تطرأ على بعض الأطفال سلوكيات وعادات غير سليمة خلال مراحل الطفولة المتنوعة، وهذه السلوكيات لها مسببات وعوامل أدت إلى اتخاذ الطفل هذا المنحنى المقلق، وربما تكون هذه الصفات الجديدة حالة طارئة أو نتيجة التأثر ببعض المواقف النفسية، ولكن من الضروري العمل على التخلص من هذه العادات، حتى لا تستمر وتكبر مع الطفل وتسبب له العديد من المشاكل والمواقف المحرجة.العبء في معالجة هذه السلوكيات غالبا ما يقع على الأم، لأنها الطرف الأكثر قربا والتصاقا بالطفل وربما تكون أكثر فهما ووعيا بما يستجد عليه من صفات جديدة غير مرغوبة، وهذا لا يعفي الأب أو بقية أفراد الأسرة من المسؤولية، لأن البيئة المحيطة يمكن أن يكون لها تأثيرات كبيرة على نفسية الصغير، وأيضا يصبح لها دور كبير في إعداد الطفل وتهذيبه من أي صفات غريبة تظهر عليه، والفيصل في هذا الموضوع هو الثقافة التربوية والنفسية الصحيحة، والتي يجب على الأم أن تتحلى بالحد الأدنى منها، من أجل تربية الطفل والعبور به إلى مراحل عمرية أكثر نضجا، دون اكتسابه بعض السلوكيات السلبية أو التقليل من الخسائر النفسية قدر الإمكان، ومعالجة أي اضطراب يظهر على الصغير بسرعة، حتى لا يتغلغل في داخله ويترسخ ويصبح مرضا وعيبا مستمرا، يؤثر في مستقبل هذا الطفل عل المستوى المتوسط والبعيد، ويخلق منه شخصا لديه خلل، أو يصنع منه شخصية غير سوية تضر بالمجتمع والمحيطين، أو تجعله أكثر أنانية وأقل إيجابية وغير منسجم أو ليس متسقا مع ذاته ويفتقد التعاون مع الآخرين، وفي هذا الموضوع سوف نتناول بعض هذه السلوكيات الجديدة السلبية، التي تظهر على الصغير في مراحل الطفولة المتنوعة، ونطرح بعض المسببات أو الاحتمالات لحدوث هذه الصفات، ثم نحاول تقديم الحلول التربوية والنفسية التي تعيد الطفل إلى المسار النفسي الطبيعي، وتجنبه المزيد من تفاقم وتعمق هذه السلوكيات لتصبح من الطباع التي يصعب محوها من صفات الطفل، وتلازمه فترات طويلة من حياته، تؤثر عليه بالسلب وعلى المحيطين به وتخلق مشاكل وخللاً لديه وفي المجتمع. مشاكل المنزل تظهر على الطفل فجأة سلوكيات وعلامات وصفات طارئة لم تكن عليه من قبل، مثل الصمت المفاجئ لفترات وعدم الرغبة في الإفصاح والتحدث مع الأم أو الأب، وكذلك يبدو عليه فتور وضعف في الرغبة تجاه المدرسة أو الدراسة، وتنتابه حالة من الخوف والنظرات المتوجسة من الآخرين، كما لا يفضل اللعب مع الآخرين مثل ما كان يفعل قبل ذلك، وهذه الصفات تدل على أن هذا الطفل يعاني من مشكلة نفسية كبيرة، جعلته يتأثر ويرغب في الانعزال عن الآخرين، ويمكن أن تكون المشكلة النفسية ناتجة عن عدة مسببات، منها أن الطفل تعرض لضغوط نفسية شديدة من أحد الوالدين، أو أنه تأثر ببعض المشاكل المستمرة والخلافات التي تحدث في المنزل بين الأب والأم، أو حتى بين الأشقاء وأفراد الأسرة، فهو في هذه المرحلة يرغب في أن يعيش حياة سعيدة هادئة يلعب فيها ويستمتع بالحياة، ويتأثر بدرجة كبيرة من الحساسية من أي منغصات تحدث في البيئة التي يعيش فيها، ويمكن أن يكون هذا الطفل تعرض فجأة لفقدان حنان الأم بصورة كبيرة، بعد فترة من الارتباط العميق والكبير بينه وبين الأم وبعد الاهتمام المتزايد في مرحلة لاحقة، مما يسبب لديه حالة من الفراغ العاطفي الكبير ولا يستطيع أحد أن يعوضه عنها، ويمكن أن يكون ذلك ناجما عن معرفة الطفل لقرار الانفصال بين الأب والأم، وتأثره الكبير بهذه الحالة وإصابته بحالة من التفكير والتوهان والاكتئاب، أو يمكن أن تصيب هذه الحالة الطفل بعد انفصال الوالدين. الاعتداء والقسوة يقع الطفل في هذه الحالة بين الخوف والصمت ورفض الدراسة أيضا نتيجة التعرض لموقف شديد الصعوبة عليه، مثل حالة الاختطاف أو الاعتداء عليه أو التعرض للضرب الشديد والمواقف التي لا يحتملها تصوره الصغير والضعيف، مثل تعرض الأطفال في مناطق الحروب إلى ظروف قاسية للغاية، وخوف شديد من الأشياء والفظائع التي شاهدها، ودرجة الخوف عند الأطفال تكون