الدمار والفقر والبطالة سمات رئيسة في المحافظات العراقية المحررة

  • 1/1/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا تزال تبعات الحرب التي يشنها العراق على جيوب تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الأخيرة تتكشف تباعاً، إذ كشفت عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى نورة البجاري، ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في محافظتها بعدما فقد 70 في المئة منهم مصادر دخله نتيجة سيطرة «داعش» على المدينة والخراب الذي أصابها نتيجة حرب التحرير الأخيرة. ويبلغ عدد سكان المحافظات المحررة نينوى وصلاح الدين والأنبار حوالى 6 ملايين و670 الف شخص، غالبيتهم في نينوى التي يقطنها 3.5 مليون، فيما تبلغ مساحة هذه المحافظات أكثر من ثلث مساحة العراق الكلّية. ويعتمد سكان هذه المحافظات على الزراعة والمواشي بنسبة 60 في المئة، فيما تعتمد النسبة المتبقية على الوظائف الحكومية. وأضافت نورة البجاري في حديث إلى «الحياة»، وهي أيضاً نائب رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية، أن «الحكومة تعمل على إعادة العائلات النازحة الى مناطق سكنها. ومن خلال زياراتنا المستمرة إلى مدن المحافظة وقراها، وجدنا أن نصف هذه العائلات فقدت مسكنها، إذ تعرضت للتدمير في شكل كامل أو جزئي». وتابعت أن «القدرة المالية لهذه العائلات متدنية ما يجعلها غير قادرة على إعادة تأهيل دورها، كما أن نظام تعويض المتضررين يحتاج إلى وقت طويل، والظروف البيئية القاسية الآن في فصل الشتاء تمنع غالبية العائلات من العودة». وأكدت أن «الجهات المعنية بالإحصاء لم تجر بعد احصائاً دقيقاً عن نسب الفقر والبطالة لمعرفة حجم المشكلة في هذه المدن، لكن يمكن التأكيد أن حجم الدمار تسبب بفقدان النسبة الأكبر من فرص العمل فيها، ما يعني مزيداً من البطالة والفقر». ولفتت النائب عن محافظة نينوى محاسن حمدون، في تصريح إلى «الحياة» إلى أن «المركز الاقتصادي للمحافظة يتمثل في المدينة القديمة التي تضم مراكز التسوق والمعامل الصغيرة والورش»، مؤكدة أن «معظمها تعرض للضرر نتيجة الحرب». وأشارت إلى أن «هذه المراكز تؤمن فرص العيش لأكثر من 50 في المئة من شباب المحافظة»، مشددة على أن «من الضروري اعتبار هذه المرافق من أولويات إعادة الإعمار لضمان عودة العاملين فيها، وإلا فإن نسب الفقر والبطالة ستكون عالية جداً، لا بل ستحدث عملية هجرة أخرى بين الشباب للبحث عن عمل في مدن أخرى، وهو ما يحدث الآن، خصوصاً أن معظم المتقدمين للعمل في مختلف القطاعات هم من شباب المحافظات المحررة». ووفقاً للتقارير الدولية، ارتفعت نسب البطالة والفقر خلال السنة إلى 25 في المئة و30 في المئة على التوالي، مقارنة بـ12 و19 في المئة على التوالي قبل بدء الحرب ضد تنظيم «داعش». كما قُدرت خسائر البنى التحتية بنحو 350 بليون دولار نتيجة تدمير نحو 80 في المئة منها. ويتوقع «صندوق النقد الدولي» وصول حجم الدَين العراقي خلال السنة الحالية إلى نحو 123 بليون دولار، خصوصاً أن العراق عمد في الآونة الأخيرة إلى الاقتراض من الصندوق وبعض الدول، لسداد عجز الموازنة وتغطية نفقات الحرب ضد التنظيم. ويتوقع الكثير من الاقتصاديين أن يتحول العراق الى سياسة اقتصادية جديدة مختلفة عن سياساته الاقتصادية السابقة بعد الانتخابات البرلمانية في أيار (مايو) من العام المقبل. وأكد الناطق باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في تصريحات صحافية، أن «نسبتي الفقر والبطالة ارتفعتا في العراق خلال السنوات الأخيرة»، لافتاً إلى أن «المسح الجديد الذي قامت به وزارة التخطيط والذي طاول للمرة الأولى محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، لم تكتمل نتائجه»، لافتاً إلى أن «الإعلان عن هذه النتائج سيتم حال اكتمالها». وأضاف أن «فرق وزارة التخطيط لم تتمكن سابقاً من الوصول إلى هذه المحافظات لإجراء المسح، إلا أن النصر على تنظيم داعش الإرهابي، مكّن من الوصول وإجراء المسوحات الخاصة بنسبة الفقر والبطالة وغيرها»، مبيناً أن» النتائج السابقة تشير إلى زيادة نسبة الفقر في العراق الى نحو 22.5 في المئة خلال المسح الذي تم عام 2015، مرتفعاً عن المسح الذي أجري في 2013 والذي بلغ نحو 15 في المئة». وأضاف أن «البطالة تختلف تماماً عن الفقر، لأن ليس بالضرورة كل عاطل من العمل فقير، كما أن هناك مؤشرات ومعايير يمكن استخدامها في المسح للفقر والتي تدشمل مجالات الدخل والسكن والتعليم والصحة، في حين أن العاطل من العمل قد يحصل على مسكن وتعليم، إلا أنه لا يملك فرصة عمل، بالتالي لا يمكن اعتباره فقيراً». وأوضح الخبير الاقتصادي حيدر داود في حديث إلى «الحياة» أن «حجم النزوح في المحافظات المحررة أثناء دخول داعش عام 2014، بلغ اكثر من 4 ملايين شخص، وارتفعت هذه الأعداد أثناء حرب التحرير، خصوصاً أن المعارك التي دارت في تلك المناطق كانت شرسة جداً، وسبقتها دعوات حكومية لإخلاء المناطق قبل بدء المعركة حفاظاً على حياة السكان». وأوضح أن «الحكومة تبنت سياسة التقشف في إدارة عائداتها خصوصاً بعد انخفاض أسعار البترول في الأسواق العالمية، كما خفضت نسب الإنفاق لضمان تأمين الرواتب وسبل العيش واستمرارية المعركة التي كانت تستنزف مبالغ ضخمة من عائدات العراق الإجمالية طيلة السنوات الأربع الماضية». وتابع أن «المبالغ التي كانت تنفق على شراء السلاح والعتاد والبالغة 30 مليون دولار يومياً، يمكن توجيهها الآن نحو إعادة الإعمار وتأمين مصادر عيش للعائلات العائدة، عبر قروض ميسرة تمكنها من تأمين فرص عمل، إضافة إلى الاستمرار بدفع رواتب الموظفين التي ستكون المحرك الرئيس لإنعاش الاقتصاد في تلك المناطق».

مشاركة :