جناحا السلطة في إيران يكتفيان بتبادل إلقاء اللوم والاتهامات بالمسؤولية عن المظاهرات مع اتساع نطاقها لتشمل أكثر من مدينة إيرانية.العرب [نُشر في 2018/01/02، العدد: 10857، ص(7)]الانتفاض على كل أجنحة النظام طهران - قتل عشرة أشخاص الأحد خلال احتجاجات بإيران وحاول متظاهرون مسلحون الاستيلاء على مراكز للشرطة وقواعد عسكرية لكن قوات الأمن وقفت لهم بالمرصاد، وفق ما نقل التلفزيون الرسمي. وأثارت دعوات للمزيد من المظاهرات في البلاد الاثنين احتمال إطالة أمد الاضطرابات. وتعد إيران منتجا كبيرا للنفط في أوبك وقوة إقليمية، لكن يعاني أهلها من نسبة فقر عالية وتضرر مؤخرا عدد كبير من عائلات الطبقة المتوسطة بسبب سياسة التقشف في وقت تصرف فيه البلاد المليارات على أذرعها العسكرية في الخارج مع تدخل البلاد بقوة في سوريا والعراق في إطار منافسة السعودية على النفوذ في المنطقة، الأمر الذي يعد السبب الرئيسي في هذا الانفجار الشعبي غير المعتاد، إذ يرغب الإيرانيون بأن يوفر قادتهم الوظائف بدلا من خوض حروب مكلفة بالوكالة. *ضحايا شركات التمويل المفلسة في الواقع، لم تبرز هذه الاحتجاجات بين ليلة وضحاها، ففي عام 2016 نظّم الضحايا الذين فقدوا مدخراتهم في شركات التمويل المفلسة التي تجاوز عددها 6 آلاف شركة، مظاهرات احتجاجية في طهران خاصة والعديد من المدن الأخرى، رافعين أصواتهم وموجهين انتقادات شديدة اللهجة للحكومة الإيرانية. ولم تتدخل قوات الأمن ضد مظاهرات ضحايا شركات التمويل الإيرانية المفلسة والذين تقدر أعدادهم بعدّة ملايين، طالما أنها لم تقترب من المؤسسات الحكومية. وشكل ضحايا الشركات المفلسة الغالبية العظمى من المواطنين المشاركين في المظاهرات الأخيرة، لكن هذه المرة حظيت المظاهرات بدعم الطبقات الفقيرة من المجتمع والمجموعات السياسية المعارضة. كما شكلت المطالبة بتحسين الظروف المعيشية في البلاد والاحتجاج على الفقر والبطالة والأوضاع الاقتصادية السيئة؛ الأهداف الرئيسية للمتظاهرين، إضافة إلى انتقاد البنية المتداخلة للسياسة الخارجية مع الاقتصاد في إيران. *المظاهرات تتمدد غالبية الشركات المفلسة سابقة الذكر، مملوكة لشخصيات محافظة، كما أن أموال الشعب المودعة في هذه الشركات ذهبت مع الريح، دون أن يتحمل أحد المسؤولية. وقبلت الحكومة سداد ديون شركتي “قزوين” و”البورز” الخاضعتين لضمانات البنك المركزي الإيراني؛ وهو ما سوف يؤدي إلى ازدياد الإحباط بسبب عدم قبول الحكومة تغطية ديون الشركات الأخرى المفلسة، وزيادة انتشار المظاهرات. وسيواجه دفع تلك الديون من ميزانية الدولة باعتراض قطاعات أخرى من المجتمع، فضلا عن أن الحكومة لا تستطيع تغطية جميع هذه الديون بسبب النقص الحاد في الموارد المالية. ووصفت الحكومة الإيرانية الاحتجاجات بأنها “غير قانونية”، في الوقت الذي تناقش فيه إيران سيناريوهات عديدة بشأن منظمي المظاهرات. *المظاهرات تستهدف جناحي السلطة شهدت إيران في 2009 مظاهرات لدعم الجناح الإصلاحي، إلا أن المظاهرات في الأيام الأخيرة مختلفة تماما؛ فهي تستهدف جناحي السلطة الإصلاحيين والمحافظين. وعلى الرغم من كل شيء، فإن المظاهرات الحالية اكتسبت سياقا سياسيا وبدأت بالتطور في مشهد حمل مفاجآت غير متوقعة للسلطات السياسية. ومع اتساع نطاق المظاهرات في جميع أنحاء البلاد؛ اكتفى جناحا السلطة بتبادل إلقاء اللوم والاتهامات بالمسؤولية عن المظاهرات. وأظهرت الأحداث التي شهدتها إيران في السنوات الـ20-30 الماضية، أنه لا يمكن من المظاهرات اكتساب أبعاد سياسية على المستويات القانونية والاجتماعية والاقتصادية. ويمكننا القول إن التقارب الذي توقف بين جناحي السلطة في إيران (المحافظ والإصلاحي) خلال عهد الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني، قد أجج الاحتجاجات ضد كلا الجناحين على حد السواء.
مشاركة :