الدول الإفريقية تؤسس منطقة تجارة حرة عملاقة

  • 1/1/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يرى تشيدو أوساكوي أن الاتفاقية تشكل «فرصة تاريخية مهمة» للخلاص من الإرث الاستعماري. كما أن نحو 82% من صادرات الدول الإفريقية تذهب إلى قارات أخرى، وتشكل هذه النسبة في معظمها السلع. وعلى العكس من ذلك، يتكون أكثر من نصف تجارة إفريقيا من منتجات مصنعة. تبادلت الدول الإفريقية لفترة طويلة جداً التجارة مع العالم، وهي تريد الآن تبادل التجارة فيما بينها. في سنة 1963، كتب كوامي نكروما، وهو أول رئيس لجمهورية غانا يقول إن "على إفريقيا أن تتوحد"، وكان يشتكي من أن الدول الإفريقية كانت تبيع المواد الأولية إلى مستعمريها السابقين، بدلاً من إقامة تبادل تجاري بينها. لكن حلمه حول إفريقيا واسعة لم يتحول مطلقاً الى حقيقة واقعة. وحتى اليوم تتبادل الدول الإفريقية التجارة مع أوروبا، بمعدل ضعف ما تقوم به بينها. ولكن تلك الروح التي تنشد الوحدة تشبه في الوقت الراهن الاندفاع نحو منطقة تجارة حرة قارية تشمل كل الدول الـ 55 في ذلك الجزء من العالم. وكانت المفاوضات قد بدأت في سنة 2015، وهدفت الى تشكيل اقامة منطقة تجارة حرة قارية بحلول نهاية هذه السنة. وبخلاف منظمة التجارة الدولية حققت محادثات الدول الإفريقية التجارية درجة من التقدم. وفي اجتماع عقد في الأول والثاني من شهر ديسمبر الحالي في نيامي عاصمة النيجر وافق وزراء التجارة في الدول الإفريقية على اللمسات الأخيرة حول النص المنشود. وتشير التوقعات الى أن رؤساء الدول سوف يوقعون على الأرجح على تلك الاتفاقية في شهر مارس المقبل، وذلك بمجرد التوصل الى البروتوكول المرفق حول البضائع (وسبق أن تحققت الاتفاقية المتعلقة بالخدمات في وقت سابق). وسوف تدخل اتفاقية منطقة التجارة الحرة حيز التنفيذ بعد مصادقة 15 دولة عليها. وحتى عندئذ سوف يحدد الاتفاق اطار عمل فقط، وسوف يتطلب الأمر التوصل الى نوع من الاتفاق حول البعض من التفاصيل المتعلقة بخفض التعرفة، كما أن المفاوضات المنفصلة التي تغطي المنافسة والاستثمارات وحقوق الملكية الفكرية سوف تبدأ بعد ذلك. الرغبة في تحقيق اتفاق وعلى الرغم من ذلك يتوق التكنوقراطيون الى تحقيق اتفاق عن طريق المحادثات. ويرى تشيدو اوساكوي، وهو كبير المفاوضين في نيجيريا ورئيس منتدى التفاوض، أن تلك الاتفاقية تشكل "فرصة تاريخية مهمة" للخلاص من الإرث الاستعماري. كما أن نحو 82 في المئة من صادرات الدول الإفريقية تذهب الى قارات اخرى وتشكل هذه النسبة في معظمها السلع. وعلى العكس من ذلك تتكون أكثر من نصف تجارة إفريقيا من منتجات مصنعة، ويجادل مؤيدو الاتفاق في أن ذلك سوف يفضي الى تشكيل أسواق أكبر وأكثر تنافسية تساعد على دفع حركة التصنيع المتعثرة في القارة الإفريقية. العلاقة مع الدول الأخرى ويتطلع قادة الدول الإفريقية أيضاً إلى اقامة علاقات مع بقية بلدان العالم. ونظراً لأن الدول الإفريقية لم تعد قادرة على الاعتماد على تنازلات من جانب الدول الغنية، فقد اضطرت الى البدء بتحقيق اتفاقات متبادلة تشمل المزيد من الأخذ والعطاء. وتجدر الاشارة الى أن اتفاقية تجارة حرة قوية سوف تعطي القارة الإفريقية ثقلاً اضافياً في المحادثات مع أوروبا والولايات المتحدة، بحسب جورج بوتنغ من المركز الإفريقي للتحول الاقتصادي. ولكن على الرغم من ذلك، فإن الاستعجال في المفاوضات قد يضعف النص النهائي للاتفاق، كما أن اتفاقية التجارة الحرة تهدف الى الغاء التعرفة الجمركية على 90 في المئة من المنتجات خلال خمس الى عشر سنوات، وهي حصيلة أقل طموحاً مما تبدو عليه. والكثير من العمليات التجارية الإفريقية تتم الآن بين أعضاء من مناطق تجارة حرة أصغر مثل مجتمع التنمية في بلدان جنوب القارة. ويتركز القسم المتبقي في شريحة صغيرة من البضائع. ويقول بيتر درابر من شركة توتوا الاستشارية إن شركة جنوب إفريقية تحافظ على نسبة 5 في المئة من التعرفة على البضائع والمنتجات، مما يعني استثناء الدول الإفريقية بشكل فعلي من معظم مستورداتها الحالية من المنافسة. توقعات المستقبل وتقدر دراسة صدرت عن اللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة حول إفريقيا أن اتفاقية تجارة حرة سوف تفضي الى جعل التجارة أعلى بنسبة 52 في المئة في 2022، وبقدر يفوق ما كانت عليه في سنة 2010. ونظراً لأن ذلك يفترض ازالة كل أنواع التعرفة؛ فإن التأثير الفعلي سوف يكون بكل تأكيد أكثر تواضعاً. وتظهر الدراسة أيضاً أن المكاسب الأكبر لن تأتي عن طريق خفض التعرفة، بل من خفض حواجز لا تتعلق بالتعرفة، إضافة الى وقت النقل. ولن يشكل ذلك مفاجأة بالنسبة إلى السائقين على الخطوط الطويلة للشاحنات العاملة على الحدود الإفريقية. وحسب تقديرات البنك الدولي، فإن هذه العملية تتطلب أكثر من ثلاثة أسابيع بالنسبة الى حاوية تحمل قطع غيار للسيارات من أجل اجتياز الحدود الكونغولية. وتشتهر الدول الإفريقية بسجل مختلط من اجراءات تسهيل التجارة، كما أن محطة واحدة جديدة على الحدود قلصت الوقت اللازم لنقل شحنة من تنزانيا الى أوغندا بنسبة 90 في المئة. ولكن حتى مع خفض التعرفة، فإن دول شرق إفريقيا أقامت أيضاً حدوداً تتعلق بغير التعرفة مثل المقاييس المتنوعة للبضائع. والتجار غير الرسميين، ومعظمهم من النساء، يتحدثون عن مضايقات وعمليات ابتزاز على الحدود. وتتعارض اقامة منطقة تجارة حرة مع الجوانب السياسية الحالية في الكثير من الدول الإفريقية، بما في ذلك جنوب إفريقيا ونيجيريا، حيث تخشى الحكومة فقدان السيطرة على السياسة الصناعية، كما أنها تشعر بقلق ازاء خسارة عوائد التعرفة؛ لأنها سوف تجد صعوبة في تحصيل ضرائب اخرى. وقد يشكل الانتظار بالنسبة الى منطقة التجارة الحرة فضيلة اذا أفضى ذلك الى اعطاء الدول المزيد من الوقت للتكيف. وتشعر شريحة التكنوقراط بتفاؤل، ويقول برودنس سيباهيزي، وهو كبير المستشارين الفنيين لدى الاتحاد الإفريقي حول منطقة التجارة الحرة، "أنت تبني الأساس أولاً ثم المنزل، حتى اذا احتاج ذلك الى عدة سنوات".

مشاركة :