أضعنا اللقب وكسبنا منتخباً متجدداً يستحق الاحترام

  • 1/1/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

متابعة - صفاء العبد: ليست نهاية العالم طبعاً.. فالخسارة في كرة القدم هي الوجه الآخر للفوز، وليس هناك من فريق أو منتخب لا يخسر مهما بلغت قدراته ومهما علت إمكانات لاعبيه.. صحيح إن فقدان اللقب، وبهذه الطريقة التي تجعلنا نغادر البطولة الخليجية في دورها الأول، هو أمر محزن إلا أن الصحيح أيضاً هو أن نتقبل الأمر بروح رياضيّة وأن نؤمن تماماً بأن ليس هناك من منتخب في العالم كله لا يحقق سوى الانتصارات فقط أو أنه في منأى عن الهزائم. لا نتحدث هنا فقط عن النتائج التي خرج بها العنابي من «خليجي 23» التي ودعها من الدور الأول خلافاً لكل التوقعات التي سبقت بدء البطولة وإنما أيضاً عن الانطباعات التي سادت الجميع بعد البداية الطيّبة التي حقق فيها العنابي الفوز الرباعي النظيف على نظيره اليمني ومن خلال عرض مقنع جداً دفع بالكثيرين إلى ترشيحه للحفاظ على لقبه الخليجي. ومع أن هناك من يرى أن المباراة تلك لا تصلح لأن تكون مقياساً دقيقاً للحكم على حقيقة إمكانات العنابي عطفاً على مستوى وإمكانات المنتخب اليمني إلا أننا نقول إن الأخير لم يكن سهلاً أو ضعيفاً أو متواضعاً مثلما يعتقد البعض.. ولتأكيد صحة هذا القول نشير إلى ما قدّمه في مباراته الثانية عندما خسر بهدف وحيد ومن ركلة جزاء غير صحيحة أمام منتخب البحرين قبل أن يعود إلى مباراته الثالثة التي أحرج فيها منتخب العراق طوال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي قبل أن يهتزّ في الثاني ويخسر بالثلاثة.. من هنا نقول إن ما قدمه العنابي في مباراته الأولى أمام نظيره اليمني كان مؤشراً لقدرته على التواصل مع هذه البطولة بنجاح وذلك ما أكده أيضاً في الشوط الأول من مباراته الثانية أمام العراق عندما كان متقدماً بهدف السبق قبل أن يسمح بإصابة مرماه مرتين في الشوط الثاني ليخرج خاسراً من ذلك اللقاء على الرغم من أنه كان يبدو هو الأرجح لا سيما في الدقائق الأخيرة منه.. وحتى في مباراته الثالثة أمام البحرين كانت المؤشرات تذهب إلى ترجيح كفته فنياً وبدنياً وهو ما تأكد فعلاً من خلال سيطرته وضغطه واستحواذه المستمر أغلب زمن الشوطين لكنه خرج في النهاية بالتعادل الذي كان بطعم الهزيمة لأنه تسبب في خروجه من البطولة في دورها الأول هذا. نقول، نعم ذلك ما حصل باختصار وتلكم هي النتائج التي خرج بها العنابي، غير أن السؤال هنا هو.. هل كان بالإمكان أفضل مما كان ..؟ الإجابة نعم وبكل تأكيد.. فلدينا منتخب يمتلك من المؤهلات ما كان يمكن أن يدفع به للتواصل حتى النهاية وليس الخروج من الدور الأول.. وهنا نشير إلى أن انطباعات أغلب المراقبين تُجمع على أن العنابي أفضل مستوى من ثلاثة منتخبات على الأقل من المنتخبات الأربعة التي تأهلت للدور قبل النهائي.. وقد يكفي هنا الإشارة إلى ما اتفق عليه الجميع وهو أن العنابي كان طرفاً في أقوى وأجمل مباريات البطولة حتى الآن.. فلا اختلاف مثلاً على أن مباراته مع العراق كانت في منتهى الروعة وأنها كانت تصلح لأن تكون هي المباراة النهائيّة بحكم ما اتسمت به من قوة وسرعة وإثارة مصحوبة بلمحات فنيّة ميزت لاعبي كلا المنتخبين بحيث كان ذلك هو ما جعل أغلب المتابعين يذهبون إلى أن المنتخبين سيعودان ليلتقيا مجدداً في المباراة النهائية. غير أن حسابات الحقل جاءت مغايرة لحسابات البيدر مثلما يقولون.. والمؤكد هنا هو أن ماحدث يثبت أن تميّز اللاعبين وقدراتهم ومؤهلاتهم لا تكفي لتحقيق كل ما يطمح إليه المنتخب وإنما هناك مسببات أخرى لا بد منها لكي تكون الحصيلة النهائية ناضجة ومتكاملة. وفي تقديرنا أن أغلب لاعبينا نجحوا في تقديم أفضل ما لديهم رغم حداثة عهدهم مع العنابي الأول الذي يمرّ بمرحلة تجديد شبه كامل في صفوفه.. ولأنهم كذلك كانوا قد استقطبوا كل الأنظار ليشيد بهم الكثيرون وإلى الحد الذي صارت فيه العديد من