في العام 2004 وظفت شركة جوجل المهندس الكهربائي نيكش أرورا خريج معهد الهند للتقنية كمدير لمبيعات الشركة في أوروبا (بالرغم من عدم وجود خبرة عالية لديه في مجال المبيعات) وبعد ذلك بخمس سنوات تم تعيينة كمدير لفريق الأعمال في الولايات المتحدة ومن ثم تدرج في مهام أخرى في الشركة، وهنا نطرح سؤالا لماذا وظفت شركة جوجل مهندسا كهربائيا في مجال المبيعات في شركة نشاطها الرئيسي تقنية المعلومات؟ يتحدث مؤسس شركة جوجل ورئيسها التنفيذي لاري بيج في تقديمه لكتاب كيف تعمل جوجل عن آلية عمل الشركة مشيراً إلى أنه كان محتاراً قبل تأسيس الشركة بين أن يكون أستاذاً جامعياً أو أن يبدأ مشروعه الصغير وآثر البدء بمشرع صغير كونه يعطيه حرية أكبر في التفكير والعمل. وعندما بدأ في تأسيس الشركة لم تكن الفكرة الرئيسية ابتكار محرك بحث بل تمثلت الفكرة في كيف يمكن تحميل بيانات الإنترنت ومن ثم ربطها ببعض وعلى إثر ذلك بدأت الشركة بالعمل من خلال محرك البحث والذي هدفت من خلاله إلى تحقيق الأرباح من خلال الإعلانات مستعينة بمن أسموه المبدع الذكي. المبدع الذكي في عرف جوجل أنه الخيار الإستراتيجي لنجاح أي منظمة، فهم القادرون على اتخاذ القرارات الإبداعية ذات المخاطرة العالية وهم بالطبع مشاكسون لا يملكون إجابة " نعم" لكل ما يطلب منهم ويتسمون بالمبادرة ولا ينتظرون أن يطلب منهم أداء أي أعمال ولديهم الفضول لحل أي عقبة تعتريهم والأكثر من ذلك أن جزءا من أعمالهم يتسم بالإخفاق ونتاج أعمالهم عندما تنجح تحقق نجاحات كبيرة، لذلك الحاجة اليوم في بيئات الأعمال ليس للقيادات والموظفين الذين يملكون المعارف والخبرات لتنفيذ الأعمال إذ إن هذا النوع من الموارد البشرية في أفضل الأحوال يحققون تحسناً في طريقة تأدية الأعمال التقليدية وفي هذا العصر تتطلب بيئات الأعمال لمختلف المنظمات حكومية كانت أو خاصة التركيز على تسريع جودة تطوير المنتج أياً كان، ورفع جودة المخرجات ومثل هذه النتائج لا يستطيع أن يحققها غير المبدعين الأذكياء فهم لديهم القدرة على التفكير بشكل مختلف ولديهم القدرة على توظيف تلك الأفكار في تحقيق أهداف المنظمة ومثل هؤلاء الموظفين متواجدون في كل مكان وفي مختلف المنظمات ولكن الفيصل في نجاحهم يتمثل في البيئة التي تستطيع أن تستفيد منهم، لذلك نجحت جوجل في أن يحقق محرك بحثها الصدارة مقارنة بمحركات البحث الأخرى التي كانت رائجة عندما أطلقتها ونجح بريدها الإليكتروني في المنافسة مقارنة بمثيلاتها وحققت نقلات نوعية على مستوى منتجاتها التي رأت النور في وقت سابق وشكك في نجاحها وإمكانية استمرارها كالخرائط فضلا عن منتجاتها الخلاقة التي أعلنت عنها كالقائد الآلي للسيارات وغيرها الكثير من المنتجات مسابقة الزمن من شركة ابتدأت بثلاثة موظفين قبل عقد ونصف تقريباً إلى شركة يعمل بها أكثر من 52 ألف موظف حول العالم، وكلمة السر لنجاحهم ونجاح أي منظمة أخرى هي "المبدع الذكي" والبيئة التي تمكنه من ترجمة أفكاره عملاً وهذا ما يجب أن نستوعبه من مثل هذه النماذج الخلاقة في الإدارة والقيادة التي حققت وثبات نوعية.
مشاركة :