كيف اكتسحت جوجل وفيسبوك وآبل وأمازون العالم بعلم النفس الاقتصادي؟

  • 12/30/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لتحقيق نجاح اقتصادي قياسي في عالم اليوم، يجب عليك اعتماد أمور أكثر عمقاً في علم الاقتصاد. وهذا ما قام به الفرسان الأربعة كما يدعوهم خبير التسويق الأميركي سكوت غالواي، وهي: جوجل وآبل وفيسبوك وأمازون، 4 شركات ترسم عالم اليوم. فأن تأتي -باعتبارك أحد هؤلاء الفرسان- خلف شركات عملاقة لها تاريخ وقاعدة اقتصادية قوية، وتتجاوز أرباحك أرباحها في ظرف وجيز، مسبِّباً لها التدهور؛ نظراً إلى صعوبة اللحاق بك؛ فهذا دلالة على خرقك قواعد الاقتصاد الكلاسيكي وقلبه باقتصاد رقمي يساير تكنولوجيا العصر السريعة، والأكثر أنه يعتمد على مبادئ أعمق: منها أن يحتاجك المستهلك أكثر مما تحتاجه أنت عارِض المنتج؛ نظراً إلى أنك صرت مصدراً لإشباع نزعة نفسية لديه، ولم تعد عارض سلع، يقوم بالغناء والرقص عليها (في الإعلانات) لتحبيب الزبون فيها! لقد ولى هذا السيرك وهذه الاستراتيجية الرديئة بمعايير هذا الزمن. لإنجاح مشروع يدر المليارات، يلزمك اقتصاد يمس النزعات المتجذرة في الجنس البشري. هذه هي الاستراتيجية الحديثة التي اعتمدها الفرسان الأربعة. سكوت غالوي في انتقاده سياسة هؤلاء الفرسان المتهربين ضريبياً والمساهمين في تقليص فرص الشغل بتمددهم، والساعين لأوسع سيطرة اقتصادية ممكنة، كشف -في انتقاده كما ذكرنا- الأبعاد النفسية التي لمسوها لدى الناس خلال انتشارهم الاقتصادي: - الإنسان كائن فضولي، يختلف عن الحيوانات بطرح سؤال والبحث عن جواب. شركة جوجل لعبت هذا الدور، وبالنسبة لـ"سكوت" فهي الديانة الوحيدة التي استطاعت توحيد الشعوب. مهما كانت ديانة الإنسان أو مرجعيته الثقافية، فهو يعتمد على جوجل. أول من نقوم بسؤاله هو جوجل. جوجل قام بخلق علاقة ثقة وارتياح بينه وبين الناس؛ لأن الفرد يعرف مسبقاً أن جوجل سيجيبه عن أي سؤال ومهما كانت نسبة الإحراج فيه، الدور الذي يعصب حتى بين المقربين. - خُلق الإنسان للحب، كائن يريد أن يحب الآخر ومن الآخر أن يبادله الحب. فيسبوك شغلت هذا الجانب، والدارج أن فيسبوك هو موقع للتواصل والتعارف وتبادل المعلومات، إلا أنه في الجوهر موقع يدخله الواحد بحثاً عن الحب. سياسة فيسبوك هي أن تحب أموراً تخص الآخر (عبر تقنية اللايكات/قلوب) ليحب هو كذلك أموراً تخصك (منشورات)، وذلك بحسب مبدأ الأخذ/الرد، فأنت هنا تمنح الحب؛ لأنك محتاج للحب. فالإعجاب بالمنشورات تتم ترجمته انفعالياً بين المستعملين بالإعجاب بذواتهم، طالما أن المستعملين يتماهون مع منشوراتهم، وصورك بالمجمل هي أنت. - الإنسان كائن مستهلك، ويبتغي التنويع في الاستهلاك من خلال النزعة المرتبطة بالاحتياجات الطبيعية، كالأكل والملبس ووسائل الترفيه. بالنسبة لشركة أمازون أي شيء تريده سيصلك حتى باب بيتك، يكفي أن تأمر.. لو أردت بول الذئاب فسيرسلونه لك (يُستخدم في تخويف الحيوانات؛ كي لا تقترب من المنزل عند رشه بالنواحي). - الإنسان لديه قدرة على إجراء المقارنات، ويهدف إلى أن يكون أفضل ويتطور أكثر، به ميل نحو تفضيل ما هو سريع وقوي وذو كفاءة. شركة آبل تلعب على هذا الوتر، عبر إبراز الفروق بين أجهزتها والأجهزة المنافسة، هل تود أن تكون أفضل؟ تعال لدى آبل. صار هذا هو مضمون الخطة التسويقية لدى الشركة منذ رفع ستيف جوبز شعار "فكِّر بشكل مختلف"، وإدخال تصاميم فنية على الأجهزة (جعلها أشبه بالألعاب)؛ لإبعادها عن الجو الروتيني العملي (المنفر) وتقريبها من نفسية المستهلك. هذه الشركات المعروفة اختصاراً بـ"غافا"، يتجاوز دخلها الإجمالي اقتصاد دول، فهذه الغافا هي سادس أهم اقتصاد في العالم، مثلها مثل دولة الهند! وسياساتها التسويقية يتم تدريسها بأبرز المدارس الاقتصادية في العالم. يأتي تنبيه سكوت بضرورة رفع الوعي لدى الناس المستهلكين بشأن هذه الشركات التي تعكس البراءة والحيادية، من خلال أهدافها بالمساهمة في عالم أفضل وتواصل أكثر بين البشر، غير أن ما تهتم له بالأساس هو نسبة أرباح أكبر، وبأي وسيلة كانت. فلو ظهر مشروع شبيه بسياستها -يمس نزعة إنسانية- فسرعان ما تستهدفه بعروضها المالية الضخمة لشرائه، مهما طلبت ثمناً لمشروعك سيدفعون؛ لأنهم يعلمون أن التعويض سيتضاعف من خلال النزعة البشرية الكامنة في مشروعك. بالأخير، تجدر الإشارة إلى سلطتهم الإعلامية القادرة على جذب الناس لخدمة أو الدفاع عن قضية أو جهة معينة. جوهر الموضوع أن عالماً أفضل هو دور الجميع، وليس فقط "غافا" كما تحاول أن تعكس. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :