بالجناح لأنها صناعة تتطلب استخدام الرمل السيناوي من شبه جزيرة سيناء كما أنها تتطلب درجة حرارة كبيرة وغير مسموح بالطبع باستخدام المواقد التي قد يتطاير منها شرر أو تسبب مخاطر فاستعضنا عنها بموقد كهربائي آمن ومعزول لا يتسبب في أي مخاطر. ويضيف رمضان: عادة ما يتمتع ركن الحرف اليدوية بإقبال شديد من زوار الجناح من مختلف الجنسيات والثقافات فالكل يحرص على التعرف على ثقافة البلد ومشغولاته والبعض يحاول أن يشارك ويتعلم عملية ومراحل تنفيذ القطع الفنية.. ومن أكثر الحرف التي تحظى بالقبول من الأطفال والعائلات ويحرصون على تعلمها وممارستها صناعة الفخار حيث يستطيعون تجربتها وتنفيذ قطع بأيديهم ويذهبون بها للبيت كذكرى مميزة. جريد النخيل ويحدثنا محمود بيومي صانع أثاث بجريد النخيل عن تجربته بالقرية العالمية للعام الثاني ويقول: «أعتقد أن الإقبال على الجناح المصري وعلى القرية العالمية بشكل عام يتزايد كل عام عن العام السابق.. والهدف من مشاركتي هو التعريف بالحرف اليدوية التراثية الأصيلة التي ما زالت موجودة في مصر رغم الصعاب وهذا نوع من الترويج للمنتج المصري وترويج للسياحة.. وصناعة الجريد أو «فروع النخيل» التي تستخدم مادة قد يلقيها المزارعون ويعتبرونها غير ذات قيمة وهم يشذبون النخيل.. ولكن صانع الجريد الماهر يحول هذه المادة البسيطة إلى سلعة لها قيمة وفائدة عملية.. فالكرسي المصنوع من فروع النخيل يتميز بأنه قوي التحمل ويستطيع مواجهة الظروف الجوية المختلفة كالشمس والمطر ويدوم طويلاً وتستخدمه القرى السياحية والمنشآت المميزة على الشواطئ وفي الحدائق لأنه خامة طبيعية صديقة للبيئة. الزجاج المصهور أما أمين زكريا صانع الزجاج فيحدثنا عن تجربته مع زوار القرية ويقول: «يهتم الزوار بمتابعة صناعة الزجاج بكل مراحله ويتحلقون حولي منذ بداية عملية التصنيع.. خاصة عندما أدخل عصا النفخ الطويلة إلى الفرن الحراري لألتقط قطعة من عجينة الزجاج المصهور وأنفخ فيها وأبدأ في تشكيلها.. بينما يتابع الزوار العملية في إعجاب ويحرصون على التقاط مقاطع الفيديو والصور التذكارية وربما يطلبون أن يمارسوا العملية بأنفسهم.. ولكن هذا أمر صعب لا يقوم به إلا المحترفون لأن درجة حرارة قطع الزجاج المصهور تصل إلى 1000 أو 1200 درجة مئوية.. ولكنهم يختارون قطعا صغيرة من تصنيعي من الزجاج الملون على شكل حيوانات تستخدم للزينة ويأخذونها كتذكار من الجناح المصري.تجمع للمبدعين أما صانع السجاد اليدوي سعيد صادق فيتحدث متحمسا ويقول: «هذه هي مشاركتي الأولى بالقرية العالمية وأنا سعيد للغاية بهذه الفرصة فصناعة السجاد تمثل بالنسبة لي هواية وحرفة أمتهنها منذ الطفولة.. ورغم أنني حاصل على شهادة جامعية من كلية التجارة إلا أنني لم أعمل بها لأنني أعشق صناعة السجاد وأشعر بفخر كبير عندما أجد إقبالا واستحسانا كبيرا من الزوار الأجانب والعرب وأجد التنافس بين الزوار على اقتناء قطع معينة وهناك من يقوم بحجز بعض قطع السجاد قبل أن أنتهي منها لأنه بالطبع لا يوجد قطعة تشبه الأخرى فلكل قطعة روحها وتصميمها الخاص بها وهذا ما يميز الحرفة اليدوية ويكسبها قيمة أكبر وسعرا أغلى.. والقرية العالمية مكان يفخر به كل عربي فهي مركز تجمع للمبدعين العرب يعرضون فيه تراث بلادهم أمام أعين العالم بأسره». وفي الجهة المقابلة نجد صانع الفخار عبد المعطي البحراوي الذي لم نستطع إجراء حوار معه من كثرة الإقبال عليه وانشغاله الدائم بتعليم الأطفال والكبار من زوار القرية الذين يقفون في طابور طويل أمامه في انتظار دورهم لتجربة صناعة الفخار بأيديهم وهو الأمر الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الزوار خاصة الأطفال الذين يحرصون على التقاط صورهم التذكارية وهم يقومون بالعملية كلها.
مشاركة :