كبيرة للغاية وأكثر حساسية من الكبار، ولذلك يكون التضرر والتأثر أضعاف الكبار بمراحل، والخسائر النفسية تحتاج إلى وقت طويل للعلاج ومحو هذه الذكريات السيئة من ذاكرة الصغير، وكذلك يصاب الطفل بهذه الحالة في حالة وقع اعتداء عليه وتهديده من قبل المعتدي، مما يجعل الطفل يدخل في نوبة من الخوف والهلع، ويفضل عدم التحدث مع الآخرين والانعزال عن محيط المجتمع، ولا بد أن يسارع الآباء لمعرفة سبب هذه الحالة، وعدم الإهمال وترك الطفل يعيش فترة طويلة في هذه النفسية المدمرة، حتى يمكن معرفة الظروف التي تعرض لها الطفل، وإنقاذه من الوقوع في براثن هذه الحالة السيئة والمعوقة لمستقبله الدراسي، ويمكن أن تعود هذه الحالة إلى تعرض الطفل للإهانة الشديدة سواء في المدرسة أمام زملائه أو في البيت وأمام الجيران والأهل والأصحاب، حيث يتأثر الطفل بصورة كبيرة نتيجة جرح مشاعرة أمام الآخرين، كما يمكن أن تحدث هذه المشكلة بسبب تعرضه لبعض الظروف التي جعلته يتراجع في مستواه الدراسي بصورة مفاجئة، ويتخلف عن أقرانه في السنة الدراسية مما يسبب له عدم الرغبة في الدراسة، والخوف من التعرض للعقاب والضغط النفسي من الآباء نتيجة التراجع الدراسي، كما تتسبب المعاملة القاسية من أحد الأبوين في حدوث هذه الحالة النفسية لدى الطفل، ويجعله يتخوف من كل المحيطين، لأنه افتقد مشاعر الأمان من أقرب الناس إليه، سواء كان الأب أو الأم ولكن يكون تأثير قسوة الأم أشد تأثيرا، ويتضرر الصغير بهذه الحالة أيضا في حال التعرض لحادثة مؤلمة أو مشاهدة حادثة بشعة لأحد المقربين منه وخاصة الأم فتصيبه بالصدمة النفسية. مص الأصابع يكتسب الطفل أيضا سلوكيات غير طبيعية حيث تشكو الأم أحيانا من عودة الطفل إلى عادة مص الأصابع التي تركها من فترة بعيدة، أو أن يبدأ في سلوك قضم أظافره بأسنانه، وهذه الصفة ترجع في الأساس إلى شعور هذا الطفل بالخوف، فهو يهرب من سنه ويحاول أن ينزل إلى عمر أصغر فيقوم بمص أصابعه، كتعبير عن الهروب من الظروف التي يعيش فيها، وكذلك إذا قام بقضم الأظافر فهذا دليل على أنه قلق ويشعر بحالة من عدم الاستقرار النفسي، وسبب هذه الحالة أن الطفل يخاف من عقاب الأم أو الأب الشديد، أو أنه لديه شعور بالخوف من شيء ما يهدده، وكذلك تحدث هذه الحالة عند المقارنة الدائمة للطفل بزملائه في المدرسة أو البيئة المحيطة، وإحساسه أنه أقل منهم وتذكير الأم بأنه أدنى من زملائه في المدرسة وأقل ذكاء وأضعف في النتائج الدراسية، ودائما ما تعطيه الأم أو الأب إحساس الدونية عند مقارنته بغيرة، ولا بد من علاج الطفل من هذه الحالة بتوفير حاجته من الأمان لإزالة الخوف الذي تغلغل بداخله، مع إعطاء الصغير درجة كبيرة من الثقة في نفسه، والثناء عليه في بعض السمات التي يتميز بها، ومساعدته على التخلص من شعور الدونية الذي تملكه. التأتأة يبدأ الطفل فجأة في حالة التأتأة أثناء الكلام، وهذه أيضا من السلوكيات غير الصحية التي تظهر على بعض الصغار، ويكون لها أسباب كثيرة، ومنها أن هذا الصغير تعرض لعملية فقدان كبير للثقة في نفسه، فينعكس ذلك على طريقة تعبيره عن رأيه وفي أسلوب النطق والحديث، ويتردد كثيرا قبل الكلام ويكرر الكلمات ويتتأتأ كثيرا، ومن عوامل إصابة الطفل بهذه الحالة السخرية الدائمة منه، والتقليل من شأنه، ويمكن أن يكون الخوف من العقاب أحد مسببات هذه الحالة أو الخوف من التعرض للضرب، أو ناتجة عن العقاب المستمر على كل صغيرة وكبيرة، وهذا الطفل يكون في حاجة إلى إعادة الثقة في نفسة للتخلص من هذه المشكلة، وإعادة الطفل وتأهيله إلى طريقة النطق الصحيح والقوي والمعبر عن ثقة عالية في النفس، ويتطلب من الآباء الثناء على هذا الطفل ومدحه وبث الطمأنينة بداخله، وتشجيعه على التعبير عن رأيه والاستماع له بإنصات وعدم الضحك أثناء حديثه، ومحاولة تدريبه على النطق الجيد، كما يمكن اللجوء إلى مختص في النطق لتعليمه أساليب التحدث الصحيحة، إذا كان يعاني من مشكلة في النطق.
مشاركة :