وسائل الإعلام تتحدّث عن مستقبل واعد لهم مثلما تتحدّث عن تميّز واضح على مستوى الإمكانات الفرديّة. وإذا ما كنا هنا نشيد بما قدّمه أغلب لاعبينا في هذه البطولة فإن ذلك لا ينسحب نحو الجهاز الفني بقيادة الاسباني فيلكس سانشيز.. فمع تقديرنا الكبير لهذا الرجل إلا أن واقع الحال كان يقول إنه لم يكن موفقاً في مهمته هذه.. فعلى الرغم من كل ما توفر له من متطلبات النجاح إلا أنه سجل سلسلة من الأخطاء التي جعلته السبب المباشر في الخروج من البطولة بدورها الأول. وقد يكون في مقدمة تلك الأخطاء هو هذا الذي يتعلق بغياب الاستقرار على مستوى التشكيلة الأساسية بحيث ذهب بالعنابي إلى الكويت دون أن يكون قد توصل إلى القناعة الكاملة للتشكيلة المعتمدة وخصوصاً في الشق الدفاعي على الرغم من أن ذلك كان يفترض أن يكون محسوماً من خلال سلسلة التجارب التي سبق أن خاضها استعداداً لهذه البطولة علماً أن ما توفّر له من تجارب على هذا الطريق يفوق كثيراً ما توفر لغيره من المنتخبات الأخرى المشاركة في البطولة. وعندما نتحدّث عن غياب الاستقرار في الجانب الدفاعي فإنما نشير إلى سلسلة المتغيّرات التي طرأت على المنتخب بحيث اختلفت بعض الأسماء في ثلاث مباريات خاضها في البطولة بحيث وجدناه مثلاً يعتمد على المهدي علي وبسام هشام في قلبي الدفاع مع وجود بيدرو وعبدالكريم سالم عند الظهيرين أمام اليمن، ثم عاد في المباراة التي أعقبتها ليعتمد على المهدي علي وأحمد ياسر في قلب الدفاع وحمد العبيدي وعبدالكريم سالم في الظهيرين أمام العراق، قبل أن نشهده في المباراة الثالثة وهو يعيد بيدرو وعبدالكريم سالم إلى مركزي الظهيرين. وحتى في الوسط وجدناه حائراً بما يفعل بعد إصابة عاصم مادبو بحيث دفع ببيدرو أمام العراق ثم بأحمد فتحي أمام البحرين رغم أنه في أغلب تجاربه السابقة كان يعتمد على أحمد معين إلى جانب بوضياف.. أما في الأمام فإن تدخلاته كانت تكشف عن ضعف الحيلة أو أنها تكشف عما يشبه التخبط أحياناً وكأنه غير ملمّ بإمكانات بعض لاعبيه ومدى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبوه.. وهكذا وجدناه مثلاً وهو يتخلى عن المعز علي في أحرج وقت أمام العراق رغم أن المباراة هذه كانت مباراة المعز تحديداً بحكم ما يتمتع به من سرعة كبيرة في التحوّل الهجومي وفي الهجمات المرتدّة أمام دفاعات العراق التي تعاني من بطء واضح في تحركاتها.. ثم وجدناه أمام البحرين وهو يُخرج إسماعيل محمد ليدفع بمونتاري رغم الحاجة الماسة للأول في تحركاته الجانبية عند الجهة اليمنى بحيث لجأ إلى زيادة عدد لاعبيه في الصندوق المكتظ أصلاً بالكثافة العددية للاعبين وبطريقة تصعب معها أي حلول تركز على العمق الهجومي دون الأطراف. نقول إن ملاحظات كهذه وأخرى غيرها إنما تكشف عن قصور واضح في قدرات سانشيز بشأن كيفية توظيف لاعبيه وكذلك بشأن قراءة سير المباراة وما تحتاجه من حلول وهو ما كان يبدو واضحاً كل الوضوح في التغييرات غير المناسبة التي كان يلجأ إليها. ومع كل ذلك نقول إن المدرب لم يكن هو كل الأسباب.. ففي بعض الأحيان كان الأمر يتعلق بالتوفيق أيضاً.. فلو قدر لمونتاري مثلاً أن يترجم حالة الانفراد الكاملة أمام العراق في الرمق الأخير من عمر المباراة لكننا الآن نتحدّث عن البطولة وفق سيناريو آخر مختلف.. ولو قدر لرأسيّة علي فريدون أن تصيب الشباك بدلاً من العارضة في الدقيقة (78) أمام البحرين لكان هناك الآن حديث آخر مختلف تماماً عن واقع سير البطولة في دورها قبل النهائي. على العموم نقول إن العنابي ودّع من البطولة بطريقة لا تتفق مع الطموح لكننا كسبنا أسماء مهمّة جداً في رحلة التجديد الحاليّة للمنتخب.. أما الذي نتمناه فهو أن يكون لدينا جهاز فني أكثر قدرة على استثمار قدرات هذه الأسماء وكيفية توظيفها بالشكل الذي يمنح الأدعم القدرة الحقيقيّة على أن يقول كلمته بشكل أفضل وأقوى بكثير في استحقاقاته المقبلة خصوصاً في نهائيات أمم آسيا بإذن الله.

مشاركة :