< تبدأ المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، خلال الأيام المقبلة في محاكمة «توأمي داعش» اللذين أقدما على اغتيال والدتهما الطاعنة في السن «طعنا»، ومحاولة قتل والدهما وأخيهما الأصغر، في حادثة اعتبرت الأبشع في تاريخ التنظيم الإرهابي، والتي ارتكبها الحدثان في 24 آيار (مايو) 2016 ويشرع قضاة المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب بالعاصمة الرياض، خلال الأيام المقبلة في بدء أولى جلسات محاكمة توأمين داعشيين قتلا والدتهما وأصابا والدهما وشقيقهما غدرا بتوجيه من التنظيم الإرهابي «داعش» وذلك قبل فشل محاولة فرارهما إلى اليمن. وسجل التوأمان خالد وصالح العريني، الجريمة الأبشع في تاريخ التنظيم الدموي، إذ تعود تفاصيل القضية التي تنظرها المحكمة الجزائية في الرياض إلى فجر إحدى الليالي الرمضانية، «التي استدرج فيها الجانيان والدتهما إلى غرفة المخزن ووجها لها طعنات عدة بساطور وسكاكين حادة حتى فارقت الحياة ثم توجها إلى والدهما وشقيقهما ليقوما بمباغتة والدهما بطعنات عدة، ثم اللحاق بشقيقهما سليمان 22 عاما وطعنه، قبل أن يغادرا المنزل، والاستيلاء على سيارة من أحد المقيمين بالقوة والهرب عليها. ونفذ توأما الغدر جريمتهما البشعة، بعد أن كشفت والدتهما المغدور بها نية الشقيقين للالتحاق بصفوف التنظيم الإرهابي في مناطق الصراع، إذ قرر التوأمان التخلص من والدتهما المسنة قبل الإبلاغ عنهما، فيما أفشلت الجهات الأمنية محاولة التوأمين الهروب إلى اليمن، إذ تم إلقاء القبض عليهما في الخرج أثناء محاولتهما التوجه للحدود اليمنية كما تم التثبت من اعتناقهما الفكر التكفيري. ولا تعد حادثة «توأمي داعش» الأولى في تاريخ التنظيم الإرهابي، والتي تستهدف «نحر» الأقارب قبل الالتحاق بصفوف التنظيم، إذ اشترط التنظيم الذي تلاشى «جغرافيا» بعد سقوط عواصمه المزعومة، ومقتل عدد من قادته، قتل أحد الأقارب على المتعاطفين مع فكر التنظيم قبل اللحاق بصفوفه في مناطق الصراع، وذلك تطبيقا لعقيدة الولاء والبراء والتي تبناها متعاطفون مع التنظيم داخل المملكة، العقيدة المقدمة على ما اسموه بـ «النفير» لصفوف التنظيم في مواقعه. وبدأت جرائم الغدر الداعشي بالأقارب بعد أن قتل الداعشي جراح الأنصاري (سوري الجنسية) والده نحرا بتهمة «الردة» ما جعله يتقدم قياديا في صفوف التنظيم ليكون أحد كبار قادتها، إلى أن أقدم على تفجير نفسه في نيسان (ابريل) 2015 في عملية انتحارية استهدفت قادة من تنظيم «جبهة النصرة»، تبعتها سلسلة من الجرائم الدموية، دعا لها التنظيم الإهابي عبر مقاطع تحريضية مصورة بثت على مواقع التواصل الاجتماعي، تبناها مراهقون تعاطفوا مع التنظيم ليختاروا منازلهم والطرق السريعة مسرحا لتلك الجرائم، وأقاربهم ضحايا لها. جريمة تكررت أحداثها المأسوية مرات عدة في مناطق مختلفة بالمملكة، خلال عام واحد، ففي 14تموز (يوليو) 2015 بادر مطلوب أمني بإطلاق النار على والده، خلال عملية دهم لأحد المنازل كان يتحصن به، وذلك في محافظة خميس مشيط (جنوب السعودية)، وفي 16 يوليو 2015 