تحولت صلاة العيد في المدن المصرية إلى ساحات للصراع السياسي، على رغم قرار وزارة الأوقاف المصرية بحظر تنظيم الصلاة تحت شعارات سياسية أو حزبية، وتبارى «الإخوان المسلمون» والسلفيون في إقامة ساحات الصلاة. وأنهى محمد محفوظ جولته لشراء ملابس العيد لصغيرته من محال مدينة نصر (شرق القاهرة) على اشتباكات عنيفة وقعت بين أعضاء في جماعة «الإخوان المسلمين» وقوات الشرطة قبل ساعات قليلة من صلاة عيد الأضحى. وقف الرجل الثلاثيني على مطلع الطريق الرئيسي حاملاً صغيرته، يشاهد من بعيد عمليات الكر والفر بين الطرفين، منتظراً هدوء الأمر ليعود إلى منزله، مبدياً امتعاضه الشديد من سلوك مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي الذين «لا يفوّتون مناسبة من دون إحداث قلاقل في الشارع، لتعكير صفو البلاد». يتذكر محفوظ حين نجا من اشتباكات حصلت في شهر رمضان الماضي، لدى مروره مصادفة، وأصيب حينذاك بطلقات خرطوش أطلقها مؤيدو مرسي على قوات الشرطة، ويقول لـ «الحياة» إن «الإخوان فقدوا أي تعاطف مع قضيتهم، وبات جلياً أنهم يلهثون وراء المقاعد. وبدلاً من التودد للشارع باتوا في خصومة مع الناس بأفعالهم. صحيح أن الأوضاع المعيشية لم تتحسن بعد رحيلهم، لكن المصريين لن يقبلوا عودة من رفع في وجوههم السلاح من أجل العودة إلى كرسي الرئاسة. القضية باتت قضية وطن». حديث محفوظ أظهر بجلاء «العزلة التي باتت جماعة الإخوان تعيش فيها»، فلم يعد مستغرباً أن تتجمع مجموعة من الأشخاص وتوسعُ ضرباً شاباً وقف أمام ساحة صلاة العيد أمس في أحد الأحياء الشعبية شرق القاهرة، يوزع منشورات تنتقد في شدة الحكم في مصر، وتحض المصريين على الثورة لـ «إسقاط حكم العسكر»، حتى مع تحاشي تلك المنشورات ذكر عودة مرسي. وتخشى قوى سياسية في مصر من تسلل أعضاء في جماعة «الإخوان» وحلفائها إلى البرلمان المقبل، لا سيما في ظل النظام الانتخابي الذي وسّع من المنافسة على المقاعد بالنظام الفردي (420 مقعداً)، فيما اكتفى بـ «120 مقعداً» للمنافسة بنظام القوائم المطلقة، لكن محفوظ يتمنى على مؤيدي مرسي خوض الاستحقاق التشريعي المتوقع إجراؤه قبل نهاية العام الحالي «حتى يظهر أمام العالم حجم شعبيتهم الحقيقية في الشارع، وإن كانوا (الإخوان) لن يعترفوا بهزيمتهم (حال خوض التشريعيات) وسيروّجون لشعارات تزوير الاقتراع». وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أكد خلال لقائه صحافيين مصريين في نيويورك على هامش حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الشعب المصري سيسقط البرلمان إذا دخله أعضاء في جماعة «الإخوان» التي صنفتها الحكومة المصرية «تنظيماً إرهابياً»، وقال السيسي لضيوفه: «لو أن الإخوان تمكنوا من دخول البرلمان بطرق ملتوية، فإن الشعب المصري سيسقط هذا البرلمان». عزلة «الإخوان» لم تقف فقط عند قطاعات واسعة من الشعب المصري، بل باتت أيضاً في أوساط المتدينين أيضاً، وهو ما ظهر في اشتباكات جرت غير مرة وكان آخرها أمس بين أعضاء في الجماعة، وأنصار «الدعوة السلفية» في محافظة الإسكندرية الساحلية (شمال القاهرة)، والتي وقعت لدى مرور مسيرة لمؤيدي مرسي إلى جوار ساحة أقامها السلفيون لأداء