ناهز كثير من النساء القاطنات في مكة المكرمة الأربعين من أعمارهن، دون أن يتمكن من أداء فريضة الحج، وبات ينطبق عليهن قول الشاعر «كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ.. والماء فوق ظهورها محمول». ومن أهم العقبات التي تمنعهن من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام غياب المحرم، خصوصا أن غالبية أهالي مكة المكرمة ينشغلون بالعمل في موسم الحج، خصوصا أنهم يجنون فيه أموالا تكفيهم لفترة طويلة، فهم يرفضون التفريط في الفرص العملية الموسمية التي تتاح لهم في الحج، كما أن هناك من يعتمد عليها في تدبير شؤون حياته طوال العام. وذكرت (منيرة . م) أنها ملت من التسويف وتأجيل حجتها من عام لآخر من قبل زوجها، متحججا بأعماله وأشغاله، مشيرة إلى أن عمرها تجاوز 37 عاما قضت منها 17 عاما مع زوجها ولم تتمكن من أداء الفريضة. وقالت: أجهش بالبكاء كلما رأيت حجاجا يأتون من أقصى الأرض لأداء الحج، بينما أنا قرب الحرم المكي والمشاعر المقدسة، ولا أتمكن من أداء الفريضة، وانشغال زوجي يقف أمام تحقيق أمنيتي، وما زلت أنتظر وأدعو الله كل عام أن يكتبها لي وبرفقته. بينما، بلغت بدور الأربعين من عمرها ولم تتزوج وتشعر بحنين شديد لتأدية فريضة الحج، وبعد أن وعدها أخوها بأنه سيرافقها لأداء الحج هذا العام، إلا أن خلافا نشب بينها وبين زوجة أخيها، دفعها لتأجيل الحج اتقاء للمشاكل وحتى لا تحرج شقيقها، مشيرة إلى أن والدها (رحمه الله) أجل زواجها ظنا منه بأنها ستتزوج وحجتها برفقة زوجها أفضل وهي الآن محتارة تتمنى أن تؤدي الفريضة ويشترط فيها المحرم ولكن الظروف حالت بينها وبين ذلك. إلى ذلك، أفادت مديرة مؤسسة رعاية الفتيات بمكة المكرمة حفصة شعيب، بأن الحج عبادة والله سبحانه وتعالى لا يرضى بأن تؤدى العبادات للمرأة وزوجها غير راض عنها في أمر ما، مشيرة إلى أن دخول المرأة مع الزوج في إشكاليات وجدال من أجل إجباره على مرافقتها للحج لا يصح لأنه سيذهب على مضض فلابد من استعمال وسيلة الإقناع وإلا خسرت بيتها وزوجها ظنا منها بأن حق الله تعالى في تأدية فريضة الحج أولى. وطالبت بتدخل الواسطة الحكيمة بينهما، موضحة بأنه على الزوج ألا ينسى بأن الحج ركن الإسلام الخامس، وهو جهاد المرأة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «جهادكن الحج» رواه البخاري. وعلق على ذلك عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى بمكة المكرمة قسم الكتاب والسنة ومدير مندوبية الدعوة بمكة المكرمة عبدالله حامد سنبو، بأن الأصل لحج المرأة لا يكون إلا بالمحرم لأن الاستطاعة في حج المرأة أن تكون بمحرم فلابد من تسهيل الأمر للمرأة حتى تؤدي الفريضة الواجبة عليها وإن لم يكن هناك سبب لمنعها والشروط بالنسبة لها متوفرة فعلى ولي الأمر أن يتقي الله تعالى ويتنازل عن ذلك طالما هو في قدرة بدنية ومالية. ويرى سنبو، أن في منعها أو التقاعس عن مرافقتها لتأدية الفريضة هو صد عن سبيل الله تعالى، فلابد من التفرغ لو لعام ليحجج زوجته وأبناءه البالغين، حتى يكون قد أتم لهم أركان الإسلام بهذا الركن العظيم والذي يعتمد على صحبته لهم، ويعتبر ذلك من باب التعاون على البر لقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى).
مشاركة :