أقدم حدث داعشي على قتل خاله الذي يعيش في كنفه مع والدته العقيد راشد الصفيان بأربع رصاصات و10 طعنات، ثم فجر نفسه بالقرب من نقطة تفتيش أمنية بمنطقة الرياض، كما أقدم أيضا شابان آخران على قتل ابن عمهما مدوس العنزي العسكري اليتيم الذي يسكن معهما في المنزل ذاته بطلقه نارية في رأسه بعد استدراجه في رحلة صيد برية في مدينة حائل شمال المملكة وذلك أول أيام عيد الأضحى 24 أيلول (سبتمبر ) 2015، وامتدادا لوحشية التنظيم الإرهابي اغتالت يد الغدر أحد منسوبي قوة الطوارئ الخاصة في منطقة القصيم وكيل رقيب بدر الرشيدي على يد ستة من أبناء عمومته بعد استدراجه على طريق الرياض - القصيم وذلك في أواخر فبراير 2016. وكان التنظيم الإرهابي دعا المتعاطفين معه في المملكة إلى «البراءة من أهلهم وذويهم»، وذلك في إصدار مرئي للتنظيم ظهر في مارس 2015 أنتجه ما يسمى «المكتب الإعلامي لولاية بركة»، وجاء في المحاضرة الدعوية التي يرجح أن ملقيها سعودي الجنسية دعوة «للمناصرين للبراء من أهلهم أولاً»، معتبرين ذلك من «المعروف الذي جاء في القول المأثور «الأقربون أولى بالمعروف»، وقتلهم ثانياً، وتخصيص القتل للأهالي الموظفين في السلك العسكري». وأكد المتحدث الداعشي في خطابه أن «بهذا العمل يقوم الدين». وقال: «إلى الإخوة في جزيرة العرب ممن حبسهم العذر، تبرأوا من أقرب الناس إليكم، فذلك هو المعروف والأقربون أولى به، تبرأ من والدك وأخيك وعمك، فأعظم المعروف الولاء والبراء، وإن كان أحدهم يعمل في السلك العسكري فتبرأ منه أولاً واقتله ثانياً، وحرض من تعرف على البراء والقتل». وتابع: «إن رأيت أحداً يود النفير قل له لا تنفر، اقتل جنديين أولاً ثم انضم إلى صفوف التنظيم». إلى ذلك، أكد المستشار القانوني سلطان المخلفي أن ما أقدم عليه المتهمان هو جريمة بشعة وخطرة كونهما اعتديا على أنفس معصومة، وهذه الأنفس من أكثر ما أوصى الله بها، إذ انها أنفس والديهما، وما زال الله يوصي ببرهما وطاعتهما والنهي عن عصيانهما فضلا عن رفع الصوت ورفع اليد أو إزهاق روحهما. ولذلك فإن حكم إزهاق نفس الوالد أو الوالدة من حيث المآل مثل غيره من الأنفس المعصومة بالعقوبة، وهي القتل قصاصا ما لم يتنازل أولياء الدم، إلا أنني أظن أن عقوبتهما ستكون القتل تعزيراً حتى لو تنازل أولياء الدم. مع الخلاف الذي يثور: هل يصح أن تصل العقوبة التعزيرية إلى حد العقوبة الأصلية؟ وأوضح ان الذي أراه في هذه المسألة أن مثلهما إن لم يقتلا قصاصا فإنهما يقتلان تعزيرا لأن المفسد إذا لم ينقطع شره إلا بقتله فإنه يقتل، وقد حكم في قضية قتل سابقة عام 1420، اذ أقدم أحدهم على قتل والده فحكمت المحكمة بقتله تعزيراً وصدق الحكم من محكمة التمييز (في وقتها) ومن مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة وصدر الأمر السامي بإنفاذ ما تقرر شرعا، وعليه فكون المحكمة المتخصصة هي ناظرة القضية فإن هذا يدل على توجيه الاتهام لهما بانتهاج طريقة الخوارج والفكر الضال وهو ما يؤده واقع الحال، وما يجعل عقوبة القتل تعزيراً في حال تنازل أولياء الدم.
مشاركة :