لو سئلت خلال هذه الأيام عن من تقدم لهم تحية خاصة، كبرى وحارة، لقلت إن من يستحق هذه التحية هم رجال الأمن ومتطوعو الميدان في موسم الحج. لقد قدم هؤلاء لنا وللعالمين صورا رائعة عن إنسانية السعودي وإخلاصه ولطفه رغم المشقة والتعب ومفارقات سلوك بعض الحجاج الذين مهما علمتهم وأرشدتهم لا يتعلمون ولا يسترشدون. كانت تلك الصور التي يساعد فيها الشباب العجائز والأطفال والوجوه التي تتصبب عرقا ونصبا، من أروع ما حمله (تويتر) وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي والصحف إلينا. ولو كان بيدي لجمعت كل هذه الصور في وعاء إليكتروني واحد ليراها كل العالم الذي يسجل من خلال ممارسات شاذة وخارجة إنطباعات سيئة عن الشباب السعوديين. من يمثلنا هم هؤلاء الرجال الذين (يرفعون الرأس) ويشرفون بلدهم ومواطنيهم، وليس أولئك الذين يتزاحمون على غنائم القتل والسلب والسبي وإذلال الآمنين في بيوتهم. ومن حسن حظنا أن من يشرفوننا ويحسنون إلينا هم الكثرة ومن يحرجوننا ويسيئون إلينا هم القلة. وهؤلاء القلة سيكونون قريبا أقل بفضل التدابير والإجراءات القانونية والأمنية الأخيرة التي تقلم الآن أظافرهم وتقلل من شأنهم وتدفنهم في غياهب شرور أفعالهم وموبقاتهم وحماقاتهم. وإذا كنت كتبت في مقالة أمس أن هؤلاء الإرهابيين ليسوا شهداء، كما يروج المرجفون، ولا نفخر بهم، فإنني أقول اليوم إن من أراد أن يفاخر بأبنائه فلينظر إلى شبابنا الحقيقيين والمخلصين في موسم الحج، ليعرف الفرق بين البناء والهدم والسماحة والفظاعة. لينظر، أيضا، كم يضيف هؤلاء المخلصون إلى سمعة وطنهم وأهاليهم وأنفسهم، وكم يكسبون من الدعاء والثناء والامتنان. ليس المجد، ولا الفخر، أن تخرج على جماعتك وتخرج عن دائرة قرارك وأمنك الوطني وسلامتك الاجتماعية، بل كل المجد والفخر أن تكون جزءا من وطنك وإنسانا فاعلا في سمعته وإنجازاته. لقد كنا في موسم حج هذا العام، أمام درس عملي، وطني وإنساني كبير. والتهنئة الحارة يستحقها أولئك الذين أزالوا كثيرا مما يلحق بسمعتنا وممارساتنا كسعويين.
مشاركة :