دور وزارة الثقافة | سعيد محمد بن زقر

  • 10/6/2014
  • 00:00
  • 22
  • 0
  • 0
news-picture

إن دور الثقافة صار من الأهمية بحيث أنه أضحى يلعب دورا محوريا في نشر السلام العالمي واستقرار المجتمعات المحلية وتمتين عرى الوحدة الوطنية وخلق بيئة للانسجام بين الأفراد وبينهم وبين شعوب العالم، وبما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد والمجتمع والشعوب خيرا ونماء وسلاما. في زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد لفرنسا في أغسطس الماضي؛ كانت الثقافة حاضرة في أولوياته، وتشرفت وزملائي المهتمين بالشأن الثقافي والاقتصادي بزيارة معهد العالم العربي، المؤسسة الثقافية التي أنشأها ورعاها الملك فهد -رحمه الله- لتعريف الفرنسيين والأوربيين بالثقافة العربية الإسلامية، فالإنسان عدو ما جهل، والثقافة العربية واجهت حملات تشويه من أعدائها وبأيدي بعض أبنائها والمنتسبين لها، وألصق بها ما ليس فيها لدرجة أننا في فترات شهدنا موجة عداء ربط ثقافتنا بالتخلف وبالهمجية، والذاكرة ضعيفة تنسى دور الثقافة العربية والإسلامية في إيقاظ أوروبا من ثباتها ونومها الطويل، وإخراجها من الظلام إلى فضاء العلم والاستنارة، ولقد لعب المعهد خلال الثلاث عقود الماضية دورًا مهمًا في تنشيط الذاكرة الأوروبية، وتصحيح الصورة المقلوبة بتعريف الأوربيين والفرنسيين بالثقافة العربية، مثلما قدم المعهد طرحا ثقافيا أثَّر إيجابًا في إزالة الحواجز وسوء الفهم، وروّج لصورة حقيقية جسّدت الدور التاريخي الفعّال لثقافتنا العربية، ولقد أدركت وزارة الثقافة أهمية هذا وأهمية دورها المتعاظم في تجسير الصلات الثقافية مع الأمم، ونهضت بالتعريف بثقافتنا المحلية والعربية الإسلامية. وإذا كانت الثقافة بهذه الأهمية في دائرتها الخارجية، فإن دورها الداخلي لا يقل أهمية للمجتمع السعودي، ولا شك أن الجامعات الوطنية عليها دور وظيفي يتكامل مع دور وزارة الثقافة في تعريف المجتمع ببعضه بعضا، وبثقافة مناطقه، لكي تتشكل ثقافة سعودية ثرية ومتنوعة في التقاليد والأعراف المجتمعية، وخصوصا ربطها ببعدها الإسلامي، كالتعاون والتعاضد في الأفراح والأتراح، وثقافتنا المحلية تتدرج في سلم الصعود، وتلعب الرواية السعودية والشعر والفن التشكيلي وضروب الإبداع الأخرى أدوارًا غير محسوسة، ولكنها حيوية مما يستدعي الدعم. في الأسبوع الماضي حضرتُ فعالية ثقافية بجامعة الملك عبدالعزيز، ولفت نظري مستوى الإبداع الثقافي من الطالبات، وحضرت خاطرة تعريف العالم بإبداعاتنا وفعالياتنا، وقد أحسنت جامعة الملك عبدالعزيز بأن وضعت هذه الفعالية تحت عنوان: (صنع بيدي)، وكان عنوانًا لافتًا كما مستوى الإبداع، وخاصة في الفن والرسم التشكيلي والخط العربي بمعانيه، والمضامين التي تهدف لتعزيز دور الثقافة في تقريب المجتمعات وانسجامها، وقد تعمّدتُ أن أؤكد على هذا الفهم من إفادة إحدى الطالبات المشاركات بحيث قالت: إن معظم لوحاتها وخطوطها تُجسِّد أقوالًا مأثورة من الصحابة، أو حِكمًا عربية وإسلامية، وأن مدلولات لوحاتها تستهدف نشر هذه المعاني بما يخدم السلام الاجتماعي والسلام العالمي، وهذا هو الدور المأمول من الفن التعبيري والتشكيلي في التقريب بين البشر، وتجسير العلاقات الإنسانية، وهذه هي أهمية فعالية جامعة الملك عبدالعزيز كنموذج ومثال يحتذى من المؤسسات المهتمة بالثقافة، فمن خلال الفن تنقل في سطر تاريخ طويل وعريض، وفي شكل تعبيري أو لوحة تنقل أبعاد جمالية تَنْفَذ بها إلى وجدان الإنسان، أيًّا كانت ثقافته أو اعتقاده. هذه الفعالية الثقافية اطلع عليها أفراد الوسط الجامعي، وبعض أصدقاء جامعة المؤسس، إلاّ أن المبادرة في حد ذاتها تستحق تسليط الضوء بالنشر والتعريف، كما أن دور وزارة الثقافة مهم لنقلها لدوائر متابعة أوسع بالتغطية الإعلامية لتصل للمجتمع، وإن أمكن لمستوى عالمي. دور الوزارة مطلوب في رعاية إبداع طلابنا وطالباتنا محليًا على نحو ما هو مطلوب عالميًّا، ودعم مبادرات الطلاب؛ فيه تشجيع لروح السلام والتبشير به بينهم. إن للإبداع أدوارًا تتسع لمنافع مرئية وغير مرئية، مثلما تتسع لتوفير مناعة للمجتمعات من الغزو الثقافي الذي يحاصرنا وشعوب المنطقة عبر بث فضائي وتواصل اسفيري جارف.

مشاركة :