امتاز العرب بكتابة الرسائل، وللرسائل وقع خاص في القلوب جمدها التواصل الإلكتروني الذي أفقدنا كل شيء.. الإحساس والمتعة.. وكان من العرب مشاهير في فن الرسائل، يهتمون بتجويدها وصياغتها وتزيينها بالمفردات الجميلة التي تجعل لها معنى لا يشبهه أي معنى آخر.. وعندما تبحر في قراءة الرسائل تجد فيضا من المشاعر والأحاسيس المتدفقة التي تكاد أن تظهر من الحروف. وقد تعددت مظاهر الاهتمام بالرسائل في العصور المختلفة والتي كان لها فرسانها ومجيدوها.. فقد برع كثيرون في كتابة الرسائل وتجويدها، سواء أكانت في علوم الدنيا أم الدين، وفي مجالات الفن والثقافة والإبداع، حتى في السياسة والرسائل الرسمية كان العرب يحسنون اختيار الألفاظ والمعاني والعبارات. وأكثر من تميز في الرسائل هم العشاق الذين تزخر المكتبة بإرثهم الكبير، وتميز بها كثيرون وكانت لهم مراددات وصولات وجولات بها، منها ما نشر ومنها ما لم ينشر، منها ما علم ومنها ما ظل غير معلوم سوى بين أطراف الرسالة ذاتها. كانت رسائل العشاق تثير اللهفة والأشواق بين المرسل والمستقبل، كان الوقت بين كتابة الرسالة واستلامها يثير الرغبة وحرقة الانتظار .. وهو ما نفتقده اليوم باختصار الوقت بسبب آلات الزمن الحديث الأجهزة النقالة التي أفقدتنا لذة الانتظار.. وحنين التواصل. إن الرسائل المتبادلة لازالت تحتفظ بقيمتها المعنوية الكبيرة، وقيمتها الأدبية والفكرية العالية، وأغلبها يتضمن دروسا وعبرا وحكما بالغة الأهمية، كما تتضمن مفردات تعتبر مدرسة دائمة ومتجددة في اللغة والثقافة والمعرفة.. ذاك زمان له واقعه الخاص الذي مهما عملنا واجتهدنا لن نبلغ مداه .. كانوا يجهدون أنفسهم بالإبداع .. ونحن نضيع وقتنا بالاستهلاك. ودمتم سالمين.. * تغريدة : لا يمكن أن يتشابه اثنان في الشكل .. فما بالكم بالمشاعر !!
مشاركة :