متلازمة التعب المزمن تسبب الاكتئاب والعجز

  • 12/31/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

يثير مرض متلازمة التعب المزمن لغطاً كبيراً في الوسط الطبي، نتيجة اختلاف الباحثين حول كونه مرضاً واحداً أو عدة أمراض، أو أنه يصنف على كونه مرضاً عقلياً أو جسمانياً، والمريض بهذه المتلازمة يشعر بالتعب المستمر حتى إنه لا يستطيع القيام بأعماله اليومية، وذلك على الرغم من أن التعب يكون حقيقياً وليس من وحي الخيال، ويمكن أن يكون هذا التعب المزمن رد فعل من جسم المريض على سلسلة من العوامل العاطفية والجسديةلا تتوافر فحوص لتشخيص هذا المرض، وهو ما يجعل المصابين به لا يبحثون عن تلقي علاج، حيث يساورهم اعتقاد أن معاناتهم لا تعدو أن تكون تعباً أو إرهاقاً نتيجة ظروف العمل وضغوط الحياة المختلفة والمستمرة، وعلى الرغم من حقيقة التعب الذي يعانونه إلا أنهم يجدون صعوبة في إقناع معارفهم وأصدقائهم وزملائهم بهذه الحالة، ويمكن أن تولد هذه المشكلة لدى المريض شعوراً بالعجز وعدم القدرة على مساعدة نفسه، كما أن عدم التجانس بين عناصر المعايير التشخيصية يؤدي إلى حالة من الارتباك حول آلية المرض الفسيولوجية، وهي حالات يمكن أن تصنّف طبياً بأنها لا تزال غير معروفة، وفي هذا الموضوع سوف نتناول مرض متلازمة التعب المزمن بصورة تفصيلية، مع توضيح الأسباب التي يمكن أن تكون وراء هذه الحالة، وكذلك نبين الأعراض التي تظهر على المصابين، ونطرح طرق الوقاية والعلاج الممكنة والمتاحة للتخلص من هذه المتلازمة المرهقة. النساء الأكثر إصابة لم يتم التعرف إلى مرض متلازمة التعب المزمن سوى في نهاية حقبة التسعينات، واتضحت مؤخراً مصادره وطرق التعامل معه، ويفسر الباحثون سر تسميته بالمتلازمة وذلك لأن الحالة المرضية الواحدة تشتمل على عدد من الأعراض المرضية، التي لا توجد علاقة واضحة بينها أو ارتباط معين، وذلك على خلاف المرض الذي يجمع عدداً من الأعراض المعبرة عنه والتي تنجم عن آلية مرضية واحدة، ويعتبر الإحساس بالتعب هو أبرز أعراض متلازمة التعب المزمن التي يشكو منها المريض، مقارنة بالأعراض الأخرى مثل الألم والصداع وارتفاع الحرارة، ويرصد بعض الباحثين حدوث الإصابة بهذا المرض في بعض الحالات، ومنها عقب الإصابة بمرض مثل الإنفلونزا أو بعد التعرض لضغوط غير معتادة، ويتفاقم هذا التعب المزمن بصورة تدريجية، ويمكن أن يكون ظهوره مفاجئاً، وبما أن التعب يكون نتيجة عدة أسباب مختلفة، فإن المريض لن يلتفت إليه على أنه عرض لهذه الحالة، ويتعرض للإصابة بمتلازمة التعب المزمن عدة آلاف من الأشخاص، ولكن الإناث هن الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض من الذكور، وفي الأغلب فإن الشباب والبالغين يكونون من أكثر المراحل العمرية عرضة لهذه الحالة، وتكون إصابة الشباب بالذات عقب التعرض لمرض معين مثل الإنفلونزا أو مرض كثرة الوحيدات العدوائية، وبحسب الدراسات المسحية فإن هذه المتلازمة تنتشر بين شعوب العالم أجمع، إلا أن الطبقات الأدنى تكون عرضة للإصابة بها أكثر مقارنة بغيرها، وكانت دراسات طبية أجريت على المصابين بهذا المرض وأكدت أن الفترة العمرية من بداية العشرينات وحتى منتصف الأربعينات تكون أكثر عرضة لهذا المرض، كما بينت أن الأطفال نادراً ما يصابون بهذه المتلازمة. غير مفهومة يرى الكثير من الباحثين أن أسباب مرض متلازمة التعب المزمن غير مفهومة وليست واضحة المعالم، لكن أشارت بعض الدراسات الحديثة إلى أن هناك اضطرابات تصيب وظائف الطاقة الحيوية في خلايا جسم المريض، بحيث تجعلها لا تمتلك القدرة الكافية لتلبية احتياجات الجسم من الطاقة سواء في أثناء الراحة أو في حالات الإجهاد، كما يمكن أن تؤدي إثارة جهاز المناعة لسلسلة من ردود الأفعال وإفراز مواد مختلفة إلى حدوث هذه الحالة من الإرهاق والتعب، ويرجح بعض العلماء أن عوامل الإثارة تنتج بسبب التعرض للفيروسات في الماضي، والذي تظهر آثاره بعد مرور سنوات قليلة، ويبدو أن هناك عوامل وراثية تؤثر في إمكانية تسبب الفيروسات في إثارة الجهاز المناعي بصورة غير طبيعية، وفي كثير من الحالات يظهر المرض بعد الإصابة بمرض الإنفلونزا مباشرة أو بعد مرور وقت بسيط، على الرغم من عدم وجود علاقة واضحة بين كليهما، والراجح أن متلازمة التعب المزمن تنتج عن خليط من عوامل وأسباب مختلفة، ويعبر