صلاة العيد، واستخدم الطرفان العصي والسلاسل الحديد والسلاح الأبيض. وبدأت الاشتباكات بتراشق لفظي بدأه «الإخوان» بترديد هتافات تحمل سباباً لقيادات الدعوة السلفية وحزبها «النور»، لا سيما نائب رئيس الدعوة الشيخ ياسر برهامي، الأمر الذي رد عليه شباب السلفيين بترديد هتافات ضد الإرهاب والجماعات الإرهابية و «الإخوان». ولم يمنع قرار وزارة الأوقاف المصرية بحظر تنظيم الصلاة تحت شعارات سياسية أو حزبية، كلاً من الدعوة السلفية في الإسكندرية، وتنظيم «الإخوان» من إقامة ساحات الصلاة. وتوافد المئات من المواطنين بالإسكندرية، إلى ساحة صلاة الدعوة السلفية، وسط انتشار لافتات كتب عليها «الدعوة السلفية تدعوكم لأداء صلاة العيد»، في الوقت الذي أقام «الإخوان» أيضاً عدداً من ساحات صلاة العيد لا سيما في المناطق النائية. وبينما تبارى السلفيون و «الإخوان» في تنظيم ساحات الصلاة في عدد من المحافظات، سعت القوى المدنية إلى استغلال الصلاة كفرص للترويج في الأوساط الجماهيرية، عبر لافتات مذيلة بشعارات أحزاب لتهنئة المصريين بالعيد، ما فتح الحديث عن استخدام الدين في السياسة. وكان أكثر اللافتات انتشاراً لأحزاب «الوفد» الذي يقود تحالف «الوفد المصري»، ولحزبي «الحركة الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق و «المؤتمر»، والمنخرطين في تحالف «الجبهة المصرية... تحيا مصر». وفي هذه الأثناء تنافس مرشحون محتملون على مقاعد التشريعيات على ذبح الأضاحي وتوزيع لحومها على الفقراء والمهمشين، ما يكشف أن الصراع الانتخابي المقبل لن يكون بين الإسلاميين والأحزاب التقليدية فقط، بل سيدخل المستقلون بقوة على خط المنافسة. وأدى ملايين المصريين أمس صلاة العيد في الساحات التي حددتها الأوقاف المصرية، وأدى الرئيس المصري صلاة العيد في مسجد السيدة صفية في مصر الجديدة (شرق القاهرة)، المجاور لقصر الاتحادية برفقة رئيس الحكومة إبراهيم محلب وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ووزيري الدفاع صدقي صبحي والداخلية محمد إبراهيم. وألقى إمام مسجد السيدة صفية خطبة العيد قال فيها: «كنا بالأمس مع عرفات واليوم مع عيد النحر وفي هذه الأيام نستقبل ذكرى انتصار الجيش في أكتوبر الذي أعاد كرامة مصر واسترد الأرض من مغتصبيها»، ومشدداً على أن النبي (عليه الصلاة والسلام) خاطب الصحابة «إن دماءكم وأولادكم وأعراضكم حرام عليكم»، مضيفاً أن كلماته مستمرة حتى قيام الساعة، وأن الدوافع للاعتداء على الأنفس وغيرها هي الأنانية وحب الاستعلاء على الغير. وزاد «لو عدنا إلى المسلمين الأوائل لوجدنا أن ما كان يتميزون به هو الخشية من التعرض لأموال وأنفس الناس، وكانوا يؤثرون الغير على أنفسهم». وكان السيسي تلقى أول من أمس اتصالاً هاتفياً من أمير دولة قطر الأمير تميم بن حمد لتهنئته بعيد الأضحى. في موازاة ذلك تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن المنيا، من تفكيك قنبلة بدائية زرعت بجوار مبنى الأمن الوطني، كما عثرت الشرطة على قنبلة أخرى في محيط قسم شرطة بندر المنيا، وتم إبطال مفعولها، فيما أضرم مجهولون النيران بكشك كهربائي يقع في طريق سكة تلة بمدينة المنيا.
مشاركة :