عنه بالتعب أو الاكتئاب أو كليهما معاً، كما أن الأعراض تتشابه مع أمراض أخرى كثيرة. معايير التشخيص يعتبر وجود عدد من الأعراض المرضية المشتركة أساسياً في تشخيص الإصابة بمشكلة متلازمة التعب المزمن، وهي ما اتفق الأخصائيون على أنها معايير التشخيص، ولعل أول هذه الأعراض بقاء المريض متعباً فترة زمنية لا تقل عن 6 أشهر، مع استبعاد جميع الحالات التي يمكن أن تكون سبباً في هذا التعب، وهناك بعض الحالات يمكن أن تتحسن خلال مدة تصل إلى سنتين، إلا أن بعض المرضى يمكن أن تستمر معهم الأعراض سنوات عديدة، كما يعاني المريض مشاكل في قدرات التركيز أو ما يعرف بذاكرة المدى القصير، وكذلك يظهر لديهم مشكلة التهاب الحلق، وألم في الغدد الليمفاوية وآلام في العضلات، وآلام في عدد من المفاصل دون حدوث احمرار أو تورم فيها، وأيضاً يمكن أن يعاني المريض صداعاً يختلف في شدته ونمطه، ويمكن أن يشعر بالتعب وعدم تجدد النشاط عقب الاستيقاظ من النوم، وكذلك في بعض الحالات يستمر التعب الشديد يوماً أو بعض يوم، خاصة بعد القيام بمجهود بدني كبير، ويمكن أن يعاني المريض صعوبة في النوم، وينتشر مرض الاكتئاب بين المصابين بمتلازمة التعب المزمن، ويمكن أن يؤدي إلى ظهور أعراض أخرى، وعامة حتى يعد الشخص مصاباً بهذا الاضطراب يجب أن يرصد الطبيب 4 أعراض على الأقل من هذه الأعراض. بناء الثقة يتوفر علاج لتخفيف أعراض مرض متلازمة التعب المزمن، ولكن ليس هناك علاج محدد لهذه الحالة المرضية، ويبدأ البرنامج العلاجي ببناء الثقة بين المريض والطبيب، حيث يحتاج الشخص المصاب لفترة من التجربة يتخللها الخطأ، حتى يصل معه الطبيب إلى مزيج من الدواء تجعله يشعر بالتحسن، ويبدأ الطبيب المعالج بعلاج الخلل الواضح مثل الإصابة بعدوى فيروس أو خلل في الجهاز المناعي، ويمكن أن يتم توزيع الطاقة المتبقية لدى المريض بشكل متوازن، مع المحافظة على فترات الراحة وتدريبه على كيفية التعامل مع الإجهاد بصورة أفضل، ويشير البعض إلى أن تعديل السلوك مهم للغاية للتخلص من هذه الحالة، لأن اكتساب عادات نوم أفضل وأداء بعض التمارين الرياضية بطريقة معتدلة وثابتة تعمل على التخلص من هذه المتلازمة، ويمكن لأخصائي العلاج الطبيعي تحديد هذا البرنامج الرياضي، ويساعد على التحسن الحفاظ على الروح المعنوية المرتفعة، ولذلك ينصح الأطباء مرضاهم بالخروج من دائرة الإحباط، على الرغم من أنه ليس بالأمر السهل، ويتم علاج أعراض الاكتئاب من خلال جرعات منخفضة من مضادات الاكتئاب، ويمكن اللجوء إلى تناول حبوب منومة للحصول على نوم أفضل بالليل في حال فشل بعض الاحتياطيات كتجنب تناول المنبهات، ويوصي بعض الأطباء مرضى «متلازمة التعب المزمن» بممارسة الرياضة، على الرغم من شعورهم بالتعب وذلك بشرط أن يكون التمرين بشكل تدريجي، مع الحرص على تجنب بذل مجهود زائد، وعامة فإن ممارسة ألعاب مثل الايروبيكس تفيد في تحسين المزاج العام، وتساعد مرضى المتلازمة على الشعور بالنشاط والحيوية، ويتجنب البعض الرياضة البدنية مخافة أن تزيد أوضاعهم الصحية سوءاً، وهذا فهم خاطئ منهم، لأن الراحة الزائدة تضر باللياقة البدنية وهو ما يلقي بظله على الممارسات الحياتية الأخرى. طريحو الفراش تشير دراسة طبية حديثة إلى انتشار الإصابة بمرض متلازمة التعب المزمن بشكل كبير في الولايات المتحدة، حيث يعانيها ما يزيد على 3.5 مليون أمريكي، وذكرت الدراسة أن بعض المرضى يمكن أن يستمر المرض لديهم من 8 أشهر إلى ما يزيد على 3 سنوات، وبينت الدراسة أن المتلازمة لا تفرق بين العِرق، أو الجنس، حيث إنها تصيب طبقات اجتماعية واقتصادية مختلفة، وتتركز الإصابة في الفترة العمرية بين نهاية العشرينات وبداية الخمسينات، وتختلف شدة المرض من شخص لآخر، إلا أنها تبدأ معتدلة، ثم تزيد، ويبقى ما يزيد على 25% من المرضى طريحي الفراش، وهناك من يواصلون العمل بشكل جزئي وسيئ، ويشعرون بعدم الراحة كل الوقت، ورصدت الدراسة معاناة أكثر من 50% من المصابين من الاكتئاب في مرحلة معينة من الإصابة بالمرض، وحالة الاكتئاب تزيد من حدة أعراض المرض، وكشف بحث جديد عن جدوى التمارين الرياضية لعلاج حالات متلازمة التعب المزمن، واعتبر أن التمارين الرياضية وسيلة تداخلية ناجعة في تخفيف أعراض المتلازمة، وتعمل على إكساب المريض ثقة بنفسه، وتخرجه من حالة الاكتئاب.

مشاركة :